هجوم على «القاهرة السينمائي» بسبب تكريم كلود ليلوش

المخرج الفرنسي عرف بميوله الصهيونية

المخرج الفرنسي كلود ليلوش
المخرج الفرنسي كلود ليلوش
TT

هجوم على «القاهرة السينمائي» بسبب تكريم كلود ليلوش

المخرج الفرنسي كلود ليلوش
المخرج الفرنسي كلود ليلوش

أثار إعلان مهرجان القاهرة السينمائي عن نيّته تكريم المخرج الفرنسي كلود ليلوش في دورته الأربعين المقرّر إقامتها في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، موجة من الجدل والانتقادات لإدارة المهرجان، بدعوى دعم ليلوش للكيان الصهيوني، مطالبين بإلغاء تكريمه، وهو ما رفضه القائمون على المهرجان، مؤكدين إصرارهم على التكريم رغبة في «كسر العزلة».
حملة الهجوم على المهرجان بدأها الناقد السينمائي مالك خوري، على صفحته الشّخصية على موقع «فيسبوك»، وسرعان ما تبعه نقاد ومخرجون آخرون أمثال المخرج المصري مجدي أحمد علي، والمنتج محمد العدل، وغيرهم.
وتساءل خوري، رئيس قسم السينما في الجامعة الأميركية بالقاهرة، عن سبب اختيار ليلوش، وهل لم تجد إدارة المهرجان غيره من السينمائيين في العالم لتكريمه؟ وقال لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «ليلوش أعلن أكثر من مرة أنّه يعتبر إسرائيل مثالاً للعالم في مقاومة الخوف والكراهية»، وأضاف: «قليلا من الخجل يا جماعة، وقليلا من الاحترام لمن ماتوا ويموتون يوميا في فلسطين».
واتفقت معه الناقدة الفنية ماجدة موريس، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «تكريم ليلوش في مهرجان القاهرة السينمائي، سيأخذ كثيرا من جمال المهرجان، ويصبح مثل العلقم في الفم، بسبب دعمه وتأييده لإسرائيل التي تُمارس جرائم يومية ضد الفلسطينيين».
وليلوش فرنسي من أصل جزائري، ولد في باريس في 30 أكتوبر (تشرين الأول) 1937، لأب يهودي وأم مسيحية، وقال في تصريحات نشرتها الصّحف الإسرائيلية خلال زيارته لإسرائيل عام 2016: «أنا سعيد جدا بوجودي في تل أبيب. زرت إسرائيل 10 مرات وفِي كل مرة أشعر أنّني في بيتي، فهي الدولة التي أحبها كثيرا، وأدرك حقيقة أنّ من يعيش هنا يواجه صعوبات، حيث يتصارع الماضي والمستقبل مع الحاضر، لكن هذا التوتر والاضطراب جعلا التواصل الإنساني هنا أكثر قوة».
ونشر المخرج مجدي أحمد علي صورة ليلوش أثناء حصوله على الدكتوراه الفخرية من جامعة بن غوريون الإسرائيلية، في عام 2005. وقال إنّ «الجامعة منحته الدكتوراه تقديراً لمساهمته في تطوير الدّولة الصهيونية»، وأضاف أنّ «تكريمه سيضر بسمعة أهم مهرجان عربي».
لكن النّاقد السينمائي يوسف شريف رزق الله، المدير الفني للمهرجان، يرى أنّ «ليلوش مخرج عالمي، ولَم يبد أي ميول صهيونية»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «زيارة ليلوش لإسرائيل لا تعني انحيازه لها، فكثير من الفنانين زاروها». وأضاف أنّ «المخرج الفرنسي طلب زيارة مصر، مما يعني أنّه من محبيها وعشاقها، وهذا دليل على حسن النية».
في المقابل، أكّدت موريس رفضها تكريم ليلوش، وقالت: «المشكلة ليست في زيارته لإسرائيل بل في دعمه لها، وتصريحاته المؤيدة لهذا الكيان»، مشيرة إلى أنّ «كثيرا من الفنانين الفرنسيين أدانوا إسرائيل واعتداءاتها على الفلسطينيين، لكنّ ليلوش فعل العكس».
واقترح خوري أن يتم «دعوة المخرج الفرنسي المعروف بعدائه للصهيونية، والمؤسس الفعلي للموجة الفرنسية الجديدة والإنسان المنسجم خلقيا مع نفسه ومع فنه جان - لوك غودار لتكريمه في المهرجان، بهدف إحداث التوازن في حال الإصرار على تكريم ليلوش، خاصة أنّه وصف ليلوش من قبل بأنّه صهيوني مسعور».
من جانبه، أكد محمد حفظي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، في تصريحات صحافية، أنّه «لن يتراجع عن تكريم ليلوش»، معتبرا الحديث عن انتماءات ليلوش الصهيونية «شائعات»، وقال: «ليس كل فنان زار إسرائيل عدوا للعرب، ولو تصرفنا بهذا الشكل فسنعزل أنفسنا».
لكن موريس قالت إنه «لا يمكن فصل الفن عن السّياسة، فالمواقف لا تتجزأ، ومهمة الفن خلق عالم إنساني جميل»، مشيرة إلى أنّها «تحبّ إبداع ليلوش خاصة فيلم رجل وامرأة، لكن أيا كان إبداعه الفني، فلا يجب تكريمه في هذه المرحلة».
وأعرب خوري عن «دهشته من إصرار حفظي على تجاهل كل الوقائع المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي التي تؤكّد انتماءات ليلوش الصهيونية»، مشيراً إلى أنّ «ليلوش قال في حوار نشرته صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية، إنّ معاداة السامية من حظ اليهود لأنّها تجعلنا مبدعين، وإنّه عرض على ديفيد بن غوريون استخدام الجيش الإسرائيلي في أفلامه».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».