عسكريون ليبيون يبحثون في القاهرة توحيد الجيش

نائب «لجنة الأمن القومي» يعتبر أن نتائج المفاوضات ستحدد موعد الانتخابات الرئاسية

عسكريون ليبيون في اجتماع سابق بالقاهرة لتوحيد الجيش («الشرق الأوسط»)
عسكريون ليبيون في اجتماع سابق بالقاهرة لتوحيد الجيش («الشرق الأوسط»)
TT

عسكريون ليبيون يبحثون في القاهرة توحيد الجيش

عسكريون ليبيون في اجتماع سابق بالقاهرة لتوحيد الجيش («الشرق الأوسط»)
عسكريون ليبيون في اجتماع سابق بالقاهرة لتوحيد الجيش («الشرق الأوسط»)

استؤنفت في القاهرة، أمس، الجولة السابعة من مفاوضات توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وذلك بمشاركة قيادات رفيعة المستوى تابعة للقيادة العامة للجيش الوطني، المسيطر على شرق البلاد، والقوات التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، المعترف به دولياً في الغرب الليبي.
وأعلن العميد أحمد المسماري، الناطق باسم القيادة العامة للقوات المسلحة، عن استكمال الجهود التي تبذلها القاهرة منذ قرابة عام، بغية تشكيل جيش وطني موحد، وقال في بيان مقتضب، مساء أول من أمس، عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»، إن «اجتماعات توحيد المؤسسة العسكرية استؤنفت في القاهرة برعاية مصرية»، دون الإشارة إلى عدد المشاركين في الاجتماع أو انتماءاتهم. لكن العميد محمد الغصري، الناطق السابق باسم وزارة الدفاع بحكومة الوفاق الوطني، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات ممثلة للمجلس الرئاسي شاركت في الجولة، التي تجري برعاية اللجنة الوطنية المصرية المعنية بليبيا.
وفي حين تصدى المسماري لما أثير خلال اليومين الماضيين على مواقع التواصل الاجتماعي، حول وجود طرح يتضمن «تشكيل مجلس عسكري ليبي»، قال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع العسكريين الليبيين في القاهرة «سيصطدم حتماً بالعُقد التي أسفرت عنها اللقاءات الماضية في مصر»، ومنها «التراتبية داخل المؤسسة العسكرية»، في إشارة إلى الأشخاص الذين تم ضمهم من خارج المؤسسة العسكرية إلى صفوفها خلال العامين الماضيين على الأقل. فضلاً عن تهديدات حفتر بالتوجه إلى طرابلس لتحريرها، لافتاً إلى أن مرجعية ممثلي حكومة الوفاق الوطني في التحاور خلال اجتماع القاهرة هو اتفاق الصخيرات الذي وقّع في المغرب نهاية عام 2015، الذي يسند منصب القائد الأعلى للجيش الليبي إلى رئيس المجلس الرئاسي.
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه لأنه غير مخول له الحديث إلى وسائل الإعلام، متسائلاً «حفتر وبعض الأطراف السياسية في شرق البلاد تتحفظ على اتفاق الصخيرات ومخرجاته، والبعض الآخر يرفضه جملة واحدة ولا يعتد به. فكيف نتجاوز إذن هذه العقبة ونصل إلى حل؟».
من جهته، قال العميد الغصري، المتحدث باسم قوات «البنيان المرصوص» التي حررت مدينة سرت من تنظيم داعش، إن وفد العسكريين الممثل للمجلس الرئاسي «ضم مجموعة من ضباط المنطقة الغربية، برئاسة اللواء سالم جحا... ونحن في عملية (البنيان المرصوص) لم تصلنا دعوة للمشاركة في اجتماعات القاهرة... نحن كعسكريين نرحب بالجهود التي تبذلها القاهرة حالياً لتوحيد صفوف المؤسسة العسكرية الليبية».
ورأى الغصري في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أن «توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا ليس أمراً صعباً، ومن الممكن إنجازه»، لكنه أوضح في المقابل أنه «يتطلب توحيد الرؤى والجهود لصياغة مشروع وطني، يستهدف الخير للبلاد».
وانتهى الغصري إلى أن توحيد المؤسسة الليبية «مطلب كل عسكري في البلاد... وندعو الله أن تكلل الجهود الجارية في القاهرة بالنجاح».
وتأتي هذه الجولة من المفاوضات التي تجريها القاهرة لتوحيد المؤسسة العسكرية، عقب ستة اجتماعات سابقة، كان آخرها اجتماع 20 مارس (آذار) الماضي، الذي ضم 45 ضابطاً من القيادات رفيعة المستوى، وبمشاركة هي الأولى لرئيس الأركان التابع للقيادة العامة للجيش الوطني الليبي (المسيطر على الشرق) الفريق عبد الرازق الناظوري ورئيس الأركان في حكومة «الوفاق» في العاصمة طرابلس، المعترف بها دولياً، اللواء عبد الرحمن الطويل.
ومنذ انطلاقها في سبتمبر (أيلول) 2017 برعاية مصرية، نجحت جولات القادة العسكريين الليبيين في تقارب نسبي باتجاه توحيد الجيش، والاتفاق على «الهيكل التنظيمي للمؤسسة العسكرية الليبية، وإنشاء مجلس الدفاع الأعلى، ومجلس الأمن القومي ومجلس القيادة العامة».
وفي كل جولة من جولات المفاوضات بين العسكريين، تتجه أنظار الليبيين إلى القاهرة لمتابعة ما ستسفر عنه هذه اللقاءات؛ وهو ما دفع الدكتور عمر غيث، نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، إلى القول إن «كل القوى السياسية في ليبيا تنتظر نتائج هذا الاجتماع بفارغ الصبر»، موضحاً أن «توحيد المؤسسة العسكرية سوف يكون اللبنة الأولى في توحيد السلطة التنفيذية، والاستعداد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية».
كما تحدث غيث لـ«الشرق الأوسط» عن «وجود مخاوف وعدم ثقة بين الضباط المجتمعين في القاهرة، نتيجة الصراع السياسي»، لكنه أبرز أن القواسم المشركة «بينهم كبيرة باعتبارهم أبناء مؤسسة واحدة، فضلاً عن أن حاجة الوطن إلى توحيد هذه المؤسسة سيكون حافزاً يدفعهم إلى تغليب مصلحة الوطن، والبعد عن التجاذبات السياسية».
وتأتي هذه الجولة من المفاوضات في وقت بالغ الدقة والحساسية؛ إذ لا يكف قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر عن التوعد والتهديد بالتوجه إلى طرابلس لتحريرها من الميلشيات، «وفق خطة مرسومة في الوقت المناسب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.