مصادر: «داعش» أرغم مسيحيين عالقين في الموصل على تغيير ديانتهم

مسلحو التنظيم يستولون على دير جنوب المدينة

عراقي مسيحي يقطع قالب ثلج أمام متجره في شارع الرشيد ببغداد أمس (أ.ف.ب)
عراقي مسيحي يقطع قالب ثلج أمام متجره في شارع الرشيد ببغداد أمس (أ.ف.ب)
TT
20

مصادر: «داعش» أرغم مسيحيين عالقين في الموصل على تغيير ديانتهم

عراقي مسيحي يقطع قالب ثلج أمام متجره في شارع الرشيد ببغداد أمس (أ.ف.ب)
عراقي مسيحي يقطع قالب ثلج أمام متجره في شارع الرشيد ببغداد أمس (أ.ف.ب)

كشفت مصادر مطلعة عن أن تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) أرغم العوائل المسيحية العالقة في الموصل على اعتناق الإسلام.
وقال الناشط المسيحي نوزاد بولص، رئيس منظمة سورايا، لـ«الشرق الأوسط إن «أكثر من 1050 عائلة مسيحية تركت الموصل بعد أن طردت وسلبت من قبل (داعش) خلال الأيام الماضية». وأضاف أن النازحين جرى إيواؤهم في تلكيف وتلسقف وقرقوش وبرطله ودهوك وأربيل، ولا يوجد حتى الآن مخيم لهم لكن جرى توزيعهم على الكنائس والمدارس وبيوت أقاربهم»، مشيرا إلى أن النازحين جردوا من كل وثائقهم الرسمية. وتابع: «(داعش) أهانت المسيحيين إهانة لم يشهدوها لا في تاريخهم القديم ولا الحديث».
وتابع بولص أن «أكثر من 200 عائلة نزحت إلى دهوك و100 عائلة إلى أربيل ولم ينزح أي مسيحي إلى السليمانية لأن حدود نينوى متاخمة لأربيل ودهوك، لذا النزوح كان باتجاههما فقط، أما قرقوش فاستقبلت أكثر من 300 عائلة، وأكثر من 200 عائلة نزحت إلى تلكيف وتلسقف، وتقوم الجهات الكنسية بتوزيع المساعدات عليهم، لكن هم بحاجة إلى المجتمع الدولي لتقدم لهم المساعدات الكافية».
بدوره، قال دريد حكمت طوبيا، مستشار محافظ نينوى لشؤون الأقليات، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «عدد العوائل المسيحية العالقة في الموصل حتى الآن هو نحو 25 عائلة لم تستطع الخروج من المدينة لأسباب طبية، ففيها أفراد كبار السن ومعوقون ومرضى، وهي الآن محاصرة في الموصل». وتابع: «قسم من هذه العوائل هاجمها المسلحون واقتادوها إلى المحكمة الشرعية لـ(داعش)، وهناك لم تخير بين دفع الجزية أو اعتناق الإسلام، بل خيرت فقط بين الإسلام والسيف، فأسلمت خمس منها». وتوقع طوبيا أن يكون طرد المسيحيين من الموصل «بداية سقوط دولة (داعش) في هذه المدينة لأن هناك غضبا جماهيريا كبيرا على طرد المسيحيين»، عادّا هذا الغضب «نواة انتفاضة كبيرة ضد (داعش) ستشارك فيها بعض الفصائل المسلحة الأخرى».
من جهته، قال خلف الحديدي، عضو مجلس محافظة نينوى، في مؤتمر صحافي عقده المجلس في أربيل أمس، إن تنظيم «داعش» قد «نهب واستولى على أملاك كل النازحين من الموصل وليس المسيحيين فقط»، وبيّن «أن مجلس محافظة نينوى صوّت على اعتبار نينوى محافظة منكوبة»، داعيا الحكومة الاتحادية إلى أخذ دورها وصرف المستحقات اللازمة للمحافظة، وتعويض هذه الخسائر.
في السياق ذاته، ذكرت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية إن النسبة الأكبر من النازحين المسيحيين نزحوا إلى محافظة دهوك. وقالت عالية البزاز، مديرة مكتب الوزارة في إقليم كردستان «أكثر العوائل المسيحية هي موجودة في سهل نينوى، أي المناطق التي تسيطر عليها قوات البيشمركة، أما الذين نزحوا إلى إقليم كردستان فكان نزوحهم الأكبر نحو دهوك». وتابعت أن الوزارة اتصلت بالجهات المعنية في الإقليم لتقديم المساعدات الأولية لهؤلاء النازحين وستقدم الوزارة خلال الأيام المقبلة مبلغ مليون دينار لكل عائلة نازحة مسجلة».
من جهة أخرى، استولى {داعش} أول من أمس على دير في منطقة الخضر جنوب شرقي مدينة الموصل، وطرد الرهبان والقساوسة منه، حسبما أفاد رجال دين مسيحيون.
وقال رجل دين مسيحي رفض الكشف عن هويته إن «مسلحي داعش اقتحموا كنسية مار بهنام في منطقة الخضر (15 كلم جنوب شرقي الموصل) واستولوا على الدير وطردوا القساوسة منه». أضاف أن «المسلحين قالوا للقساوسة هناك: لم يبق مكان لكم بيننا، وعليكم المغادرة فورا»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأوضح أن «القساوسة حاولوا أخذ بعض حاجياتهم، لكنهم منعوهم، وقالوا لهم: تخرجون بملابسكم وترحلون من هنا مشيا على الأقدام». وأجبر رجال الدين على السير إلى مدينة قرة قوش على مسافة أكثر من عشرة كيلومترات قبل أن تأتيهم قوة من البيشمركة لتنقلهم إلى مناطق خاضعة لسيطرتهم.
من ناحية ثانية، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال إن «فرنسا تدين بأكبر قدر من الحزم الإنذار الذي وجهه (الدولة الإسلامية) إلى المسيحيين في الموصل»، ووصف الإنذار بأنه «تجسيد جديد للطبيعة الإرهابية لهذه المنظمة الإرهابية».
وعلى صعيد الإدانات أيضا، قال رئيس مجلس ثوار العشائر الشيخ علي حاتم السليمان، في تسجيل له، إن «ما يتعرض له المسيحيون وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى في الموصل دعوة واضحة وصريحة للعالم أجمع للوقوف ضد ثورتنا». وأوضح السليمان أن «ما حصل في الموصل يتناقض مع مبادئ الثورة وأهدافها القائمة على التعامل مع الجميع وفقا لمبدأ المواطنة الذي اعتمده الرسول في دولة المدينة»، داعيا الجهات المسؤولة عن هذه التصرفات إلى «إعادتهم إلى منازلهم وعدم المساس بهم وتوفير الحماية لهم كون ثورتنا شعارها رفع الظلم عن المظلومين وليس ترويع الآمنين».
من جهته، انتقد النائب المسيحي في البرلمان العراقي، عماد يوخنا، ما سماه عجز المجتمع الدولي عن حماية المكون المسيحي. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية تهجير المكون الكلدو - آشوري والسرياني المسيحي من العراق ليست ثقافة عراقية؛ لأننا متعايشون مع أبناء هذا البلد منذ عشرات القرون، لكن ما يجري هو مؤامرة دولية وفي ظل صمت عربي ودولي مريب»، مشيرا إلى إنه «في الوقت الذي عبر فيه العراقيون من مختلف الأطياف عن غضبهم مما جرى ويجري، فإننا ننتقد صمت القوى السياسية وصمت أطراف كثيرة في الموصل من قيادات دينية وسياسية وعشائرية، إذ إن عمليات القتل والتهجير ضد المسيحيين تجري أمام أعينهم دون أن يحركوا ساكنا».



