نائب رئيس جنوب أفريقيا يؤكد دعم بلاده لتنفيذ اتفاق السلام في جنوب السودان

يبدأ محادثات اليوم في الخرطوم... ومقتل حرس النائب الأول في جوبا برصاص مجهولين

TT

نائب رئيس جنوب أفريقيا يؤكد دعم بلاده لتنفيذ اتفاق السلام في جنوب السودان

أجرى نائب رئيس جنوب أفريقيا ديفيد مابوزا محادثات مع رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت في جوبا أمس تركزت حول تنفيذ اتفاق تنشيط السلام، وسيجري المسؤول الجنوب أفريقي محادثات اليوم في الخرطوم مع مسؤولين سودانيين في ذات الشأن. وأكد مسؤول في شرطة جنوب السودان، مقتل أحد حراس النائب الأول لرئيس جنوب السودان تابان دينق قاي، أول من أمس بعد إطلاق النار عليه من قبل مسلحين مجهولين.
وقال دانيال جاستن المتحدث باسم الشرطة في تصريح بثه تلفزيون جنوب السودان أمس، بأن مسلحين مجهولين أطلقوا النار على حرس النائب الأول تابان دينق قاي أثناء تأديته لواجبه، مبيناً أن الشرطة قامت بتأمين منزل النائب الأول وبدأت في إجراء تحقيقات لمعرفة ملابسات الحادث.
من جهة أخرى، أكد نائب رئيس دولة جنوب أفريقيا ومبعوثها الخاص إلى جوبا، ديفيد مابوزا، دعم بلاده لاتفاق تنشيط السلام وإنهاء النزاع في جنوب السودان والذي وقعته الأطراف في 12 سبتمبر (أيلول) الماضي. وقال للصحافيين عقب لقائه الرئيس سلفاكير ميارديت أمس، إن الهدف من زيارته إلى جوبا دعم تنفيذ الاتفاقية ومواصلة جهود رئيس بلاده في تسهيل عملية السلام، لافتاً إلى أن اجتماعاته مع كافة الأطراف أظهرت رغبتها والتزامها الجاد في تنفيذ ما تم التوقيع عليه، وقال: «كان هناك نوع من التفاؤل خلال الاجتماعات التي أجريتها مع كافة الأطراف وقد طلبوا دعم الإقليم لهذه الاتفاقية».
وأنهى مابوزا زيارته لجوبا وتوجه إلى العاصمة السودانية حاملاً رسالة من رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا إلى نظيره السوداني عمر البشير تتعلق بالعلاقات بين البلدين وسبل تحقيق السلام في جنوب السودان، وسيجري المبعوث الجنوب أفريقي لقاءات مع رئيسي أوغندا وكينيا ورئيس الوزراء الإثيوبي في ذات الشأن.
وكانت جنوب أفريقيا وتنزانيا قامتا بمساعٍ لتحقيق السلام في جنوب السودان عبر إعادة توحيد حزب الحركة الشعبية الحاكم في جوبا، ووقعت فصائل الحزب اتفاقية «اروشا» التنزانية في يناير (كانون الثاني) 2015.
إلى ذلك، كشفت نائبة وزير الإعلام في جنوب السودان ليلى البينو أكول أن حكومتها ستقيم احتفالا كبيرا في جوبا، في الثلاثين من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بمناسبة توقيع اتفاق السلام بين الحكومة والمعارضة. وأضافت: «لقد شكل الرئيس سلفاكير لجنة وزارية برئاسة وزير المالية سلفاتور قرنق لوضع الميزانية والترتيبات الخاصة بالاحتفال». ولفتت إلى أن الرئيس سلفاكير كان وجه الدعوة إلى قادة الإقليم ورؤساء الدول للمشاركة في الاحتفال، وتوقعت حضور رؤساء أوغندا وكينيا ورواندا والسودان، وقالت إنها تتوقع مشاركة زعيم المعارضة رياك مشار الذي سيصبح نائباً أول للرئيس في مايو (أيار) العام القادم وفق اتفاق تقاسم السلطة.
على صعيد آخر، نفى رئيس هيئة أركان الجيش السابق في جنوب السودان بول مالونق اتهامه بارتكاب فظائع ضد المدنيين واختلاس أموال عامة خلال الحرب الأهلية التي استمرت خمس سنوات، محملاً الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه السابق زعيم المعارضة رياك مشار مسؤولية اندلاع الحرب في البلاد.
وأظهر فيلم وثائقي عرضه «سنتري» بالتضامن مع مشروع «كفاية»، اتهامات الأميركيين ضد بول ملونق رئيس أركان الجيش السابق في جنوب السودان وعدد من المسؤولين في الدولة والذين اتهموا بأنهم راكموا ثرواتهم من عائدات النفط وتمويل الحرب التي استمرت لخمس سنوات.
وقال مالونق الخاضع لعقوبات من الأمم المتحدة والولايات المتحدة بشأن ثروته المالية وتورطه في جرائم حرب في مقابلة مع قناة «سيتزن» الكينية إنه لم يستفد من منصبه كحاكم لولاية شمال بحر الغزال أو من موقعه عندما كان رئيساً لهيئة أركان الجيش، وأضاف: «لم يخبرونا من أين حصلت على المال، وذلك الفيلم الوثائقي والذين اتهموني عليهم أن يثبتوا أنني سرقت المال أنا لست رجلاً غنياً وأنا أعتني بنفسي وبعائلتي». وأبدى استغرابه لاتهامه بالتورط في الاستفادة من النفط في شمال بحر الغزال، وقال: «شمال بحر الغزال ليست ولاية منتجة للنفط والجميع يعلم ذلك، إذن لماذا يتهمونني بذلك؟».
وفيما يتعلق بفترة عمله رئيساً لهيئة الأركان واتهامه بتحويل ميزانية الجيش لحسابه الخاص، قال مالونق وهو كان أحد المقربين للرئيس سلفاكير، إن وزير الدفاع هو الذي يخطط لميزانية الجيش ورئيس الأركان هو المنفذ. وأضاف: «أنا لا أحصل على مال الجيش بشكل مباشر وإنما أحصل على خيام وأسلحة وذخائر، وكنت أقوم بوظيفتي فقط بتنفيذ الأوامر حسب التسلسل العسكري والقائد العام للجيش هو سلفاكير»، نافياً بشدة مسؤوليته عن قتل المدنيين في جوبا عقب تجدد الاشتباكات في القصر الرئاسي في يوليو (تموز) 2016. وقال: «خلال معركة القصر كنت أسيطر على الجيش أكثر من أي وقت آخر».
ورفض مالونق المقيم حاليا في نيروبي اتهام الجيش باغتصاب نساء في أحد فنادق جوبا، وقال إن من قام بذلك جنود يتبعون جهاز الأمن الوطني وتم التعرف عليهم وليس من أفراد الجيش، محملاً الرئيس سلفاكير ميارديت وزعيم المعارضة رياك مشار مسؤولية اندلاع الحرب، وأضاف: «لقد غابت على الأمم المتحدة والولايات المتحدة نقطة مهمة عن أسباب الحرب الجميع يعلم أن سلفاكير ومشار يتحملان مسؤولية إشعالها».



