«دوست»... حيث يلتقي الأصدقاء وتأكل العائلات

ليس من الضروري أن تكون طاهياً لتملك مطعماً، فيكفي أن تملك الذوق والذائقة والخبرة في إدارة مشروع، والأهم من هذا كله هو امتلاك الفكرة في بداية الأمر.
المطاعم اللامعة التي يمتلكها رجال أعمال ليسوا طهاة عديدة في الشرق والغرب، ليبقى سر النجاح في الرؤية وتقديم ما يحبه الزبون وابتكار أفضل لائحة طعام من كل النواحي.
ومن الأمثلة على ما أقوله مطعم «دوست Doost» الذي سمعت عنه كثيراً ولم أزره إلا أخيراً لأنه يقع في منطقة ليست مألوفة بالنسبة إليّ ولو أنها في قلب لندن، فهذه المنطقة اسمها «كينينغتون Kennington» وتسكنها فئة كبيرة من النواب والسياسيين، كونها ليست بعيدة عن منطقة البرلمان.
«دوست» يرمز اسمه إلى الصداقة باللغة الفارسية، وهذا ما جعل منه عنواناً لتلاقي الأصدقاء والعائلات، ونجح صاحبه هومان ميشكاتي في أن يطبّق ما يحبه في أي مطعم يزوره في مطعمه الذي يقدم أطباق المطبخ الفارسي بطريقة عصرية معتمداً على المنتج.
المطعم متوسط الحجم، ديكوره بسيط جداً ولائحة الطعام فيه غنية بالأطباق المألوفة في المطبخ الإيراني مع تجديد من ناحية التقديم والابتكار.
مشكلة بعض المطاعم الشرقية أنها لم تركب موجة التجديد والعصرية، وهذا ما أثّر على تقدمها وشهرتها لتشد المتذوق الغربي على حد سواء، إنما «دوست» نجح على مر السنين في استقطاب أهالي المنطقة الذي يقول ميشكاتي إنهم كانوا يفتقرون إلى مكان يتجمعون فيه للأكل والتسامر، ووُلدت الفكرة بعدما تم العثور على طاهٍ متمرس استطاع ترجمة فكرة صاحب المطعم ورؤيته في أطباق لذيذة من حيث المذاق وجميلة من حيث الشكل.
افتُتح المطعم عام 2010، وهدفه كان ولا يزال تقديم النكهة الأصلية بطريقة راقية ولكن من دون تكلف.
من أهم الصفات التي يمتلكها المطعم أنه تابع لعائلة واحدة، وفي كل مرة تزوره بها تجد صاحب المطعم أو زوجته أو شقيقته يقومون بمساعدة النادل في تقديم الطعام فتشعر كأنك في المنزل. كما يقدم المطعم كل أول يوم أربعاء من كل شهر أمسية موسيقية يعزف خلالها أورلاندو وفرقة الجاز التي يقودها أجمل المعزوفات.
الأطباق التي تجدها على لائحة الطعام سهلة وغير معقدة وتقدَّم بكميات وفيرة، ومناسبة جداً لمن يفضلون مشاركة الطعام على طريقة المازة الشرقية.
فمن الممكن طلب تشكيلة من المقبلات التي تأتي في صحون صغيرة على صينية أنيقة وتضم الزيتون الشهير في المطبخ الفارسي «Zeytoon Parvardeh»، وميرزا قاسمي الذي يدخل في مكوناته الباذنجان واللبن مع الخيار «ماست أو خيار» وطبق «كاش إي بادمجون Kashk - e Bademjon» وهذا الطبق يدخل فيه هو الآخر الباذنجان، وبالنسبة إلى الأطباق الرئيسة فالأرز هو سيد المائدة لأنه يحضَّر بطريقة عجز أي مطبخ شرقي عن تحضيرها به، إذ يُطهى مع الزعفران أو الشبت، وهذا الأخير يناسب لحم الضأن، أما الأول فيناسب الدجاج مثل «جوجي كباب Joojeh Kabab» أو «سيني كباب Sini - e - Kabab».
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن طريقة طهي اللحم في «دوست» مميزة جداً لأنها تضم بهارات خاصة يعتمد عليها الطاهي حافظ أحمد في أطباقه لتتميز عن باقي المطاعم الأخرى، مثل الخلطة الفريدة التي تُستعمل في طبق لحم الـ«كوبيديه Koobideh» وهو أشبه بالكباب أو الكفتة المشوية.
أما بالنسبة إلى الحلوى فأنصح بتذوق البقلاوة التي تحضَّر في المطعم بطريقة مختلفة عن بقلاوة بلاد الشام، فهي خفيفة وطازجة وتقدَّم مع الشاي بالنعناع ونوع من الآيس كريم بنكهة الزعفران وطبق «فالوده بستني» المصنوع من الشعيرية والآيس كريم الذي تغلب عليه نكهة ماء الورد.