حرص عوني ـ قواتي على إحياء التفاهم السياسي بعد تشكيل الحكومة

نائب رئيس «الوطني الحر» يربطه بأداء «القوات»

لقاء وزير الإعلام ملحم الرياشي مع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل في حضور أمين سر تكتل «لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان (الوكالة الوطنية)
لقاء وزير الإعلام ملحم الرياشي مع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل في حضور أمين سر تكتل «لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان (الوكالة الوطنية)
TT

حرص عوني ـ قواتي على إحياء التفاهم السياسي بعد تشكيل الحكومة

لقاء وزير الإعلام ملحم الرياشي مع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل في حضور أمين سر تكتل «لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان (الوكالة الوطنية)
لقاء وزير الإعلام ملحم الرياشي مع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل في حضور أمين سر تكتل «لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان (الوكالة الوطنية)

يحرص «التيار الوطني الحر»، الذي يرأسه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، بحسب مصادر قيادية عونية، على تهيئة الأرضية اللازمة لحكومة منتجة، خصوصاً أنها ستكون، كما سبق أن أطلق عليها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، «حكومة العهد الأولى». وتُقر المصادر بأن فشل هذه الحكومة، التي ستواصل عملها حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة في عام 2022، سيعني فشل العهد الذي ينتهي في العام نفسه، لذلك يعطي باسيل الأولوية لمحاولة استيعاب كل الفرقاء والقوى الحزبية، ووقف المناكفات السياسية التي تقوض العمل الحكومي.
وعلى وقع المفاوضات المكثفة لتشكيل الحكومة، يحاول «التيار الوطني الحر» رأب الصدع مع «القوات»، وهو ما بدا واضحاً خلال اللقاء الذي جمع مساء الأربعاء باسيل بوزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي، والنائب إبراهيم كنعان، إذ أكد الطرفان بعد اللقاء حرصهما على المصالحة التي وصفاها بـ«المقدسة»، وشددوا على أن كل الاختلافات في وجهات النظر لن تؤدي إلى خلاف بين الحزبين.
وأنهى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، في عام 2016، سنوات طويلة من الحرب بينهما، ووقعا في يناير (كانون الثاني) من العام نفسه تفاهماً عُرف بـ«تفاهم معراب»، وشكل عنصراً أساسياً ساهم بوصول عون إلى قصر بعبدا، وأسسا لتحالف سياسي لم تكتمل معالمه تماماً، في ظل الخلافات المستمرة حول «حزب الله» وسلاحه، وقتاله خارج الأراضي اللبنانية.
ولم تصمد الثنائية العونية - القواتية طويلاً، إذ بدأت الخلافات بين الطرفين تتفاقم، على خلفية العمل الحكومي بعد تصويب القوات على أداء الوزراء العونيين، خصوصاً في ملف الكهرباء. وتنامت الخلافات، مما أدى لافتراق انتخابي في الاستحقاق النيابي الأخير. ولم تهدأ الجبهة العونية والقواتية بعد الانتخابات، بل احتدم الصراع مع انطلاق المفاوضات لتشكيل الحكومة، مع سعي كل طرف لتحصيل حصة وزارية أكبر.
إلا أن باسيل لم يتردد في شهر يونيو (حزيران) الماضي في إعلان تعليق العمل باتفاق معراب، الذي كان يلحظ الشراكة والمناصفة في كل حكومات العهد، مما خلّف استياء قواتياً عارماً، لاعتبار القيادة في معراب أن «التيار الوطني الحر» أخذ رئاسة الجمهورية، وبعدها ضرب بباقي بنود الاتفاق عرض الحائط.
ويبدو الطرفان اليوم واثقين من أن المياه ستعود إلى مجاريها بينهما بعد تشكيل الحكومة، وهو ما عبّر عنه النائب عن «القوات» وهبة قاطيشا، لافتاً إلى أن ما نشهده منذ فترة «لعبة عض أصابع» لتحسين الشروط في عملية التشكيل، مؤكداً أن «زعل الأخوة لا يطول، واللقاء بين الوزيرين باسيل والرياشي كان كفيلاً برأب الصدع». وأكد قاطيشا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هدف (القوات اللبنانية) لم يكن في يوم من الأيام التصويب على العهد وإضعافه، بل بالعكس، حرصنا على إنجاح العهد من خلال التصويب على الملفات الملتبسة، وقطع الطريق على الصفقات المريبة»، وأضاف: «ما سنسعى إليه في المستقبل القريب هو أن تكون الحكومة منتجة، والأهم شفافة، حيث إننا سنستكمل مسار محاربة الفساد، ونضع يدينا بيد الرئيس عون لتحقيق التغيير والإصلاح الحقيقيين».
من جهته، وصف نائب رئيس «التيار الوطني الحر»، رومل صابر، اللقاء الأخير الذي جمع الوزيرين باسيل والرياشي بلقاء «المصارحة»، معتبراً أن «إعادة إحياء الاتفاق السياسي مع (القوات) مرتبط بأداء وزرائهم في الحكومة الجديدة». وقال صابر لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لم نحد قيد أنملة عن التفاهم السياسي معهم، وكنا نعمل سوياً بتصميم وجدية، لكنهم هم اختاروا أن يطبقوا بنوداً في الاتفاق، ويتبرأوا من البنود الأخرى». وتساءل صابر: «كيف يمكن أن نكون داعمين للعهد، ونصوب على وزراء هذا العهد؟»، وأضاف: «نحن لم نطلب يوماً من القوات أن تغطي على ارتكابات ما، فلطالما كان أداؤنا واضحاً للجميع، ولا تشوبه شائبة، لذلك نتمنى منهم أن يقفوا فعلاً إلى جانب العهد بعد تشكيل الحكومة الجديدة، فنتعاون معاً من جديد لنحقق الإنجازات التي يتوق إليها اللبنانيون».
وبالتوازي مع محاولات ضبط الخلاف العوني - القواتي، وإعادة إحياء التفاهم السياسي بين الطرفين، تترقب الساحة اللبنانية مباشرة بعد تشكيل الحكومة لقاء مصالحة بين رئيس «القوات» سمير جعجع، ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، اعتبر البعض أنه قد يكون موجهاً ضد «الوطني الحر»، مما يضعنا أمام عملية خلط أوراق غير مسبوقة في الساحة المسيحية.



