حفتر يستعد لإطلاق عملية عسكرية لتحرير الجنوب الليبي

المسماري: اجتماعات توحيد الجيش في القاهرة أنهت المسائل الفنية فقط

عناصر مسلحة ليبية في العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
عناصر مسلحة ليبية في العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
TT

حفتر يستعد لإطلاق عملية عسكرية لتحرير الجنوب الليبي

عناصر مسلحة ليبية في العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
عناصر مسلحة ليبية في العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)

قالت قيادة الجيش الوطني الليبي إنها تخطط للقيام بعملية عسكرية، واسعة النطاق في جنوب البلاد للقضاء على ما يصفه بجماعات المعارضة السودانية والتشادية، وعصابات إجرامية محلية.
فقد أوضح العميد أحمد المسماري، الناطق باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، أن المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش يخطط فعلا للقضاء على جماعات المعارضة السودانية والتشادية وعصابات إجرامية محلية، باتت تهدد الأمن القومي والاستراتيجي لليبيا في الجنوب، الذي يمثل نحو ثلث مساحة الدولة الليبية.
وأضاف المسماري لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش لن يسمح لهذه العناصر باستخدام الأراضي الليبية، أو البقاء فيها ما دامت تهدد أمن واستقرار البلاد، مشيرا إلى أن المعضلة الحقيقية التي تواجه الجيش في فرض سيطرته على المنطقة الجنوبية بالكامل «تكمن في استمرار الحظر الذي يفرضه المجتمع الدولي على تسليح الجيش الوطني الليبي». ولذلك طالب المسماري برفع الحظر فورا، حتى يتمكن الجيش الوطني من القيام بمهامه الحيوية في حماية وتأمين حدود البلاد، خاصة في المنطقة الجنوبية التي تعاني من انتشار عناصر مسلحة تعمل على تهديد الأمن والاستقرار.
وكان مجلس النواب الليبي (البرلمان) قد طالب حفتر أول من أمس بإرسال تعزيزات عسكرية بشكل عاجل لتطهير جنوب البلاد من عصابات المعارضة التشادية، التي دخلت في مواجهات مسلحة مع أهالي جنوب ليبيا.
ويشهد جنوب منطقة «أم الأرانب»، وشرق بلدة القطرون وتجهري، جنوب ليبيا، اشتباكات مسلحة بين السكان، ومجموعة من عصابات المرتزقة التشادية المسلحة، التي تمارس السطو والخطف والتعدي على الممتلكات الخاصة، في ظل إهمال السلطات الليبية للمنطقة الحدودية مع دول أفريقيا.
من جهة أخرى، رفض العميد المسماري الرد على تقارير زعمت أن هناك إعلانا وشيكا سيصدر الأربعاء المقبل، يتضمن اتفاقا على توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وقال في بيان نشره عبر صفحته على «فيسبوك» أمس، إن الاجتماعات التي تستضيفها القاهرة انتهت من مناقشة النواحي والتفاصيل الفنية، دون الكشف عن المزيد من التفاصيل، في انتظار صدور بيان رسمي متوقع من الجانب المصري حول نتائج الاجتماعات، التي عقدها عسكريون ليبيون يومي الأربعاء والخميس، برعاية مصرية قصد إنهاء الخلافات العالقة التي تحول دون إعلان توحيد الجيش الليبي في هيكل تنظيمي جديد.
وأوضح المسماري في بيانه أن اجتماعات لجان توحيد المؤسسة العسكرية الليبية تواصلت في القاهرة، موضحا أن «المجتمعين أكدوا ما جاء في الاجتماعات السابقة، التي تم الاتفاق فيها على أن القيادة العامة، بقيادة القائد العام المشير أركان خليفة حفتر، هي الواجهة الرئيسية للجيش الوطني الليبي. كما تم الاتفاق على تشكيل المجالس القيادة الثلاثة، وهي مجلس الأمن القومي، ومجلس الدفاع الأعلى، ومجلس القيادة العامة».
وبحسب المسماري فقد تم الاتفاق أيضا على الهيكل التنظيمي والمهام والواجبات المنوطة بكل مجلس من المجالس الثلاثة، وكذلك على بعض المقترحات الخاصة بمعالجة مشكلة الميليشيات المسلحة المنتشرة في المنطقة الغربية. لكنه أوضح في المقابل أنه لم يتم مناقشة أي مستجدات أو مبادرة جديدة قدمها الجانب المصري، كما يشاع في بعض وسائل الإعلام، مثل تشكيل مجلس عسكري وطرح أسماء لعضويته.
إلى ذلك، نظمت قبيلة العبيدات الليبية مظاهرة في ميناء الحريقة النفطي في طبرق قرب الحدود مع مصر، احتجاجا على تعيين علي العيساوي وزيرا للاقتصاد والصناعة في حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا في العاصمة الليبية طرابلس، التي يرأسها فائز السراج.
وأعربت القبائل والمكونات الاجتماعية في المرج عن تضامنها مع قبائل العبيدات إزاء قرار السراج بتعيين العيساوي، ووصفته بأنه شخصية جدلية، مبرزة أنه لا يزال المتهم الأول في قضية اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس ورفيقيه عام 2011.
وكان المشير حفتر قد أمر باستئناف التحقيقات في قضية اغتيال رئيس أركان الجيش الليبي في نظام القذافي والمجلس الانتقالي اللواء عبد الفتاح يونس ومرافقيه، والتواصل مع جميع الجهات الدولية والمحلية من أجل تسليم المتهمين في تلك القضية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم