مراوحة في مشاورات الحكومة... والحريري يرفض التنازل من «حصته»

«القوات»: لا نقبل إحراجنا بعروض مرفوضة

«كتلة المستقبل» النيابية اجتمعت أمس برئاسة رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري (دالاتي ونهرا)
«كتلة المستقبل» النيابية اجتمعت أمس برئاسة رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري (دالاتي ونهرا)
TT

مراوحة في مشاورات الحكومة... والحريري يرفض التنازل من «حصته»

«كتلة المستقبل» النيابية اجتمعت أمس برئاسة رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري (دالاتي ونهرا)
«كتلة المستقبل» النيابية اجتمعت أمس برئاسة رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري (دالاتي ونهرا)

تراوح مشاورات عملية تأليف الحكومة اللبنانية مكانها من دون تسجيل أي خرق يذكر على خط تذليل العقد الأخيرة، ولا سيما تلك المتعلقة بحصة «حزب القوات اللبنانية» وتمثيل «سنة 8 آذار».
ورفض الحريري، أمس، في دردشة مع الصحافيين، الحديث عن تجميد عملية التأليف أو تخليه عن وزارة لصالح «سنة 8 آذار»، بالقول «لا أعرف من أين جاء الحديث عن تخلّي تيار المستقبل عن إحدى حقائبه الوزارية».
وفي حين ينتظر «القوات» الرد على ما طرحه من أفكار جديدة على الحريري في اللقاء الذي جمعه مع وزير الإعلام، ملحم رياشي، ومدير مكتب رئيس «القوات»، سمير جعجع، مساء أول من أمس ليبنى على الشيء مقتضاه، بحسب ما قالت مصادره لـ«الشرق الأوسط»، جدّد الحزب أمس التأكيد عبر بيان مفصل، أنه ليس عقبة أمام تأليف الحكومة، رافضاً إحراجه بعروض غير مقبولة بغية إخراجه.
ويأتي ذلك، في وقت قالت مصادر متابعة للمشاورات لـ«الشرق الأوسط»، إنها ترجح تفاقم أزمة تمثيل «سنة 8 آذار»، في ضوء الإشارات السلبية التي أطلقها الحريري؛ ما يعني رفضه الطرح الذي ينص على مبادلة بينه وبين عون، بحصوله على وزير مسيحي مقابل حصول عون على وزير سنّي.
ومع ترجيح المصادر تعقيد الأمور أكثر حيال هذا الموضوع في الأيام المقبلة، رفض وزير الإعلام، ملحم رياشي، محاولة تحجيم «القوات»، وأكد أنها قدمت تسهيلات كثيرة والحكومة ليست متوقفة على حصتها، قائلاً «من يريد أن يحجّم القوات يعرف نفسه. والقوات لن تحجّم».
واعتبر تكتل «لبنان القوي»، المؤيد لرئيس الجمهورية ميشال عون في اجتماعه الأسبوعي، أن «الطلبات الجديدة حيال الحصص الوزارية ليست بمحلها، وكل يوم تأخير في التشكيل يضر كل اللبنانيين». وأضاف «وزارة العدل ليست المشكلة؛ فهي عرفاً لرئيس الجمهورية، ومبدأ المداورة لم ينفذ في الداخلية والأشغال والمالية، ومن حق الرئيس الحصول على العدل لمساعدته على محاربة الفساد».
وأوضح رياشي بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري لوضعه في أجواء لقائه الأخير مع الحريري «النقاشات مفتوحة وتعرفون أن (القوات) لا تسعى وراء حقائب معينة ولم تسعَ يوماً إلى ذلك». وعن مطالب «القوات»، أجاب «لا نطالب بشيء. المهم ألا يكون هناك افتئات على (القوات اللبنانية) في حصتها ولا في حجمها السياسي ولا في وزنيها الاقتصادي والوزاري».
ورفض الحديث عن الوزارة التي سيحصلون عليها قائلاً «لن أجيب، عما سنأخذ أو لا نأخذ. سأترك هذه الأمور في تكتم شديد حتى لا ينسب إلى (القوات) عن غير حق ما لم تقله. نحن سنكمل عملنا كما يجب. والحكومة ليست (واقفة علينا) لأننا لسنا من (يوقف) الحكومة. نحن نسهّل الأمور، ومستحيل أن تسهل القوات أكثر من ذلك، وهذا ما قلته للرئيس بري».
وحرص «القوات» على توضيح موقفه من المشاورات الحكومية ورفضه تحميله مسؤولية عرقلة التأليف، رافضاً تصوير «القوات» وكأنه المشكلة الوحيدة المتبقية على طريق تشكيل الحكومة. وقال في بيان صادر عن الدائرة الإعلامية، «لم تكن (القوات اللبنانية) لا في الأيام الأخيرة ولا في أي يوم من الأيام عقبة أمام تشكيل الحكومة، بل، ويا للأسف، شكّل مجرد وجوده في الحكومة العتيدة عقبة لبعض الأطراف؛ مما دفعهم إلى استنباط كل الوسائل الممكنة واجتراح الحجج الواهية على أنواعها لتعطيل أي تشكيلة يكون (القوات) ممثلاً على قدر حجمه الطبيعي فيها».
وأكد البيان عدم مطالبة «القوات» في أي يوم من الأيام بحقيبة معينة، ولا تمسكه بحقيبة أخرى، ولا وضع فيتو على تسلم أي حزب حقيبة بعينها، ولا اعترض على تسلم شخص معين حقيبة محددة، بل الآخرون هم الذين عكفوا على هذه الممارسات طيلة فترة التأليف.
وأوضحت الدائرة الإعلامية، «لقد وافق حزب القوات ومنذ الأسابيع الأولى للتأليف على كل ما كان يطرح عليه مع محاولته تصحيح الخلل أو الافتئات، عندما يكون هناك من خلل أو افتئات، لكنه بالمبدأ وافق على عروض عدة طرحت عليه ليعود ويفاجأ بتراجع المراجع المعنية عن هذه الطروحات، وأكبر مثال ما حدث أخيراً عندما طرح على (القوات) تسلم وزارة العدل في الوقت الذي لم يطالب به في أي مرحلة من المراحل بهذه الوزارة تحديداً، وبعدما قبل «القوات» بالعدل فوجئ بسحب الاقتراح نهائياً. من هنا، أضاف البيان «لم يطالب (القوات)، ولا يطالب بأي حقيبة بعينها، بل جوهر مطالبته يتصل بحسن تمثيله في الحكومة، انطلاقاً من نتائج الانتخابات الأخيرة، وهو حتى اللحظة لا يزال بانتظار تقديم عرض جديد لها».
وأضاف البيان «لا بد لنا من أن نوضح بأن ثمة عقبات فعلية في مكان آخر تقف عائقاً بوجه تشكيل الحكومة وتبرز إلى السطح، تارة من خلال ما يسمى بتمثيل (سنة 8 آذار)، وطوراً بوضع فيتوات غير مفهومة بتسلم بعض الوزراء حقائب معينة»، مشيراً إلى أنه سيكون هناك تتمّة للكلام إذا اقتضى الأمر.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».