نتنياهو يؤيد حلاً على أساس كيان أكبر من حكم ذاتي وأقل من دولة

فرنسا أبلغت ترمب بعزمها تقديم مبادرتها الخاصة إن تأخر في إعلان خطته

TT

نتنياهو يؤيد حلاً على أساس كيان أكبر من حكم ذاتي وأقل من دولة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنه مستعد لقبول شيء من الاستقلال الفلسطيني، بشرط أن يكون «أقل من دولة، وأكثر من حكم ذاتي».
وأضاف نتنياهو، أمس الأربعاء، أن «الحل الأفضل للصراع مع الفلسطينيين، هو منحهم القدرة على حكم أنفسهم، من دون أن يستطيعوا تهديد أمن إسرائيل». جاء ذلك في خطاب ألقاه نتنياهو في مؤتمر الجاليات اليهودية في أميركا الشمالية، المنعقد في مدينة تل أبيب، قال خلاله أيضا: «يجب على إسرائيل الاحتفاظ بالمسؤولية الأمنية عن الضفة الغربية». وعندما سئل إن كان قد تراجع عن حل «الدولتين للشعبين»، الذي تعهد به سنة 2009، وصف نتنياهو الكيان الفلسطيني المستقبلي الذي يقبل به، بأنه «أقل من دولة وأكثر من حكم ذاتي». وزعم بأن التجربة مع قطاع غزة جعلته يرفض أن يتخلى الجيش الإسرائيلي عن الوجود في الضفة الغربية. وقال: «لقد انسحبنا عام 2005 من قطاع غزة، فأصبح مرتعا للإسلام المتطرف. فإذا فعلنا ذلك في الضفة، فسوف تسقط السلطة الفلسطينية، ويكون مصيرها مشابها لحالة القطاع».
وكانت مصادر سياسية في تل أبيب، قد كشفت، أمس، أن الرئيس ترمب تفوه مؤخرا، بتصريح قال فيه، إنه مستعد لممارسة ضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لقبول خطة السلام الأميركية، المتوقع الإعلان عنها بعد أشهر. ووفقا للقناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، فقد قال ترمب، خلال لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جرى على هامش اجتماعات الجمعية العمومية في نيويورك الشهر الماضي، إنه يستطيع أن يكون حازما وصلبا في تعامله مع نتنياهو مثلما فعل مع الفلسطينيين، مستذكرا نقل السفارة إلى القدس، وتقديم خمسة مليارات دولار سنويا إلى إسرائيل (المبلغ هو 3.8 مليار دولار وليس خمسة). وأضافت القناة، التي اعتمدت على مصادر غربية، أن ماكرون قال إن الانطباع لديه هو أن نتنياهو لا يرغب حقا في دفع المسيرة السلمية قدما، وإنما يسعى فقط إلى الحفاظ على الوضع القائم. فأجاب ترمب بأنه قريب من التوصل إلى الاستنتاج ذاته.
ومن جهة أخرى، كشف مسؤول إسرائيلي كبير، أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تعتقد أنه إذا لم يقدم الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، خطته للسلام في الأسابيع الأولى بعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، في نوفمبر (تشرين الثاني)، فإن الرئيس الفرنسي سيقدم مبادرة سلام خاصة به.
ونقل مصدر برلماني إسرائيلي عن نائب مدير عام وزارة الخارجية للشؤون السياسية، ألون أوشبيز، قوله: «إن وزارة الخارجية لا تعرف ما هي خطة سلام ترمب. ولكن، وإلى جانب القلق من خطة السلام هذه، تشعر تل أبيب بالقلق من المبادرة السياسية التي تختمر في قصر الإليزيه». وأضاف، إن معلومات وصلت إلى عدد من المسؤولين الإسرائيليين، نقلا عن دبلوماسيين فرنسيين، أنه في نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي، أصدر ماكرون تعليمات لوزارة الخارجية في باريس، بإعداد أفكار لمبادرة سياسية جديدة بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ثم أخبر ماكرون مستشاريه أنه «لا ينبغي السماح لهذه القضية بالخروج من جدول الأعمال».
ووفقاً للنواب الذين حضروا الاجتماع السري للجنة الخارجية والأمن في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، لمح أوشبيز، إلى أنه من المتوقع أن يفوز الديمقراطيون في انتخابات مجلس النواب الأميركي، وأنه بعد الانتخابات سيتغير الواقع في واشنطن بشكل كبير فيما يتعلق بإسرائيل. وقال أوشبيز: «الأمور لن تكون كما كانت من قبل. وستكون هناك تداعيات بالنسبة لإسرائيل، ويجب علينا الاستعداد لذلك». كما أشار أوشبيز إلى أن «إسرائيل تخسر مزيدا ومزيدا من الدعم بين الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة». وطلب من أعضاء الكنيست أن يجتمعوا مع الجاليات اليهودية في رحلتهم إلى الولايات المتحدة، وقال: «لسنا في حالة جيدة».
ووفقاً لأعضاء الكنيست الذين شاركوا في الاجتماع، أشار أوشبيز أيضاً، إلى الأزمة في العلاقات مع الأردن، وقال إن إسرائيل ليس لديها أي وسيلة لتهديد الأردن وممارسة الضغط عليه، مضيفا: «لدينا أطول حدود مع الأردن. هذه علاقات استراتيجية ويجب علينا حمايتها واتفاق السلام بأي ثمن».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.