بلعيد: نتيجة الانتخابات ليست محسومة بالضرورة للرئيس بوتفليقة

رئيس «جبهة المستقبل» الجزائرية المعارضة قال إن حظوظه في الفوز برئاسية 2019 {ستكون كبيرة لو تركوا الشعب ينتخب بحرية}

عبد العزيز بلعيد
عبد العزيز بلعيد
TT

بلعيد: نتيجة الانتخابات ليست محسومة بالضرورة للرئيس بوتفليقة

عبد العزيز بلعيد
عبد العزيز بلعيد

قال عبد العزيز بلعيد، مرشح الانتخابات الرئاسية في الجزائر، المرتقبة بعد خمسة أشهر، إن حظوظه للفوز بها «كبيرة شريطة أن يتركوا الشعب ينتخب بحرية، وأن تتوقف التجاوزات التي عهدناها في المواعيد الانتخابية»، في إشارة إلى أن الشخص الذي يدعمه الجيش عادة في الانتخابات هو من يكون رئيساً للبلاد.
وذكر بلعيد، رئيس حزب «جبهة المستقبل» المعارض، في مقابلة مع «الشرق الأوسط» جرت بمقر الحزب في العاصمة، أنه «لا يؤمن بشيء اسمه نتيجة محسومة مسبقاً لصالح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة»، في حال ترشح لولاية خامسة. والسبب، حسبه، هو أن النظام «لا يمكن أن يتورط بالتمديد للرئيس لأنه سيكون بحاجة إلى تعبئة شاملة للشعب لكي ينتخب الرئيس، لكن الشعب غير مستعد لكثرة المشكلات التي عجز النظام عن حلها خلال 20 سنة من حكم بوتفليقة»، مشيراً إلى أن الجزائر «ستواجه مشكلات أكثر تعقيداً لو رفض نظامها التغيير والتجديد. وسنتجه عندها إلى أزمة عنيفة لن يوقفها المجتمع المدني المقهور، ولا الطبقة السياسية التي تعاني من الضعف والهشاشة».
وحل بلعيد ثالثاً في ترتيب المترشحين لانتخابات 2014، إذ حصل على نسبة 3 في المائة من الأصوات، فيما فاز الرئيس بوتفليقة بـ81 في المائة من الأصوات، وجاء رئيس الحكومة سابقاً علي بن فليس في المركز الثاني بـ18 في المائة من الأصوات.
وحول حظوظه في الاقتراع السياسي المقبل، قال بلعيد: «للأسف، كل الناس تعلم أن الانتخابات في الجزائر مشبوهة. حظوظي كبيرة عند الشعب، ونحن نطالب فقط بأن يتركوه ينتخب بحرية. ومهما كان التخطيط محكماً لتزوير الاقتراع فقد تقع مفاجآت. الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لـ2018 ليست هي نفسها أوضاع 2014. والشباب تغير، وعلى النظام أن يكون ذكياً في التعامل معه. فهل يرضى أن ندخل في دوامة من المشكلات؟».
ويحتدم في الجزائر حالياً جدل كبير حول سجن خمسة جنرالات، بعد اتهامهم في قضية فساد مرتبطة بمصادرة سبعة قناطير من الكوكايين نهاية مايو (أيار) الماضي. وحول دلالات هذه القضية المثيرة، قال بلعيد إن «الفساد واقع مر مستشرٍ في كل مؤسسات الدولة، لكن الذي يشد انتباهي في هذه القضية هو أن السلطة انطلقت في محاربة الفساد فجأة، بعد 20 سنة من ممارسة الحكم! (فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة). حملة محاربة الفساد هذه غير مسبوقة، مع أنه توجد منذ سنوات طويلة مؤسسات وآليات حكومية مختصة في محاربة الفساد، ولا ندري ماذا كانت تفعل طول هذه المدة حتى تقي البلاد من هذه الفضائح المسيئة لسمعتها دولياً».
