إسرائيل تهدد غزة برد قاسٍ وغارات «غير مسبوقة»

رئيس الأركان قطع زيارته لواشنطن... ورئيس المخابرات المصرية ألغى جولته

رجل أمن يصلي قرب ركام قاعدة عسكرية تابعة لـ«حماس» في رفح دمرتها الغارات الإسرائيلية (أ.ب)
رجل أمن يصلي قرب ركام قاعدة عسكرية تابعة لـ«حماس» في رفح دمرتها الغارات الإسرائيلية (أ.ب)
TT

إسرائيل تهدد غزة برد قاسٍ وغارات «غير مسبوقة»

رجل أمن يصلي قرب ركام قاعدة عسكرية تابعة لـ«حماس» في رفح دمرتها الغارات الإسرائيلية (أ.ب)
رجل أمن يصلي قرب ركام قاعدة عسكرية تابعة لـ«حماس» في رفح دمرتها الغارات الإسرائيلية (أ.ب)

واصل المسؤولون الإسرائيليون توجيه تهديداتهم بشن «غارات غير مسبوقة» على قطاع غزة، على الرغم من إعلان حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في القطاع، عدم إطلاقهما صاروخي «غراد» باتجاه إسرائيل، وإعلان الوفد الأمني المصري عن وقف التصعيد.
وقطع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، زيارته للولايات المتحدة. وخرج رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، من جلسة مشاورات للقيادات الأمنية، ليعلن أنه سيوجه ضربات شديدة للقطاع. وفي الجلسة الأسبوعية للكابنيت (المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في الحكومة الإسرائيلية)، طرح وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، خطة حربية لغارات على القطاع، غير مسبوقة في حجمها منذ الحرب الأخيرة.
وأعلن في تل أبيب، أن رئيس المخابرات المصرية، اللواء عباس كمال، ألغى خطته للوصول إلى إسرائيل، وإلى كل من رام الله وغزة، اليوم الخميس، إلى حين يعود الهدوء. وأكد مصدر مقرب من الوفد الأمني المصري، إلغاء الزيارة المقررة لغزة.
وكانت جهة ما في قطاع غزة، قد أطلقت صاروخين من طراز «غراد» باتجاه إسرائيل، فجر أمس الأربعاء، في الوقت الذي كان فيه وفد أمني مصري كبير، قد بدأ جولة جديدة لتحقيق تهدئة بين إسرائيل و«حماس» من جهة، ودفع جهود المصالحة الفلسطينية بين السلطة و«حماس» من جهة ثانية.
وقد سقط الصاروخ الأول في البحر الأبيض المتوسط، مقابل شواطئ تل أبيب ويافا، ولم يحدث خسائر، وسقط الثاني فوق بيت في مدينة بئر السبع، وتسبب بأضرار جسيمة، وأحدث هلعا بين المواطنين.
وقد أعلنت الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية في غزة، عن رفضها لما أسمته «كل المحاولات غير المسؤولة، ومنها عملية إطلاق الصواريخ الليلة الماضية». وقالت في بيان لها: «نحيي الجهد المصري المبذول لتحقيق مطالب شعبنا، ونرفض كل المحاولات غير المسؤولة التي تحاول حرف البوصلة، ومنها إطلاق الصواريخ الليلة الماضية».
لكن الحكومة الإسرائيلية اعتبرت البيان: «ألعوبة من (حماس) و(الجهاد الإسلامي)، تشكل استمرارا للنهج الذي يتبعانه بقيادة المسيرات وإرسال البالونات المتفجرة نحو البلدات الإسرائيلية». وأرسلت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي لشن 20 غارة على القطاع، ما تسبب في مقتل الشاب ناجي جمال الزعانين (25 عاماً).
وحمل الجيش الإسرائيلي حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» المسؤولية عن إطلاق القذيفتين، بداعي أنهما التنظيمان الوحيدان اللذان يملكان مثل هذه القذائف، لجهة المدى والدقة، وأن امتناعهما عن تحمل المسؤولية، يأتي بهدف تحييد رد إسرائيلي عنيف محتمل. وعزت تحليلات أمنية وعسكرية، الهدف من التصعيد إلى جعله ورقة ضغط على مفاوضات التسوية التي وصلت إلى طريق مسدود.