تنسيق المواقف قبيل زيارة ترمب للمنطقة ضمن أهداف جولة السيسي الخليجية

أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمطار حمد الدولي في الدوحة (الرئاسة المصرية)
أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمطار حمد الدولي في الدوحة (الرئاسة المصرية)
TT
20

تنسيق المواقف قبيل زيارة ترمب للمنطقة ضمن أهداف جولة السيسي الخليجية

أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمطار حمد الدولي في الدوحة (الرئاسة المصرية)
أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمطار حمد الدولي في الدوحة (الرئاسة المصرية)

بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، جولة خليجية تشمل قطر والكويت، اعتبرها خبراء تأتي في إطار «الجهود المصرية العربية الخليجية لتوحيد المواقف بشأن قضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية»، قبيل زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المنطقة الشهر المقبل.

ومن المقرر أن يعقد السيسي والأمير تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، مباحثات ثنائية، الاثنين، بالعاصمة الدوحة، تعقبها مباحثات موسعة لمسؤولي البلدين، بمشاركة الرئيس المصري وأمير دولة قطر، بحسب ما نقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية المصرية.

وبحسب بيان للرئاسة المصرية، تركز المباحثات بين الزعيمين المصري والقطري على «سبل تعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات، ومناقشة التطورات الإقليمية، وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة».

ويعقد السيسي بالدوحة، مساء الأحد، لقاءً مع ممثلي مجتمع الأعمال القطري لبحث فرص التعاون الاقتصادي.

وكان الرئيس المصري قد وصل، صباح الأحد، إلى العاصمة القطرية الدوحة، في مستهل جولته الخليجية، حيث كان الأمير تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، في مقدمة مستقبلي السيسي بمطار حمد الدولي.

