المقاتلون ينضمون إلى المتشددين بإغراءات مالية.. و«المهاجرون الأكثر {دلالا}

100 دولار عن كل زوجة و50 دولارا عن كل طفل إلى جانب الرواتب والخدمات الاجتماعية

مقالتلون تابعون للمعارضة يأخذون صورة تذكارية في بلدة بمحافظة حماة أمس (رويترز)
مقالتلون تابعون للمعارضة يأخذون صورة تذكارية في بلدة بمحافظة حماة أمس (رويترز)
TT

المقاتلون ينضمون إلى المتشددين بإغراءات مالية.. و«المهاجرون الأكثر {دلالا}

مقالتلون تابعون للمعارضة يأخذون صورة تذكارية في بلدة بمحافظة حماة أمس (رويترز)
مقالتلون تابعون للمعارضة يأخذون صورة تذكارية في بلدة بمحافظة حماة أمس (رويترز)

يستقطب تنظيم «الدولة الإسلامية» المعروف بـ«داعش» المقاتلين، من السوريين والأجانب، عبر خدماته الاجتماعية، واستخدام المال لإغراء المقاتلين الذين ينتشرون على أكثر من 35 في المائة من مساحة الأرض السورية، مما رفع حجم الإقبال على الانضمام إلى صفوفه، وهو ما سهل سيطرته على عدد كبير من المناطق السورية، ودفع ألوية عسكرية معارضة للقتال إلى جانبه، كما يقول معارضون سوريون.
والمناطق التي يسيطر عليها التنظيم مكنته من الحصول على المال الناتج من عائدات النفط في المنطقة، مما سهل استخدامها لاستقطاب المسلحين والمقاتلين الأجانب. ويقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن الرواتب المغرية التي توفرها «داعش» للمقاتلين، إلى جانب الخدمات «تمنحها فرصة استقطاب المقاتلين بما يتخطى تنظيمات أخرى تعاني من قلة الدعم».
وتتفاوت الرواتب الشهرية التي يمنحها التنظيم لمقاتليه، بحسب جنسياتهم. ويقول ناشطون إن المقاتلين الأجانب الذين يُعرفون بـ«المهاجرين»، «يحظون بدعم أكبر من المقاتلين السوريين»، وأهمها الخدمات الاجتماعية لهم ولعائلاتهم، وتوفير المسكن لهم.
ويؤكد عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» ما يقوله الناشطون في الرقة، قائلا إن المقاتل الأجنبي «يحصل على راتب شهري يبدأ من 800 دولار ويتصاعد بحسب خبرة المقاتل وعمره وتجربته»، مشيرا إلى أن المقاتل السوري «يحصل على راتب قدره 400 دولار شهريا، فيما يبلغ راتب الموظف المدني في المحاكم وغيرها، 200 دولار شهريا».
لكن تلك الرواتب، ليست وحدها ما يغري المقاتلين، فقد خصصت «داعش» لكل من مقاتليها بدل إعانة عائلية عن كل زوجة يبلغ 100 دولار شهريا، فيما تعطي المقاتل 50 دولارا بدل إعانة عن كل طفل، كما يقول عبد الرحمن، مشيرا إلى أن المقاتلين السوريين يتقاضون 40 دولارا فقط عن كل طفل، بينما يحصل المهاجر على 50 دولارا. ويشير إلى أن عددا كبيرا من مقاتلي «داعش» تزوجوا أكثر من امرأة «مما يساعدهم على الحصول على مبالغ مالية أكبر».
وقالت مصادر سورية معارضة لـ«الشرق الأوسط» إن التنظيم المتشدد «يدلل المجاهدين المهاجرين» أي الأجانب، وذلك «بمنحهم مناطق سكن استولى عليها التنظيم بعد تهجير السكان غير الموالين له، إضافة إلى توفير سيارات لهم، عسكرية ومدنية، كل بحسب وظيفته، ودفع بدل الوقود الذي يستخدمونه ويغدقون عليهم بالذخيرة».
ويبسط «داعش» سيطرته على محافظة الرقة، ويتخذها معقلا له، حيث توقفت الاشتباكات فيها مع خصومه، ووسع دائرة حربه إلى مناطق غربي الرقة في ريف حلب الشمالي، مع معارك متقطعة في ريف الحسكة.
وذكرت تقارير سورية أن مقاتلي «داعش» في ريف حلب، يتقاضون 600 دولار شهريا، بما يتخطى المقاتلين السوريين في الرقة، كذلك منح التنظيم المقاتلين المنضمين حديثا إلى صفوفه في دير الزور بشرق سوريا، رواتب مغرية تصل إلى 600 دولار، بعد إعلان مبايعة التنظيم.
وإلى جانب استقطاب المقاتلين، تقول مصادر سورية معارضة في دير الزور لـ«الشرق الأوسط» إن «داعش»، «خصّص جزءا من عائدات النفط في المنطقة التي أطلق عليها اسم (ولاية الخير)، لعائلات ووجهاء عشائر بغية تجنب أي إشكالات مع العشائر من شأنها أن تقوض سلطة التنظيم وتمدده». وقالت إن التنظيم «استطاع استمالة بعض العائلات بالمال، لتأمين تمدده وتجنب حروب داخلية في مناطق وجوده».
ويحظى تنظيم «داعش» بقدرة مالية ضخمة، نظرا لسيطرته على منابع النفط والماء في سوريا، وبعض منابع نفط العراق، مما يمكنه من شراء الأسلحة والسيارات وبناء المنازل في مناطق سيطر عليها، مما يسهل استقطاب المقاتلين من خارج البلاد.
ويحظى تنظيم «داعش»، بالخدمات الاجتماعية في مناطق نفوذه، وما قدمته «جبهة النصرة» في بدايات ظهورها في مناطق شمال سوريا؛ إذ عرف بأنه التنظيم الأسخى الذي استقطب المدنيين وكسب تأييدهم، من خلال توفير السلع الأساسية التي يحتاجونها، ومساعدة المدنيين على التنقل وتأمين الأدوية لهم، بالإضافة إلى تخصيص مبالغ للمقاتلين في صفوفه. وهذه النقطة ساهمت في تقدمه على «الجيش السوري الحر»، قبل أن يتراجع نفوذ «النصرة» لصالح «داعش» في مناطق سيطرة الطرفين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.