موسكو مرتاحة لتنفيذ اتفاق إدلب رغم «العقبات»... وتدعو الأسد لزيارة القرم

الأسد مستقبلاً رئيس جمهورية القرم الروسية سيرغي أكسيونوف في دمشق أمس (إ.ب.أ)
الأسد مستقبلاً رئيس جمهورية القرم الروسية سيرغي أكسيونوف في دمشق أمس (إ.ب.أ)
TT

موسكو مرتاحة لتنفيذ اتفاق إدلب رغم «العقبات»... وتدعو الأسد لزيارة القرم

الأسد مستقبلاً رئيس جمهورية القرم الروسية سيرغي أكسيونوف في دمشق أمس (إ.ب.أ)
الأسد مستقبلاً رئيس جمهورية القرم الروسية سيرغي أكسيونوف في دمشق أمس (إ.ب.أ)

أكد الكرملين ارتياحه لسير تنفيذ الاتفاق مع تركيا، حول إنشاء منطقة منزوعة السلاح حول إدلب، وشدد على أن ظهور عراقيل «لا يؤثر على مواصلة العمل المشترك مع أنقرة» لإنجاز التفاهمات المشتركة.
وأفاد الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، بأن المعطيات التي قدمتها وزارة الدفاع الروسية تشير إلى ارتياح كبير «للخطوات التي يقوم بها الزملاء الأتراك». وزاد أن الرئاسة الروسية «أشادت بخطوات تنفيذ مذكرة التفاهم حول المنطقة منزوعة السلاح في إدلب السورية».
وأوضح الناطق أنه «وفقا للمعلومات التي نتلقاها من قواتنا العسكرية، يتم تنفيذ مذكرة التفاهم بطريقة جيدة. والجيش راض عن الطريقة التي يتعامل بها زملاؤنا الأتراك مع هذه المسألة»، مشيرا إلى أن الطرفين الروسي والتركي «كانا يتوقعان منذ البداية أن الأمور لن تكون سهلة، ومن المستحيل الرهان على ألا تعترض سير خطوات التنفيذ عوائق»، مؤكدا على أن «العمل يجري لتذليل المصاعب واستكمال تنفيذ بنود الاتفاق».
تزامن ذلك مع توجيه وزارة الدفاع الروسية انتقادات قوية إلى القوات التي وصفت بأنها «متحالفة مع الولايات المتحدة على الضفة الشرقية لنهر الفرات» في إشارة إلى «قوات سوريا الديمقراطية» التي يشكل الأكراد غالبيتها. وقال رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، الفريق فلاديمير سافتشينكو، إنه «نتيجة تقاعس القوات الموالية للأميركيين، تمكن الإرهابيون من فرض السيطرة الكاملة على منطقة بطول نحو 20 كيلومترا، على امتداد الضفة الشرقية لنهر الفرات بين هجين وسوسة».
وأضاف أنه على الرغم من إعلان الولايات المتحدة الانتصار على إرهابيي «داعش»، فلا يزال مسلحون يسيطرون على بعض المناطق، واتهم القوات الأميركية و«قوات سوريا الديمقراطية» بـ«مواصلة التظاهر بمحاربة المسلحين في ريف دير الزور الجنوبي». ولفت المتحدث العسكري إلى أن المتشددين هاجموا مخيما للنازحين يوم 13 أكتوبر (تشرين الأول)، وخطفوا 700 شخص ونقلوهم إلى هجين.
على صعيد آخر، كشفت وسائل إعلام روسية معطيات أفادت بأن موسكو قامت في الآونة الأخيرة بزج وحدات من قوات النخبة البحرية الروسية، ومجموعات «الضفادع البشرية» في سوريا. وزادت أن هذه القوات قامت بتدريبات أخيرا قرب السواحل السورية.
وأشارت صحيفة «فزغلياد» الروسية نقلا عن مصادر عسكرية، إلى أن وجود الروس في سوريا، لم يعد يقتصر على الطيارين والمستشارين العسكريين وضباط الاستخبارات، ووحدات الشرطة العسكرية، إذ قامت «الضفادع البشرية» الروسية بتدريبات واسعة أخيرا على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط.
وزادت أن الوحدات التي أرسلت إلى سوريا تعد «من وحدات النخبة وأكثرها سرية في القوات الخاصة الروسية». مشيرة إلى أنها استخدمت خلال التدريبات معدات غوص فرنسية وإيطالية الصنع، بالإضافة إلى دراجات ألمانية تستخدم تحت سطح البحر.
ورجحت الصحيفة أن تكون هذه التدريبات جرت في سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما أجرت وزارة الدفاع الروسية قبالة سواحل سوريا تدريبات واسعة النطاق قرب السواحل السورية؛ لكن لم يشر في حينها إلى مشاركة وحدات من «الضفادع البشرية» في التدريبات.
إلى ذلك، لم يستبعد الرئيس السوري بشار الأسد أثناء لقائه وفدا رسميا من شبه جزيرة القرم، احتمال مشاركته في منتدى «يالطا» الاقتصادي الدولي، الذي يقام في القرم في أبريل (نيسان) المقبل. وقال أندريه نازاروف، أحد أعضاء وفد القرم والرئيس المشارك في منتدى «يالطا» الاقتصادي الدولي، إن الأسد أبلغ الوفد بأنه «سيحضر أعمال المنتدى إذا سنحت له الظروف». وزاد أنه (الأسد) «أعرب عن رغبة في زيارة القرم، والمشاركة في مثل هذا الحدث الدولي». وفي حال تمت هذه الزيارة فستكون أول زيارة لرئيس أجنبي إلى شبه جزيرة القرم منذ إعلان ضمها إلى روسيا في عام 2014. وكانت دمشق قد أعلنت اعترافا رسميا بضم القرم إلى روسيا قبل عامين، وبحثت إنشاء ملحقية تجارية في القرم، لتعزيز التعاون الاقتصادي التجاري مع الإقليم.
وأفاد نازاروف بأن اللقاء مع الأسد شمل الحديث عن وضع آلية لإطلاق رحلات جوية مباشرة بين سوريا والقرم. وكان رئيس القرم سيرغي أكسيونوف قد وصل إلى دمشق الاثنين، في زيارة على رأس وفد يضم عشرات من المسؤولين ورجال الأعمال من القرم.
وهنأ الرئيس السوري خلال استقباله الوفد في دمشق «شعب القرم وقيادته على تحقيق إرادتهم، بالعودة إلى حضن الوطن الأم روسيا». وأكد أن «هذه الزيارة تشكل بداية جديدة لبناء علاقات تعاون بين الجانبين في مختلف المجالات؛ خاصة أن البلدين يملكان موقعا متميزا على البحرين الأسود والمتوسط».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.