كيف يعزز التعاون العسكري المصري - التركي التقارب بين البلدين؟

رئيس أركان الجيش المصري ونظيره التركي عقب اجتماع اللجنة العسكرية العليا للبلدين في أنقرة (المتحدث العسكري - مصر)
رئيس أركان الجيش المصري ونظيره التركي عقب اجتماع اللجنة العسكرية العليا للبلدين في أنقرة (المتحدث العسكري - مصر)
TT

كيف يعزز التعاون العسكري المصري - التركي التقارب بين البلدين؟

رئيس أركان الجيش المصري ونظيره التركي عقب اجتماع اللجنة العسكرية العليا للبلدين في أنقرة (المتحدث العسكري - مصر)
رئيس أركان الجيش المصري ونظيره التركي عقب اجتماع اللجنة العسكرية العليا للبلدين في أنقرة (المتحدث العسكري - مصر)

تطرح مخرجات الاجتماع الرابع للجنة العسكرية المصرية-التركية في أنقرة تساؤلات حول كيفية انعكاس توجه البلدين نحو زيادة التعاون العسكري المشترك على مساعي التقارب بين البلدين والتنسيق في قضايا المنطقة.

وناقش رئيسا أركان القوات المسلحة المصرية والتركية، نهاية الأسبوع الماضي في أنقرة، فرص «زيادة آفاق الشراكة والتعاون العسكري»، في خطوة عدّها عسكريون وسياسيون «تعزيزاً لمستوى الشراكة بين مصر وتركيا».

وترأس رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، ونظيره التركي، الفريق أول متين غوراك، الاجتماع، وحسب إفادة للمتحدث العسكري المصري، مساء الأحد، ناقش الاجتماع «تعزيز التعاون العسكري بين البلدين في مجالات التدريب، ونقل وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة المصرية والتركية»، وأكد الجانبان «تطلعهما لزيادة آفاق الشراكة والتعاون العسكري في العديد من المجالات خلال المرحلة المقبلة».

الفريق أحمد خليفة والفريق متين غوراك ناقشا تعزيز التعاون العسكري بين البلدين (المتحدث العسكري - مصر)

وليست هذه المرة الأولى التي تستضيف فيها أنقرة محادثات عسكرية رفيعة المستوى بين مصر وتركيا، حيث سبق أن زار رئيس الأركان المصري السابق، الفريق أسامة عسكر، الذي عُين لاحقاً مستشاراً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تركيا في شهر أبريل (نيسان) العام الماضي، لبحث التعاون العسكري بين البلدين.

وتشهد العلاقات المصرية-التركية تطوراً في الفترة الأخيرة، بعد سنوات من القطيعة والجمود، منذ سقوط حكم «الإخوان» في مصر عام 2013، إلى أن بدأ التحسن في علاقات البلدين منذ عام 2020، مع تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين، وصولاً للنقلة النوعية التي شهدتها العلاقات المصرية-التركية، بتبادل الرئيس المصري، ونظيره التركي، رجب طيب إردوغان، الزيارات، العام الماضي.

استقبال رسمي لرئيس أركان القوات المسلحة المصرية خلال زيارته إلى تركيا (المتحدث العسكري - مصر)

وخلال زيارته لتركيا، التقى رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع التركي، يشار غولر، وأكد «اعتزاز بلاده بالعلاقات العسكرية مع أنقرة». وحسب بيان المتحدث العسكري المصري: «أشاد وزير الدفاع التركي بالدور المصري الفاعل بمحيطيها الدولي، والإقليمي، في ضوء التحديات الراهنة»، وأكد «ضرورة العمل المشترك لمواجهة تلك التحديات، بما يحقق الاستقرار بالمنطقة».

ويشكل التعاون العسكري المصري-التركي «خطوة مهمة» تعكس التقارب بين القاهرة وأنقرة في الفترة الحالية، وفق تقدير الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، وقال إن «اجتماع اللجنة العسكرية بين البلدين يعزز من إجراءات التنسيق بين اثنين من أقوى الجيوش في المنطقة».

ويرى فرج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن مجالات التعاون العسكري بين القاهرة وأنقرة تشمل «تبادل المعلومات، والتعاون في مجال التصنيع الحربي»، مشيراً إلى أن التقارب بين البلدين قد يتطور إلى «التدريب المشترك».

من زيارة رئيس أركان القوات المسلحة المصرية إلى تركيا (المتحدث العسكري - مصر)

وخلال زيارته لتركيا، التقى الفريق أحمد خليفة برئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية لبحث سبل التعاون المشترك، كما زار عدداً من الشركات المتخصصة في مجال الصناعات الدفاعية، لاستعراض القدرات التصنيعية المتطورة لتلك الشركات، بما يعزز من فرص تبادل الخبرات في مجال التصنيع العسكري، كما تفقد قيادة القوات الخاصة التركية، وشاهد عدداً من البيانات العملية والأنشطة التدريبية لها، حسب المتحدث العسكري المصري.

ويعكس التعاون العسكري بين القاهرة وأنقرة تقارباً سياسياً بين البلدين، بعد سنوات من التوتر، وفق الباحث في العلاقات الدولية بتركيا، طه عودة، وأشار إلى أن انعقاد اللجنة العسكرية رفيعة المستوى بين البلدين يشكل «دلالة واضحة على جدية العلاقات الثنائية، وتوافر الإرادة لبناء جسور الثقة بين البلدين».

ويعتقد عودة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «العلاقات المصرية-التركية وصلت إلى مستويات عالية من التنسيق والتعاون، بعد تبادل الزيارات بين الرئيس المصري ونظيره التركي»، وقال إن «العلاقات بين البلدين أصبحت أكثر تقارباً وتنسيقاً في المجالات السياسية، والعسكرية».

وزار السيسي أنقرة في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، بدعوة من إردوغان، في رد على زيارة الأخير للقاهرة في 14 فبراير (شباط) من العام الماضي، وعدّ الرئيس المصري الزيارة وقتها أنها «تعكس الإرادة المشتركة لبدء مرحلة جديدة من الصداقة والتعاون بين مصر وتركيا، استناداً لدورهما المحوري في محيطيهما الإقليمي، والدولي».

وإلى جانب التعاون الثنائي، يرى عودة أهمية التعاون المصري-التركي في قضايا المنطقة، وقال: «التعاون العسكري يأتي في توقيت مهم، تشهد فيه المنطقة تطورات عديدة، تستدعي التنسيق المشترك، لمواجهة تحديات كثيرة، منها الأوضاع في غزة، وليبيا، والسودان، والبحر الأحمر».

ويتفق في ذلك اللواء فرج، مشيراً إلى أهمية التعاون بين القاهرة وأنقرة بشأن «الأوضاع في سوريا، والتطورات في قطاع غزة، كون الموقف التركي داعماً باستمرار لحقوق الشعب الفلسطيني»، إلى جانب التنسيق بشأن «الأوضاع في القرن الأفريقي، وكذلك في الملف الليبي».