روسيا تسيطر على خطوط التماس في سوريا ومعابر الحدود مع الجوار

مفاوضات لإطلاق «داعش» مخطوفي السويداء وذهاب شباب دروز إلى الجندية

عامل في مدينة الرقة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
عامل في مدينة الرقة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
TT

روسيا تسيطر على خطوط التماس في سوريا ومعابر الحدود مع الجوار

عامل في مدينة الرقة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
عامل في مدينة الرقة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

باتت الشرطة الروسية تسيطر على معابر بين مناطق المعارضة في إدلب ومناطق النظام شمال سوريا ووسطها، ضمن سيطرتها ورعايتها لمعابر مع الأردن وخط فك الاشتباك في الجولان. كما تسعى روسيا إلى عقد صفقة تسفر عن إطلاق «داعش» مخطوفي السويداء مقابل مشاركة الشباب الدروز في الجندية الإلزامية.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بوصول رتل عسكري للقوات التركية فجر الأربعاء إلى نقطة المراقبة التركية، في منطقة مورك بالقطاع الشمالي من ريف حماة؛ حيث كان الرتل هذا قد دخل الأراضي السورية الثلاثاء عبر معبر باب الهوى الحدودي، واتجه إلى نقاط مراقبة تركية في المنطقة، قبل أن يصل فجراً إلى مورك.
وعلم أن وصول الرتل التركي إلى مورك يتزامن مع ترقب لإعادة فتح معبر مورك شمال حماة، خلال الساعات القليلة القادمة، إذ يربط المعبر مناطق سيطرة الفصائل بمناطق سيطرة قوات النظام.
وكانت «هيئة تحرير الشام» تسيطر على المعبر قبل انسحابها منه منذ أسابيع؛ حيث من المفترض أن يستخدم المعبر للتنقل بين مناطق سيطرة الفصائل والنظام، وتنقل الشاحنات والسيارات للتجارة.
وأشار «المرصد» إلى أنه لاحظ «إشراف روسيا على معبري نصيب والقنيطرة، اللذين افتتحا مع الأردن والجولان السوري المحتل، في 15 الشهر الجاري». كما رصد إشراف روسيا في وقت سابق على معبر أبو الضهور الذي ربط بين مناطق سيطرة النظام والفصائل، في القطاع الشرقي من ريف إدلب، وعاد على إثرها مئات المواطنين إلى قراهم وبلداتهم التي نزحوا عنها في القطاع الجنوبي الشرقي من ريف إدلب، خلال سيطرة قوات النظام وحلفائها عليها بعملية عسكرية قبل أشهر.
وكان «المرصد» قد أشار قبل أسبوعين إلى دخول 30 شاحنة محملة بالكتل الإسمنتية، دخلت من معبر باب الهوى الحدودي شمال إدلب، نحو نقاطها المتناثرة في الشمال السوري، إضافة إلى دخول رتل تركي جديد إلى الأراضي السورية، وذلك عبر منطقة كفرلوسين الحدودية شمال إدلب، وتوجه إلى النقطة التركية في شير مغار الواقعة بريف حماة الغربي كتعزيز لها؛ حيث ضم الرتل آليات عدة وجنود.
وشهدت النقطة التركية في شير مغار تعزيزات متواصلة في الآونة الأخيرة. كما كان المرصد السوري قد نشر في الـ25 من شهر سبتمبر (أيلول) الفائت من العام الجاري، أنه رصد دخول رتل عسكري جديد للقوات التركية إلى الأراضي السورية عبر معبر باب الهوى؛ حيث دخل الرتل الذي يضم أكثر من 40 آلية عسكرية بعد منتصف ليل الاثنين – الثلاثاء، واتجه نحو النقطة التركية في منطقة شير مغار بريف حماة، وتزامن دخول هذا الرتل وقتذاك مع التحضيرات الجارية لتطبيق الاتفاق الروسي – التركي، بعد أن دخل في الـ15 الشهر الماضي رتل عسكري تابع للقوات التركية عبر معبر كفرلوسين الحدودي شمال إدلب؛ حيث اتجه الرتل المؤلف من نحو 15 آلية عسكرية من ضمنها 6 دبابات، نحو النقطة التركية في منطقة شير مغار بجبل شحشبو في ريف حماة الغربي.
