مصر: مساع برلمانية لتغليظ عقوبة الحبس في «جرائم التحرش»

واقعة تعدٍ على مريضة بـ«العناية الفائقة» ألقت بظلالها

TT

مصر: مساع برلمانية لتغليظ عقوبة الحبس في «جرائم التحرش»

ألقت واقعة تحرش أحد أفراد طاقم التمريض، بمستشفى حكومي في مصر، بفتاة في غرفة العناية الفائقة، عقب خضوعها لعملية جراحية، بظلالها على مجلس النواب المصري (البرلمان)، وطالبت نائبات بسرعة إصدار تشريعات تغليظ عقوبة الحبس في «جرائم التحرش».
يشار إلى أنه خلال السنوات الماضية، تعرضت كثير من الفتيات لمضايقات لفظية وجسدية في الأماكن العامة والخاصة، وسبق أن أقرت مصر تعديلاً قانونياً في يونيو (حزيران) من عام 2014، يعاقب مرتكب التحرش الجنسي بالسجن 6 أشهر على الأقل، أو بغرامة 3 آلاف جنيه (أي 167.5 دولاراً). وبموجب ذلك القانون، تم الحكم على أكثر من شاب بالسجن لسنوات، على رأسهم شباب أدينوا بالاعتداء على فتيات بميدان التحرير، بوسط القاهرة، في عام 2013.
وكانت سلطات التحقيق في مصر قد قررت حبس الممرض المتهم على ذمة التحقيقات في واقعة اتهامه بالتحرش بمريضة.
وعلى الرغم من أن كثيراً من الأسر تعتبر الإبلاغ عن جرائم التحرش ببناتهن «وصمة» تلاحقهن مستقبلياً، فإن الفتاة البالغة من العمر 18 سنة التي تم التحرش بها حررت بلاغاً بمعرفة ذويها بنقطة شرطة المستشفى (وهي مستشفى جامعية تقع في نطاق شرق القاهرة)، تتهم فيه ممرضاً بالمستشفى بالتحرش بها في غرفة العناية الفائقة وهي تحت تأثير المخدر إثر إجرائها عملية جراحية.
يشار إلى أن الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة التضامن الاجتماعي، تدعو بشكل متواصل ضحايا التحرش من النساء والفتيات إلى الإبلاغ عما يتعرضن له.
وطالبت النائبة مارجريت عازر، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب في مصر، بضرورة إصدار تشريع قانوني للحد من ظاهرة التحرش، لتكون هناك عقوبات رادعة على من يثبت عليه الوقوع في مثل هذه الأفعال المشينة، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أنه يجب أن يكون هناك تدرج في العقوبة، وفقاً لمدى فداحة الواقعة، خصوصاً لو حدثت في مكان مثل المستشفيات وغرفة «الإفاقة»، على أن تتزامن عقوبتا السجن والغرامة الكبيرة معاً.
من جهتها، أكدت النائبة عبلة الهواري، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أنها تعمل على إعداد تعديل تشريعي لجريمة التحرش لتصل مدة الحبس إلى 7 سنوات، على أن تصنف جريمة التحرش بأنواعها وصورها المختلفة، بحيث بكون لكل منها عقوبته الملائمة، مشيرة إلى أنه لا يمكن القبول بأن يحدث هذا مرة ثانية في مستشفى أو مدرسة أو مكان له قدسيته.
بينما قالت النائبة سوزي ناشد، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، إنها تقدمت من قبل بمشروع قانون لمكافحة ظاهرة التحرش، ويشمل تغليظ العقوبة على جريمة التحرش بالسجن من سنة إلى 7 سنوات، لكل من يثبت إدانته بجريمة التحرش، بالإضافة إلى الغرامة المالية التي تصل إلى 100 ألف جنيه، لافتة إلى أنه يجب أنه يكون هناك إبلاغ للجهات الأمنية بشكل فوري من قبل الفتيات اللاتي يتم التحرش بهن، وعدم السكوت عن هذه الوقائع.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».