«كوب 29»: اتفاق على تمويل سنوي قدره 300 مليار دولار يثير خيبة الدول النامية

شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
TT

«كوب 29»: اتفاق على تمويل سنوي قدره 300 مليار دولار يثير خيبة الدول النامية

شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
شعار قمة «كوب 29» (رويترز)

تعهّدت الدول المُتقدّمة، يوم الأحد، في باكو، تقديم مزيد من التمويل للدول الفقيرة المهددة بتغير المناخ، وذلك في ختام مؤتمر للأمم المتحدة سادته الفوضى في أذربيجان وخرجت منه الدول النامية بخيبة أمل.

وبعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، وافقت دول العالم المجتمعة في باكو، الأحد، على اتفاق يوفر تمويلاً سنوياً لا يقل عن 300 مليار دولار للدول النامية التي كانت تطالب بأكثر من ذلك بكثير لمكافحة التغير المناخي.

وأعرب الكيني علي محمد، متحدثاً باسم المجموعة الأفريقية، عن أسفه، لأن التمويل الموعود في مؤتمر «كوب 29» حتى عام 2035 «قليل جداً ومتأخر جداً وغامض جداً». أما نظيره من ملاوي إيفانز نجيوا الذي يمثل أفقر 45 دولة في العالم، فندد بالاتفاق ووصفه بأنه «غير طموح»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت المندوبة الهندية شاندني راينا في مؤتمر «كوب 29» في باكو: «المبلغ المقترح ضئيل جداً. إنه مبلغ زهيد»، مشيرة إلى أن الرئاسة الأذربيجانية لم توفر لها فرصة التحدث قبل الموافقة النهائية على النص.