وهدد نتنياهو، بتوجيه ضربات شديدة لقطاع غزة، في حال لم يتوقف إطلاق الصواريخ. وقال للصحافيين، خلال زيارة إلى مقر فرقة غزة العسكرية، بعد سقوط صاروخ في مدينة بئر السبع: «إذا لم تتوقف هذه الهجمات، فإننا سنوقفها. وأريد أن أقول لكم اليوم، إن إسرائيل ستعمل بقوة بالغة» موجها كلامه إلى المجلس الوزاري في بداية اجتماعه أمس.
وقال وزير الطاقة وعضو المجلس يوفال شطاينتس، إنه يجب على إسرائيل أن ترد على سقوط قذيفة في بئر السبع بهجوم عنيف، مضيفا أن الهدف هو «جباية الثمن بحيث يكون من الواضح أنه تم تجاوز خط أحمر»، ولكن دون الدخول في حرب شاملة. وأضاف أنه «يمكن تحقيق الهدوء من خلال إنزال ضربة مؤلمة لحركة حماس». وبحسبه، فإن إعادة «الهدوء إلى الجنوب»، يتم إما عن طريق توجيه ضربة قاسية ومحدودة، ثم محاولة التوصل إلى تهدئة، أو القيام بحملة عسكرية، أو شن حرب شاملة على قطاع غزة.
وأجرى نتنياهو جلسة طارئة لتقييم الأوضاع في مقر قيادة فرقة غزة، بمشاركة كل من وزير الدفاع، ونائب رئيس هيئة الأركان العامة لجيش الدفاع، ورئيس هيئة الأمن القومي، ورئيس جهاز الأمن العام، ومسؤولي الأجهزة الأمنية المختلفة. وقد التقى رئيس الوزراء بعد انتهاء تقييم الأوضاع الأمنية، مع رؤساء السلطات المحلية في منطقة غلاف غزة. ثم أدلى بتصريح قال فيه: «إن إسرائيل تنظر ببالغ الخطورة إلى الاعتداءات التي تشن على السياج الحدودي وعلى غلاف غزة وعلى بئر السبع وعلى أي مكان آخر. وقد قلت في مستهل جلسة الحكومة، إنه إذا لم تتوقف تلك الاعتداءات فسنوقفها بأنفسنا. وأقول لكم اليوم، إن إسرائيل سترد بقوة كبيرة».
وأعلن الناطق بلسان الجيش، أن رئيس الأركان، غادي آيزنكوت، قطع زيارته للولايات المتحدة وألغى سلسلة من الاجتماعات المهمة، وعاد إلى تل أبيب. وفي ساعات المساء، عقد المجلس الوزاري الأمني المصغر جلسته الأسبوعية للبحث في التدهور الجديد. وعرض فيه ليبرمان خطة لشن هجوم واسع النطاق على قطاع غزة، بدعوى فشل جهود الوساطة للتوصل إلى تهدئة. وادعى ليبرمان أن جميع جهود الوساطة عبر الأمم المتحدة ومصر وقطر، فشلت في التوصل لأي صيغة نهائية للتهدئة في غزة، ولم تنجح في «تعزيز الهدوء في الجنوب»، على حد تعبيره. واعتبر أنه «ليس هناك خيار سوى توجيه ضربة قاسية لـ(حماس)».
وقالت مصادر مطلعة، إن خطة ليبرمان لم تتضمن اجتياحا بريا؛ بل اقتصرت على تنفيذ غارات غير مسبوقة في شدتها، منذ الحرب الأخيرة في سنة 2014. وقال ليبرمان إنه مستعد لأن يوجه هذه الضربة حتى لو قادت إلى حرب.
لكن معارضي ليبرمان، اعتبروا خطته مجرد موقف سياسي مزايد، رد فيه على معارضيه الذين يتهمونه بالجبن، ويقولون إنه «مشغول بالشأن الحزبي الداخلي، دون تقديم خطة أمنية محددة».
وأكدت المصادر أن الجيش الإسرائيلي ما زال يرى ضرورة إعطاء فرصة لجهود التسوية وطلب الانتظار حتى يوم غد الجمعة، فإذا التزم الفلسطينيون بالهدوء يتم إعطاء فرصة أخرى، وإذا استمرت مسيرات العودة وإطلاق البالونات المتفجرة والصواريخ، فإن إسرائيل تعود للبحث والبت في شكل الرد.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.