وتأتي زيارة السيسي إلى قطر تتويجاً لما شهدته العلاقات بين مصر وقطر من تنامٍ مطرد منذ عام 2021، حيث قام أمير قطر بزيارة القاهرة في يونيو (حزيران) 2022، ثم قام الرئيس المصري بزيارة الدوحة في سبتمبر (أيلول) 2022، حيث تم التوقيع على ثلاث مذكرات تفاهم في مجالي الموانئ والشؤون الاجتماعية، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم للتعاون بين صندوق مصر السيادي وجهاز قطر للاستثمار.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين بنهاية عام 2024 نحو 205 ملايين دولار، بينما بلغ إجمالي الاستثمارات القطرية في مصر نحو 5.5 مليار دولار.

كما يتوجه السيسي عقب زيارته لقطر إلى الكويت، المحطة الثانية في جولته الخليجية، حيث تأتي هذه الزيارة تأكيداً على عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وحرصهما المشترك على توسيع آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري، بحسب بيان الرئاسة المصرية.

ومن المقرر أن يلتقي السيسي في الكويت بالشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، بالإضافة إلى الشيخ صباح خالد الحمد الصباح ولي العهد، والشيخ فهد يوسف سعود الصباح النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الداخلية ورئيس مجلس الوزراء بالإنابة.

ويرى الخبير الاستراتيجي المصري سمير راغب لـ«الشرق الأوسط» أن الجولة الخليجية للسيسي تأتي في وقت حساس وفارق؛ في ظل ما تمر به المنطقة من أوضاع بالغة الصعوبة. «فالعلاقات المصرية الخليجية عموماً، والمصرية - القطرية على وجه الخصوص، عنصر مهم في جهود المساعي العربية لإنهاء الصراع في غزة؛ حيث إن جهود الوساطة المصرية - القطرية مستمرة ولن تتوقف، سواء بالوساطة بين (حماس) والطرف الإسرائيلي من جانب، والطرف الأميركي من جانب آخر».

ونوه راغب إلى أن هذه الزيارة «تأتي ضمن جهود مصر للتنسيق مع الدول العربية، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي والأردن؛ فالوساطة تدار على المستوى الوزاري، وأجهزة المخابرات في الدول محل الوساطة، لكن اللقاءات على المستوى الرئاسي تلعب دوراً كبيراً في دفع جهود الوساطة، وما يميز الجهود المصرية - القطرية في الوساطة هو التنسيق وتكامل الجهود، والقدرة على التأثير على أطراف الصراع، والتنسيق مع القوى العربية والإقليمية والدولية الفاعلة، لصالح التسوية السلمية للحرب في غزة».

كما قال راغب أيضاً إن «التنسيق العربي الخليجي يشمل جميع الملفات الإقليمية، والعلاقات مع الجانب الأميركي هي محور ضمن ملفات التنسيق فيما يتعلق بقضايا المنطقة، والتحضير لزيارة ترمب بدأ من القمة الأخوية بالرياض، بحضور قادة وممثلي دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة لزعيمي مصر والأردن؛ إذ إن الزيارة الحالية واللقاءات الثنائية للرئيس المصري في قطر والكويت مكملة للتنسيق حول الملفات الإقليمية والدولية وزيارة ترمب، بالإضافة للعلاقات الثنائية».

وأعلن الرئيس الأميركي بداية الشهر الجاري أنه قد يزور السعودية وقطر والإمارات «في المستقبل القريب، أو الشهر المقبل، أو بعد ذلك بقليل»، بحسب ما قال للصحافيين في البيت الأبيض.

فيما قال المحلل السياسي القطري، عبد الله الخاطر لـ«الشرق الأوسط» إن «جولة السيسي الخليجية حالياً تعد من أهم الزيارات التي يقوم بها، في إطار تنسيق الجهود العربية الخليجية لتكون موحدة ومتناسقة ومؤثرة في القرار العالمي فيما يخص كل قضايا المنطقة المشتعلة، سواء في فلسطين أو السودان أو ليبيا وسوريا أو لبنان».

وأوضح: «هذه الزيارة خصوصاً لقطر بالقطع ستشهد تنسيقاً للمواقف المصرية والعربية والخليجية بشأن قضية فلسطين ومستقبل غزة قبيل زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة في مايو (أيار) المقبل».

ونوه إلى أن «القيادات العربية والخليجية من الواضح في تحركاتها الفترة الماضية الإصرار على أن تكون دول المنطقة وشعوبها لها تأثير وقرار فاعل فيما يحدث بالمنطقة والعالم، ولا تكتفي بدور المتفرج».