كما انقسم الرتل بعدها إلى قسمين: أحدهما بقي في نقطة شير مغار، والآخر اتجه نحو نقطة اشتبرق، بعدما دخل رتل سابق انقسم إلى قسمين: أحدهما توجه نحو النقطة التركية في منطقة مورك بريف حماة الشمالي، وتوجه الآخر نحو نقطة الصرمان بريف مدينة معرة النعمان، ويضم الرتل التركي دبابات ومعدات عسكرية ولوجستية.
في الإطار نفسه، سجلت عملية اغتيال جديدة عبر مجهولين، إذ لقي اثنان من حركة «أحرار الشام» المنضوية تحت «الجبهة الوطنية للتحرير»، مصرعهما بإطلاق النار عليهما من قبل مسلحين مجهولين في أحد نقاط الفصيل، بمنطقة جسر بيت راس في سهل الغاب، بريف حماة الشمالي الغربي.
وقال «المرصد»: «مع الاغتيال الجديد فإنه يرتفع إلى 357 شخصاً على الأقل، تعداد من اغتيلوا في أرياف إدلب وحلب وحماة، منذ الـ26 من أبريل (نيسان) من العام الجاري 2018. هم زوجة قيادي أوزبكي وطفل آخر كان برفقتها، إضافة إلى 70 مدنياً بينهم 12 طفلاً و6 مواطنات، عدد من اغتيلوا من خلال تفجير مفخخات وتفجير عبوات ناسفة وإطلاق نار واختطاف وقتل، ومن ثم رمي الجثث في مناطق منعزلة، و245 عنصراً ومقاتلاً من الجنسية السورية ينتمون إلى (هيئة تحرير الشام)، و(فيلق الشام)، وحركة (أحرار الشام الإسلامية)، و(جيش العزة)، وفصائل أخرى عاملة في إدلب، و40 مقاتلاً من جنسيات صومالية وأوزبكية وآسيوية وقوقازية وخليجية وأردنية وتركية، اغتيلوا بالطرق ذاتها، كذلك فإن محاولات الاغتيال تسببت بإصابة عشرات الأشخاص بجراح متفاوتة الخطورة، بينما عمدت الفصائل لتكثيف مداهماتها وعملياتها ضد خلايا نائمة اتهمتها بالتبعية لتنظيم داعش».
على صعيد آخر، قال «المرصد» إنه «لا تزال قضية المختطفين والمختطفات من أبناء السويداء لدى تنظيم داعش الشغل الشاغل في المحافظة؛ حيث يراقب أهالي المختطفين بشكل خاص وأهالي السويداء بشكل عام تطورات المفاوضات عن كثب، بين التنظيم من جانب واللجان المفوضة لحل قضية المختطفين من جانب آخر، والتي شهدت بدورها تطوراً ملحوظاً؛ حيث تأمل الأوساط الشعبية في المدينة وريفها في الوصول إلى اتفاق يقضي بالإفراج القريب عن المختطفين والمختطفات البالغ عددهم 18 طفلاً و9 مواطنات، كان التنظيم قد اختطفهم في الأربعاء الدامي الذي شهدته السويداء وريفها الشرقي في 25 يوليو (تموز)».
ورجحت مصادر أن تتم عملية الإفراج «خلال الساعات المقبلة، مع وعود قدمت لروسيا من مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز، حول تجنيد الشبان في محافظة السويداء وإلحاقهم بـ(خدمة التجنيد الإجباري) مقابل الإفراج عن المختطفات، فيما تتزامن عملية المفاوضات المستمرة هذه مع استمرار توقف العمليات العسكرية في تلول الصفا ببادية ريف دمشق، بين قوات النظام وحلفائها من جهة، وعناصر التنظيم من جهة أخرى، وذلك منذ يوم الثلاثاء وحتى اللحظة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.