«لنا أحلامنا الكبرى» طموحات اللاجئين على أجندة الأرض

«لنا أحلامنا الكبرى» هو عنوان عرض مسرحي تقدمه مجموعة من الشباب الفلسطيني والسوري المقيم في مخيمات لبنانية. يأتي هذا العرض الذي تشرف على أداء ممثليه فرقة منوال المسرحية، ضمن الدورة الثانية لمشروع «صلات روابط من خلال الفنون». ويتوجه إلى الشّباب والشّابات من اللاجئين في مدينة صيدا ومخيم عين الحلوة فيها ومخيم «البص» في صور. ويُعد ثمرة برنامج «صبا» الذي يهدف لبناء قدرات مسرحية للفئات الشبابية الذين يمضون ثلاثة أشهر من التحضيرات والتّمرينات لتقديمه. ويتميز عرض النسخة الثانية من المشروع المذكور بتوجهه إلى شباب تتراوح أعمارهم ما بين 18 و25 سنة، فيما اقتصر العرض المسرحي الأول «دارة دوارة» على مَن هم بأعمار أصغر (14 و18 سنة). وتتشارك المجموعة المختارة في تقديم هذه المسرحية (المؤلفة من نحو 12 شاباً وشابة) في رواية حكايات عن اللجوء وفوضى الشّتات بين سراب الوجود واللاوجود من فلسطين إلى سوريا وصولاً إلى المخيمات في لبنان، فيوظفون تجربتهم تلك لتحقيق حلمهم ببناء «أرض» تتشكل ملامحها من ذاكرة وواقع مرعب يثورون عليه ويغلبهم، لأنّهم لم يستطيعوا بعد الوصول إلى برّ السلام.
وكانت مجموعة من هؤلاء الشّباب والشّابات قد لبّت نداء فرقة «منوال» التي دعت مَن يرغب منهم في تطوير مهاراتهم المسرحية عبر وسائل التّواصل الاجتماعي.
«كانت أعدادهم كبيرة إلا أن ظروف بعضهم وعدم التزام البعض الآخر منهم بالتّمرينات والتحضيرات لهذا العمل اختصر عددهم ليصبح 12 شخصاً». تقول رؤى بزيع مديرة برنامج «صبا» المنظِّم لهذا العمل. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هو بمثابة إنجاز استطعنا أن نحققه في ظرف أشهر ثلاثة تعرَّفنا خلالها على أفكار وأحلام هؤلاء الشباب التي فرّغوها في وقوفهم على خشبة مسرح».
مشاهد حوارية وأخرى تتضمن العزف والغناء تتألف منها مشاهد مسرحية «لنا أحلامنا الكبرى»، التي ستعرض في 18 و19 الحالي في مؤسسة «عودة» في صيدا، ومن ثم في دار «النمر الثقافي»، في بيروت.
«سندفع بالجمهور في صيدا للتّفاعل مع الفنانين الـ12 من موقع إلى آخر بدءاً من مدخل مؤسسة (عودة)، حيث يتجمعون، مروراً بتفرعات له ستكون بمثابة محطات لمشاهد حوارية وغنائية. فهو نوع من أنواع المسرح المعاصر نهدف منه معايشة واقع الشتات الذي يعيشه هؤلاء. فيتنقل الناس مع الممثلين الآتيين من خلفيات مختلفة من مكان إلى آخر، ليعيشوا مرحلة اختبار حقيقية بحثا عن إيجاد (الأرض) التي تشكل الحلم الأساسي للشباب». لماذا الأرض وليس الوطن؟ توضح بزيع: «لأنّ الأرض واحدة وتتسع للجميع بكل بساطة فيما أنّ الوطن محدود المساحة والهوية معاً».
يوقع إخراج هذه المسرحية جاد حكواتي، ويشارك فيها الشباب أنس علي وبلال قاسم ورشا مرعي ورنا موسى وطلال الدادو وعبد الغني محمد عبد الغني وغيرهم.
ويشير المخرج إلى أنه اكتشف من خلال احتكاكه المباشر مع الشّباب كمية الانفتاح التي يتمتعون بها للانخراط في مجتمعات أخرى. ويضيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لديهم طاقات ونشاطات واهتمامات كثيرة عملنا على تعزيزها من خلال هذا البرنامج. فلقد استفادوا من هذه التجربة ليعبروا عن أحلام تراودهم». ويتمحور مشهد رنا موسى حول الحقوق الإنسانية والعدالة من خلال حلمها المتمثل بممارستها المحاماة يوماً ما. وفي مشهد فكاهي يرتكز على عنصر «الحواجز» التي يمر عليها يومياً اللاجئون في كل مرّة خرجوا أو دخلوا إلى بيوتهم في المخيمات، نتابع طبيعة مشاعر وأحاسيس الشباب والشابات في كل مرة شاهدوا أحدها. وبين غناء «الراب» والرقص ضمن لوحات «الدبكة» نتعرف إلى أحلام شريحة أخرى من هؤلاء الشباب الذين يرغبون في العيش بحرية كغيرهم من الناس، لا سيما أنّ بينهم فتيات بطلات في لعبة كرة القدم وفي إلقاء الشعر. «إنّه شباب يحلم ببيت الطفولة وبتبوء مراكز عمل عالية وبتغيير نمط حياتهم». يوضح جاد حكواتي في سياق حديثه ويتابع: «أهمية هذه المسرحية وضعها هؤلاء الشباب على تواصل مباشر مع الناس؛ فهم متعطشون لإيصال أفكارهم وطموحاتهم لأكبر عدد ممكن منهم كونهم يواكبون تطوّر العالم بشكل فعلي».
«عملنا الحقيقي يبدأ بالفعل بعيد عرض هذه المسرحية في صيدا وبيروت، عندها سنتعرّف إلى ردود فعل الناس، وإلى مدى تلقفهم لمواضيع أساسية في حياة اللاجئين. فتتبلور الأفكار في أذهاننا لتصبح أكثر نضجاً ممّا يخولنا تطوير عملنا هذا بشكل أفضل»، تختم رؤى بزيع حديثها لـ«الشرق الأوسط».
تكمل فرقة «منوال» أعمالها في هذا المحترف من خلال مساعدات تتلقاها من قبل مؤسسة القطان وصندوق الأمير كلاوس، وهي تعمل على مشاريع جديدة من شأنها أن تصبّ في نطاق انخراط هؤلاء الشباب في مجتمع يصغي إلى همومهم وأحلامهم.