ممثلو «النداء» في البرلمان التونسي يقاطعون جلساته

احتجاجاً على تجاوز خطير تقوم به هيئة الحقيقة والكرامة»

TT

ممثلو «النداء» في البرلمان التونسي يقاطعون جلساته

علقت الكتلة البرلمانية لحزب نداء تونس جميع أنشطتها في البرلمان التونسي، وأعلنت مقاطعة الجلسات العامة، احتجاجا على ما وصفته بـ«التجاوز الخطير الذي تقوم به هيئة الحقيقة والكرامة (هيئة دستورية) عبر الدعاوى التي رفعتها ضد مواطنين تمت محاكمتهم في وقت سابق»، وذلك في إشارة إلى إعادة محاكمة رفيق الحاج قاسم وأحمد فريعة، وزيري الداخلية في نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وفي سياق ذلك، عبر عدد من أعضاء الكتل البرلمانية الأخرى، مثل «كتلة حركة مشروع تونس» عن دعمها للقرار الذي اتخذه حزب النداء، والذي جاء بعد أيام من احتجاج عدد من الأحزاب السياسية العريقة الأخرى، من بينها حزب مشروع تونس وحزب آفاق تونس، على إعادة محاكمة مسؤولين سابقين صدرت في حقهم أحكام قضائية نهائية. لكن محمد بن سالم، نائب رئيسة الهيئة المذكورة، أوضح أن الهيئة لا تتحمل مسؤولية إثارة الدعاوى من جديد، مبرزا أن الأمر «يهم القضاء التونسي، ولا دخل للهيئة في هذا الجانب».
وفي هذا السياق، قال المنجي الحرباوي، المتحدث باسم حزب النداء، إن ما قامت به هيئة الحقيقة والكرامة يعد «سابقة تاريخية»، واتهم الحكومة بالاتفاق على تمديد أشغالها إلى نهاية السنة الحالية، على الرغم من رفض البرلمان مبدأ التمديد في الجلسة العامة التي عقدت في 31 من مايو (أيار) الماضي.
وأضاف الحرباوي أن التمديد «الضمني»، الذي قامت به الحكومة يعد غير قانوني، ودعا الحكومة إلى احترام قرار البرلمان وإنهاء أشغال هيئة الحقيقة والكرامة، وإيقاف متابعة 1500 تونسي مهددين بإعادة محاكمتهم من جديد في قضايا مختلفة.
على صعيد آخر، قال سفيان الزعق، المتحدث باسم وزارة الداخلية، إن الاحتجاجات التي عرفتها منطقة سيدي حسين بالضاحية الغربية للعاصمة، أدت إلى اعتقال 27 شخصا على خلفية الأحداث، التي تلت تشييع جنازة الشاب أيمن العثماني، الذي توفي برصاص دورية تابعة لإدارة الجمارك. كما سجلت المصادر الأمنية إصابة ستة من رجال الشرطة بإصابات متفاوتة بعد تعرّضهم للرشق بالحجارة.
كما كشف الزعق عن اعتقال 46 شخصا في البداية، قبل أن يتم إطلاق سراح 19 منهم، وذلك على خلفية أعمال نهب وسرقة ارتكبت في المنطقة المعروفة باحتضانها لتمركز أبناء الأحياء الشعبية الفقيرة. وكان القضاء التونسي قد أمر بتوقيف أربعة من رجال الأمن على ذمة التحقيق في الحادث الذي خلف مقتل الشاب العثماني، بعد إصابته برصاصة أثناء مداهمة دورية تابعة لأمن الجمارك مستودعا للتهريب في منطقة سيدي حسين السيجومي (غرب العاصمة).



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.