بوتين يحذّر واشنطن من عواقب الانسحاب من المعاهدات النووية

قال إنه سيرد بالمثل على الإجراء الأميركي غداة لقائه بولتون

بوتين يتحدث مع رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي في الكرملين أمس (أ.ف.ب)
بوتين يتحدث مع رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي في الكرملين أمس (أ.ف.ب)
TT

بوتين يحذّر واشنطن من عواقب الانسحاب من المعاهدات النووية

بوتين يتحدث مع رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي في الكرملين أمس (أ.ف.ب)
بوتين يتحدث مع رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي في الكرملين أمس (أ.ف.ب)

اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، أن انهيار معاهدات نزع الأسلحة يمكن أن يطلق سباقاً جديداً للتسلح بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أنه يريد الانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى الموقّعة إبّان الحرب الباردة.
وقال بوتين إنه إذا تخلّت الولايات المتحدة عن معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، ورفضت تجديد الاتفاق المعروف باسم «نيو ستارت»، فقد يصبح «الوضع شديد الخطورة». وأضاف أنه «لن يبقى سوى السباق على التسلح». وأضاف أنه في حال الانسحاب الأميركي، فإن روسيا «سترد بالمثل وستفعل ذلك بشكل سريع وفعال»، كما نقلت وكالة «رويترز». وتابع بوتين: «إذا انسحبت الولايات المتحدة من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، فإن السؤال الرئيسي هو: ما الذي سيفعلونه بهذه الصواريخ المتاحة حديثاً؟ إذا كانوا سيرسلونها إلى أوروبا، فسيكون ردّنا بطبيعة الحال مماثلاً لذلك». وجاءت تصريحات الرئيس الروسي بعد يوم من لقائه مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جون بولتون، في موسكو، وإعلان الأخير عن التوصل إلى اتفاق على عقد قمة روسية - أميركية الشهر المقبل.
ورغم أن الكرملين كان قد أعلن قبل زيارة بولتون أنه لا يتوقع أن تخرج المحادثات معه بـ«اختراق»، لكن الملفات الخلافية التي سيطرت على لقاءات بولتون مع المستويين السياسي والعسكري في روسيا لم تحُلْ دون توصله إلى تفاهم مع الرئيس الروسي حول ضرورة عقد لقاء جديد «وجهاً لوجه» مع ترمب، لإعادة دفع الاتفاقات السابقة التي تم التوصل إليها في القمة الروسية الأميركية في هلنسكي قبل 3 أشهر، ولوضع آلية جديدة لدفع الحوار بين البلدين في الملفات الخلافية المتصاعدة التي زاد من تفاقمها إعلان واشنطن نية الانسحاب من معاهدة تقليص الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى أخيراً.
وبالتوازي مع الاتفاق على عقد القمة الجديدة التي ينتظر أن تجمع الرئيسين في باريس على هامش فعالية كبرى في 11 من الشهر المقبل، حافظت لهجة المسؤولين الروس على حدتها في انتقاد القرار الأميركي حول المعاهدة الصاروخية، خصوصاً مع تعزيز القناعة لدى الكرملين بأن ترمب «لم يطلق تلك العبارات حول الانسحاب لتحسين موقف تفاوضي، بل هو راغب فعلاً في تنفيذ وعيده»، وفقاً لمصدر دبلوماسي روسي.
وبرز ذلك بجلاء في حديث الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف، أمس، عندما أعرب عن قناعة بأن «الولايات المتحدة قد اتخذت قراراً نهائياً حول انسحابها من معاهدة إزالة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى». وأوضح في حديث مع الصحافيين: «كما فهمنا، فإن الجانب الأميركي قد اتخذ قراره وسيبدأ عملية الانسحاب من المعاهدة في المستقبل القريب».
كما حذر من «التوجه الخطر» للسياسة الأميركية، وقال إن إعلان ترمب انسحابه من المعاهدة «يعادل الإعلان عن نية الدخول في سباق تسلح جديد، الأمر الذي يجعل العالم أكثر خطراً». وجدد الكرملين التلويح بأن موسكو سترد على الإجراء الأميركي بشكل «فوري وعاجل» وفقاً لتعبير استخدمه الرئيس فلاديمير بوتين في وقت سابق، وكرره بيسكوف أمس، مؤكداً أن «روسيا سوف تهتم بمصالحها وبمتطلبات الأمن القومي الروسي في هذه الحال».
وعلى خلفية السجالات المتواصلة، تجنب بيسكوف تأكيد ما إذا كان بوتين ينوي تلبية دعوة الرئيس الأميركي لزيارة واشنطن العام المقبل، لكنه أكد استعداد موسكو «من حيث المبدأ» لمواصلة الحوارات مع الجانب الأميركي. وزاد: «طبعاً نحن جاهزون. وتم تناول مسألة تبادل الزيارات بشكل غير مباشر. لكن لا توجد هناك أي قرارات ملموسة بهذا الشأن».
ولم يستبعد بولتون احتمال زيارة بوتين لواشنطن العام المقبل، على أن يتم بعدها ترتيب زيارة ترمب لموسكو. وكانت لهجة بوتين قوية خلال محادثاته مع بولتون أول من أمس، إذ انتقد قرار إعلان الانسحاب من المعاهدة الصاروخية، وقال إنه لا يتماشى مع الروح التي اتفق عليها الرئيسان خلال قمتهما في هلنسكي.
وفي مستهل اللقاء، قال بوتين إنه «يرى مفيداً أن يبحث مع بولتون القضايا المتعلقة بالأمن الاستراتيجي ونزع السلاح والنزاعات الإقليمية. خصوصاً أن موسكو على علم بنية الولايات المتحدة الانسحاب من معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى من جانب واحد، وعن شكوك الإدارة الأميركية بشأن تمديد معاهدة تقليص الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، إضافة إلى خطط واشنطن لنشر عناصر درعها الصاروخية في الفضاء الكوني».
وأبدى استغراباً لما وصفها بـ«خطوات غير ودية» اتخذتها واشنطن أخيراً. لكن بوتين في المقابل تجنب التصعيد، وزاد: «نحن لا نرد عملياً على أي خطوة منكم، لكن كل ذلك مستمر كأنه لا نهاية له»، مؤكداً أنه مستعدّ لمواصلة الحوار مع ترمب لتذليل الخلافات بتأكيد أن الحوار بين موسكو وواشنطن سيكون مفيداً، وزاد: «على الرغم من الخلافات الموجودة بيننا بسبب المصالح القومية لكلٍّ من بلدينا، فمن المفيد جداً أن نلتقي ونوجد نقاط التقاء قد تكون مفيدة لطرفينا».
ومن اللافت أن بولتون لم يتردد في ختام زيارته في إعطاء انطباع بأن موسكو لن تتمكن من القيام بخطوات واسعة على القرارات الأميركية حول الانسحاب من معاهدات موقَّعة، إذ قلل في حديث مع الصحافيين من أهمية «التصعيد الإعلامي». وقال رداً على سؤال عما إن كانت الإجراءات الأميركية ستؤدي إلى سباق تسلح جديد: «لقد كنت هنا في موسكو منذ 17 عاماً في أثناء خروج الولايات المتحدة من اتفاق الدرع الصاروخية، ولقد سمعنا الكثير من هذه التصريحات في ذلك الوقت». وقال إنه لا يتفق مع موقف روسيا بأن «انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة سيجعل العالم أكثر خطورة».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».