عبد المهدي يقدّم برنامج حكومته ويتعهد بمحاسبة «الوزارات المتلكئة»

الصدر يرفض «التصويت السري» ويتمسك بحكومة «تكنوقراط»... ومكوّن سنّي أول المنضمين إلى المعارضة في البرلمان

رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوصي في مقر البرلمان ببغداد أمس (رويترز)
رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوصي في مقر البرلمان ببغداد أمس (رويترز)
TT

عبد المهدي يقدّم برنامج حكومته ويتعهد بمحاسبة «الوزارات المتلكئة»

رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوصي في مقر البرلمان ببغداد أمس (رويترز)
رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوصي في مقر البرلمان ببغداد أمس (رويترز)

ألزم رئيس الوزراء العراقي المكلّف، عادل عبد المهدي، نفسه، بعدم السفر إلى خارج البلاد قبل إنجاز المراحل الأولى للمهام السريعة المدرجة ضمن برنامجه الحكومي، في وقت جدد فيه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، تمسكه بحكومة «تكنوقراط» من المستقلين، رافضاً التصويت السري الذي دعا إليه أكثر من 120 نائباً، بسبب عدم استيزار النواب في الحكومة الجديدة.
وقال عبد المهدي في برنامج حكومته الجديدة، الذي قدمه أمس الأربعاء إلى البرلمان العراقي، الذي شرع في قراءته وتقييمه قبيل جلسة منح الثقة: «إننا ننوي عدم السفر خارج البلاد، قبل التأكد من إنجاز المراحل الأولى للمهام السريعة للمنهاج على الأقل». وأضاف: «كما ننوي الحضور في ميادين العمل والمحافظات المختلفة، لنشارك أبناء شعبنا أفراحهم وأتراحهم وهمومهم ومشكلاتهم وحماسهم ونشاطاتهم».
كما حدد عبد المهدي 3 فترات زمنية لتنفيذ البرنامج الحكومي. وقال في البرنامج الذي يقع في 120 صفحة، إن الزمن المحدد لكل عنصر من عناصر هذا المنهاج يتراوح بين «سريع» ويعني من 3 إلى 6 أشهر، و«متوسط» ويعني من 7 إلى 18 شهراً، و«طويل» من 19 إلى 48 شهراً أو أكثر. وأضاف: «سيطلب من الوزارات في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء الجديد دراسة بياناتها بسرعة ودقة وعمق، لتحديد المدد الزمنية بدقة أكبر، والتعهد بالوفاء بها؛ لتوضع ضمن برنامج وزاري تفصيلي ينطلق من هذا المنهاج، مع إطار عمل لرصد التقدم المحرز، وتقييم عمل الوزارات والهيئات المسؤولة بشكل دوري منتظم».
وتعهد رئيس الوزراء المكلف بمحاسبة الوزارات المتلكئة في أول 100 يوم من عمل حكومته، قائلاً إن «النقاط المطروحة في المنهاج الحالي... تعكس إشارات سريعة إلى منهاج الوزارة وفلسفتها المطروحة لنيل ثقة مجلس النواب، آملين أن تتقدم الحكومة ببرنامج مفصل منسجم مع هذا المنهج الوزاري المطروح، تعده الوزارات المختلفة خلال الأيام الـ100 الأولى، وتلتزم بتطبيقه، وتحاسب بموجبه خلال العهد الوزاري».
وأكد: «إننا لن نتساهل مع أي عملية غير قانونية جرت عند تشكيل الحكومة أو بعد تشكيلها، لنيل المواقع أو لغرض استغلالها لغير الخدمة العامة، وذلك مهما كانت أهمية الشخص والموقع، وسنتخذ إجراءات فورية صارمة بحق من قام أو يقوم بذلك».
إلى ذلك، انتقد الخبير الاقتصادي العراقي باسم جميل أنطوان المنهاج الحكومي الذي قدمه عبد المهدي. وقال أنطوان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك عدم وضوح رؤية في هذا البرنامج» الذي رأى أنه يجمع رؤى من برامج حكومية سابقة. وأضاف أن «البرنامج الذي يقع في نحو 120 صفحة لا يبدو أنه ينطوي على شيء جديد؛ حيث إن كل ما ذُكر فيه إنما تم تناوله في برامج الحكومات السابقة، دون تحديد آليات صحيحة للتنفيذ، في ظل جهاز إداري لا يزال فاشلاً ومتضخماً، وهو ما ينبغي إصلاحه أولاً قبل الحديث عن التقدم في الملفات الأخرى، بما فيها الاقتصادية والخدمية والتنموية بشكل عام». وأوضح الخبير الاقتصادي العراقي أنه «ما لم يضع عبد المهدي خطة واضحة وشجاعة لمحاسبة العناصر الفاسدة في الوزارات، فلن يتمكن من تطبيق ما يعد به عبر هذا البرنامج؛ لأن من غير المنطقي أن من خرّب الدولة يمكن أن يبنيها».
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد أعلن رفضه للتصويت السري الذي دعا إليه أكثر من 120 نائباً بسبب عدم استيزار النواب في الحكومة. وقال الصدر في تغريدة له: «كلا للتصويت السري، وكلا لتقاسم المغانم، وكلا للمحاصصة الطائفية، وكلا للمحاصصة العراقية، وكلا للوجوه القديمة، وكلا للهيمنة الخارجية، وكلا للفساد والفاسدين، وكلا لهجران الشعب». وأضاف: «الشعب يريد إصلاح النظام من خلال حكومة أبوية نزيهة، بأفراد (تكنوقراط) مستقلين، يشرف عليها رئيس الوزراء المكلف، ومن دون ضغوطات من الأحزاب والكتل»، داعياً الكتل السياسية إلى «رفع أيديها؛ لأن الشعب يتطلع للحرية والكرامة، ولن يسكت».
إلى ذلك، أكد المستشار القانوني أحمد العبادي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الدستور العراقي لم يحدد طريقة التصويت، سراً أو علناً، على الكابينة الوزارية لرئيس مجلس الوزراء المكلف». وأضاف أن الدستور في المادة 76، البند الرابع، ينص على ما يلي: «يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف، أسماء أعضاء وزارته، والمنهاج الوزاري، على مجلس النواب، ويعد حائزاً ثقته، عند الموافقة على الوزراء منفردين، والمنهاج الوزاري، بالأغلبية المطلقة». وأضاف أن الدستور أكد على أن «المنهاج الوزاري يحال إلى لجنة خاصة يرأسها أحد نائبي رئيس المجلس، لإعداد تقرير يقدم للمجلس قبل التصويت عليه، كما تعد الوزارة حائزة على ثقة المجلس عند الموافقة على الوزراء منفردين والمنهاج الوزاري بالأغلبية المطلقة».
وفي أول رد فعل على ما يتردد عن عدم وجود توازن في توزيع الوزارات، أعلن تحالف «القرار العراقي» بزعامة القيادي السنّي أسامة النجيفي، عن تحفظه على التشكيلة الحكومية لعادل عبد المهدي، والمنهاج الوزاري لها، حاجزاً بذلك أول مقعد للمعارضة في البرلمان. وقال التحالف في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «تجربته مع الشركاء سادها شرخ قوامه فقدان التشاور وغياب الرؤية المشتركة في عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وبرنامجها ومنهاجها الوزاري». وأضاف أن «شعار إبعاد الفاسدين بقي شعاراً من غير جذور؛ بل الأنكى أن الكتل السياسية التي تواترت المعلومات بشأن فسادها قد كوفئت، وتم شرعنة الأساليب اللاقانونية عبر التعامل مع الجهات التي قامت بشراء بعض النواب وسرقتهم بناء على مال أو وعود، ما يعني شراء إرادة الناخب العراقي ومخالفة قراره، عبر أساليب جوهرها التلاعب». وأشار البيان إلى أن «التحالف يؤكد أن تمثيل المكوّن السنّي في الحكومة تمثيل ناقص وأحادي الجانب، فعلى عكس ما أوردته المعلومات بأن الوزارات الست للمكوّن ستوزع على ممثلي المكوّن في تحالف الإصلاح والإعمار وتحالف البناء، فإن الواقع يشير إلى أن الوزارات الست ذهبت لممثلي المكون في تحالف واحد (هو) تحالف البناء، وغابت كتل سياسية وتحالفات عن أي تمثيل لها في الحكومة». وتابع بأنه «يتحفظ على هذا التشكيل والمنهاج الوزاري للأسباب التي أوردها، ويؤكد أنه غير مشارك في تشكيل الحكومة، وسيشكل جبهة معارضة إيجابية تعتمد على مراقبة الأداء الحكومي، وتقييم هذا الأداء بحسب تطور الأمور والأحداث».



وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
TT

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)

ناقشت اللجنة الوزارية الخماسية بشأن غزة، الأربعاء، مع ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، خطة إعادة إعمار القطاع التي أقرتها القمة العربية الطارئة في القاهرة بتاريخ 4 مارس (آذار) الحالي.

جاء ذلك خلال اجتماع استضافته الدوحة، بمشاركة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، والشيخ محمد بن عبد الرحمن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، والدكتور أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، والدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، وخليفة المرر وزير الدولة بوزارة الخارجية الإماراتية، وحسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وبحث المشاركون تطورات الأوضاع في غزة، واتفقوا على مواصلة التشاور والتنسيق بشأن الخطة كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع، بحسب بيان صادر عن الاجتماع.

بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)

وأكد الوزراء العرب أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددين على ضرورة إطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

وجدَّدوا تأكيد الحرص على استمرار الحوار لتعزيز التهدئة، والعمل المشترك من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، عبر تكثيف الجهود الدبلوماسية، والتنسيق مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.

وسبق الاجتماع لقاء للوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني، في الدوحة، بحثوا خلاله «سبل الترويج وحشد التمويل للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، لا سيما في ظل استضافة مصر للمؤتمر الدولي لإعادة الإعمار بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية، وبحضور الدول والجهات المانحة»، بحسب الخارجية المصرية.

من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)

كان الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة (غرب السعودية)، الجمعة الماضي، قد أكد دعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، مع التمسُّك بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات أعقبت «اجتماع جدة»، إن الخطة أصبحت عربية - إسلامية، بعد تبنّي واعتماد «الوزاري الإسلامي» جميع مخرجات «قمة القاهرة»، مؤكداً السعي في الخطوة المقبلة لدعمها دولياً، عبر تبنيها من قِبل الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية؛ كاليابان وروسيا والصين وغيرها، للعمل على تنفيذها.

بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)

وأشار الوزير المصري إلى تواصله مع الأطراف الدولية بما فيها الجانب الأميركي، وقال إنه تحدّث «بشكل مسهب» مع مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط عن الخطة بمراحلها وجداولها الزمنية وتكاليفها المالية. وأضاف أن ويتكوف تحدث عن عناصر جاذبة حولها، وحسن نية وراءها.

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، في بداية اجتماع بالبيت الأبيض مع رئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن: «لن يطرد أحد أحداً من غزة».

من جهته، دعا رئيس الوزراء الآيرلندي خلال لقائه ترمب، إلى وقف إطلاق النار في غزة، وقال: «نريد السلام، نريد إطلاق سراح الرهائن»، مضيفاً: «يجب إطلاق سراح جميع الرهائن، ويجب إدخال المساعدات إلى غزة».