الكرملين لا يتوقع «اختراقاً» في القمة الرباعية

TT

الكرملين لا يتوقع «اختراقاً» في القمة الرباعية

أكد الكرملين أنه لا يتوقع تحقيق تقدم كبير لتقريب وجهات النظر خلال القمة الرباعية التي تجمع في إسطنبول السبت المقبل زعماء روسيا وتركيا وفرنسا وألمانيا لبحث الملف السوري.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن بلاده «لا تتوقع اختراقات» لكنه رحب في الوقت ذاته بـ«الصيغة الجديدة» للحوار مع بلدان أوروبية منخرطة في «المجموعة المصغرة» ورأى أنها تشكل «منصة جيدة لضبط الساعات». وأكد بيسكوف أمس، توقعات روسية سابقة بأن القمة لن تكون قادرة على وضع حد للتباين في المواقف حيال ملفات التسوية السورية، مشددا على أنه «من الخطأ، على ما يبدو، الحديث عن أن القمة تُعقد بهدف التوصل إلى اتفاقات محددة». وأوضح أنه «من البديهي أن الأمر ليس كذلك، وعلينا أن نكون واقعيين بهذا الشأن. لكن إذا دار الحديث عن جهود لضبط ساعاتنا وإيجاد مجالات محتملة لعمل مشترك، فإن اللقاء يشكل ساحة ممتازة لتحقيق هذه الأهداف».
ووصف بيسكوف القمة المرتقبة بأنها صيغة «جديدة ومنطقية جدا» نظرا لأنها تضم بلدين كبيرين في أوروبا وبلدين يتميزان بأكبر قدر من الانخراط في التطورات السورية على الأرض.
وكان الكرملين أكد في وقت سابق أن الرئيس فلاديمير بوتين سيقوم بزيارة عمل إلى تركيا، ليشارك في لقاء يجمعه مع زعماء تركيا وألمانيا وفرنسا. ومن المنتظر أن يعقد لقاءات منفردة مع كل من الزعماء الثلاثة. وأشار إلى أن الجهد الروسي ينصب على دفع عملية التسوية في سوريا وخطوات تعزيز الأمن، إضافة إلى مسألة عودة اللاجئين.
لافتا إلى أنه «سيجري تبادل للآراء حيال القضية السورية، بما في ذلك عملية التسوية السياسية في سوريا وخطوات تعزيز الأمن والاستقرار وخلق ظروف لعودة اللاجئين وإعادة إعمار البنى الاجتماعية الاقتصادية».
وأفادت وزارة الخارجية الروسية بأنه من المخطط أن يناقش بوتين مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، في إطار قمة إسطنبول الجهد المشترك لتسوية الوضع في سوريا ومسار تطبيق اتفاق إدلب.
إلى ذلك، كان الملف السوري مطروحا بقوة على طاولة البحث خلال لقاء جمع مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جون بولتون أمس مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو. وأعرب الأخير عن ارتياح روسي لمستوى التنسيق القائم حاليا في سوريا وقال إن «الجيشين (الروسي والأميركي) يحافظان على مثال ناجح جدا للتعاون الذي يمنع وقوع حوادث في الأجواء السورية». مضيفا أن الطرفين لديهما قنوات اتصال «ناجحة» في المناطق الساخنة وخصوصا في روسيا، في حين قال بولتون إن محادثاته مع شويغو حول «إنهاء النزاع السوري كانت مثمرة، ونأمل في توسيع هذا الحوار».
في غضون ذلك، أجرى نواب وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران جولة محادثات أمس، في موسكو ركزت على ملفي «دفع عمل اللجنة الدستورية» وآفاق تطور الموقف بعد التطورات الأخيرة على الأرض، في إشارة إلى اتفاق إدلب لإنشاء منطقة منزوعة السلاح. وفقا لإشارة مصادر دبلوماسية.
وشارك في الاجتماع من الجانب الروسي المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف، ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، ومن الجانب الإيراني نائب وزير الخارجية، حسين جابري أنصاري، وسيمثل الجانب التركي نائب وزير الخارجية، سادات أونال.
ورغم أن موسكو لم تعلن رسميا هدف ترتيب اللقاء المفاجئ لكن مصدرا دبلوماسيا كان رجح أن يكون اللقاء مرتبطا بقرار دي ميستورا تقديم استقالته الشهر المقبل، ورغبة الأطراف الثلاثة في تنسيق مواقفهم وسط ترشيحات عدد من الأسماء لخلافته.
ورغم أن موسكو تكتمت على الجزء الأكبر من المناقشات، لكن بيانا مقتضبا صدر قبل بدء اللقاء أشار إلى أن «شراكة روسيا وتركيا وإيران غيرت الوضع في سوريا نحو الأفضل».
وأشارت مصادر إلى أن الأطراف الثلاثة ناقشت احتمال عقد لقاء جديد في سوتشي، لدفع عملية الحوار بين الأطراف السورية، وتسريع عملية تشكيل اللجنة الدستورية بعدما توافقت الأطراف الثلاثة في وقت سابق على لائحتي الحكومة والمعارضة، بانتظار أن يتم تحديد عضوية اللائحة الثالثة التي تمثل المستقلين والمجتمع المدني والتي كان يتعين أن يقدمها المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا قبل أن يعلن نيته تقديم استقالته الشهر المقبل. ورأت المصادر أن «ضامني مسار آستانة» يسعون إلى وضع آليات مشتركة لتنشيط ملفي عودة اللاجئين وإعادة الأعمار في إطار مناقشات «سوتشي2» التي قد تتم الدعوة إليها منتصف الشهر المقبل، وفقا لمعطيات لم تؤكد على المستوى الرسمي.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.