ويلاحظ مراقبون أن الأجهزة المكلفة بمحاربة الفساد ليست هي من حركت الدعوى القضائية ضد هؤلاء الجنرالات، بل مؤسسة الجيش هي من تابعتهم وأدخلتهم السجن. وحول هذا القضية، يقول مرشح الرئاسية: «الجيش في حد ذاته مؤسسة من مؤسسات الدولة، وفيه الصالح والطالح. وما يهمنا فيما حدث هو أن مشكلات كبيرة تحدث في الهيئات المهمة للبلاد. وكحزب فاعل في الحياة العامة، نطالب بالشفافية والوضوح فيما يخص القرارات التي تتخذ. أعتقد أنه لا أحد يخالفني الرأي عندما أقول إن الجيش هو المؤسسة الوحيدة التي ظلت صامدة في هذا البلد، ونحن نطالب أن يكون التعامل مع كل الضالعين في قضايا فساد بالمعيار نفسه، لا أن يتم إخفاء ملفات وملاحقة البعض والتشهير بهم، بينما يتم التستر على آخرين؛ نحن ضد التعامل مع الفساد بمقاييس مزدوجة».
وأضاف بلعيد موضحاً: «الفساد بلغ مستويات خطيرة، وسبق أن صرحت في تجمعاتي بأن أقوى الإمبراطوريات التي تهاوت عبر التاريخ كان الفساد سبب سقوطها. الفساد سرطان ينخر في جسد الجزائر، وآخر من شهد بذلك سفير فرنسا في الجزائر بانارد باجولي، الذي قال في مذكراته (صدرت حديثاً) إنه مندهش للمعدلات التي بلغتها الرشوة في الجزائر. فهذا الرجل أقام بيننا لمدة عامين، وكتب 30 صفحة عن الفساد في بلادنا! وفرنسا ليست هي وحدها من تحدثت عن الفساد عندنا. الولايات المتحدة أيضاً كتبت، وكثير من القوى الكبرى. وكل السياسيين في بلادنا متفقون على أن الفساد تعمم، وجرت محاكمات كثيرة بخصوص مشاريع ضخمة طالها الفساد، لكن المحاكمات لم تجرِ في إطار من الوضوح والشفافية».
وتابع بلعيد مستدركاً: «سجن الجنرالات يجرني إلى حادثة مصادرة أطنان الكوكايين. لقد كشفت هذه القضية المستويات التي بلغها الفساد في الدولة، ولكن ككل الفضائح الكبيرة، يتم التستر عن الفاعلين الحقيقيين، وتضيع الحقيقة وسط الضبابية والغموض. ويفترض بخصوص هذا الملف أن تخبرنا النيابة أولاً بأول عن تطوراته لأنه من حق الجزائريين أن يعلموا من يقف وراء تهريب 701 كلغ من الكوكايين من البرازيل إلى بلادنا، مروراً بإسبانيا. ولكن حذاري من اتهام كل المنتسبين للجيش بالفساد، فما اقترفه أي أحد منهم من جرم يبقى أفعالاً تخص صاحبها. وحذار من أن تتحول هذه القضايا إلى تصفية حسابات سياسية».
وبخصوص عزل رئيس البرلمان سعيد بوحجة من طرف الأغلبية البرلمانية التي ينتمي إليها، قال رئيس «جبهة المستقبل»: «السيد بوحجة ينتمي لحزب جبهة التحرير الوطني الذي يقول إن رئيس الجمهورية هو رئيسه، والحكومة هي من هذا الحزب. أليس غريباً أن يقع البرلمان في حالة انسداد، بينما بين يدي السلطة كل أوراق اللعبة السياسية؟ ما ألاحظه هو أن رئيس البرلمان لم يرتكب جرماً، ولا أي خطأ سياسي يحاسب عليه. وإذا حاسبوه بسبب مشكل داخلي في حزبه، فما كان ينبغي أن يصل الخلاف إلى البرلمان. بأي حق يتصرفون في مصير البرلمان؟ هل لأنهم يملكون الأغلبية؟ البرلمان ملك للشعب الجزائري، وليس للأغلبية. وبالتالي، لا يمكن لها أن تتصرف فيه وكأنه مؤسسة تابعة للحزب. للأسف، الأشخاص المسؤولون يتصرفون في المؤسسات التي يقودونها وكأنها ملك لهم. تمنيت شخصياً لو كان الصراع في البرلمان سياسي يقوم على مبادئ؛ صراع حول مشاريع اقتصادية وسياسية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.