مخيب للآمال

ويتمثل هذا الالتزام المالي من جانب دول أوروبية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان ونيوزيلندا، تحت رعاية الأمم المتحدة، في زيادة القروض والمنح للدول النامية من 100 مليار إلى «300 مليار دولار على الأقل» سنوياً حتى عام 2035.

والأموال مخصصة لمساعدة هذه الدول على التكيف مع الفيضانات وموجات الحر والجفاف، وأيضاً للاستثمار في الطاقات منخفضة الكربون.

وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن مشاعر متباينة حيال الاتفاق بشأن تمويل المناخ الذي تم التوصل إليه في أذربيجان، فجر الأحد، حاضاً الدول على اعتباره «أساساً» يمكن البناء عليه.

وقال غوتيريش: «كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً... من أجل مواجهة التحدي الكبير الذي نواجهه»، داعياً «الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساساً لمواصلة البناء» عليه.

وأعربت وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية أنياس بانييه - روناشيه عن أسفها، لأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه، الأحد، في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين في أذربيجان «مخيب للآمال»، و«ليس على مستوى التحديات».

وقالت الوزيرة في بيان، إنه على الرغم من حصول «كثير من التقدّم»، بما في ذلك زيادة التمويل للبلدان الفقيرة المهددة بتغيّر المناخ إلى 3 أضعاف، فإنّ «النص المتعلّق بالتمويل قد اعتُمِد في جوّ من الارتباك واعترض عليه عدد من الدول».

اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة

في المقابل، أشاد المفوض الأوروبي فوبكه هوكسترا، الأحد، بـ«بداية حقبة جديدة» للتمويل المناخي. وقال المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ: «عملنا بجدّ معكم جميعاً لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار 3 مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح. إنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق».

من جهته، رحب وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، واصفاً إياه بأنه «اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة من أجل المناخ». وقال ميليباند: «هذا ليس كل ما أردناه نحن أو الآخرون، لكنها خطوة إلى الأمام لنا جميعاً».

كما أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن، السبت، باتفاق «كوب 29» بوصفه «خطوة مهمة» في مكافحة الاحترار المناخي، متعهداً بأن تواصل بلاده عملها رغم موقف خلفه دونالد ترمب المشكك بتغيّر المناخ.

وقال بايدن: «قد يسعى البعض إلى إنكار ثورة الطاقة النظيفة الجارية في أميركا وحول العالم أو إلى تأخيرها»، لكن «لا أحد يستطيع أن يعكس» هذا المسار.

وكانت الدول الأكثر عرضة للتغير المناخي قد انسحبت، في وقت سابق السبت، من المشاورات مع رئاسة أذربيجان للمؤتمر، احتجاجاً على مسودة اتفاق لا تفي بمطالبها للحصول على مساعدات مالية.

وأعلن سيدريك شوستر من ساموا باسم مجموعة الدول الجزرية (Aosis) برفقة ممثل أفقر 45 دولة في العالم: «لقد غادرنا (...). نعدّ أنه لم يتم الإصغاء إلينا».

أجواء مثقلة

وبعد أكثر من 24 ساعة من التأخير، بدأت الجلسة الختامية لمؤتمر الأطراف «كوب 29»، مساء السبت، بينما دعا رئيس المؤتمر مختار بابايف، الدول إلى تخطي «انقساماتها».

وحاولت مسودة الاتفاق التوفيق بين مطالب الدول المتقدمة، لا سيما الاتحاد الأوروبي، ومطالب الدول النامية التي تحتاج إلى مزيد من الأموال للتكيف مع مناخ أكثر تدميراً.

ودعت أكثر من 350 منظمة غير حكومية، الدول النامية صباح السبت، للانسحاب من المفاوضات، قائلة إن عدم التوصل إلى اتفاق خير من التوصل إلى اتفاق سيئ.

وهي استراتيجية تتناقض مع الرسالة الطارئة التي وجهها كثير من البلدان النامية. وشدد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي لديه أولويات أخرى لمؤتمر الأطراف الثلاثين في بيليم العام المقبل، على «عدم تأجيل» مهمة باكو حتى عام 2025.

وقال الوزير الآيرلندي إيمون ريان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «علينا أن نعطي الأمل للعالم، وأن نثبت أن التعددية ناجحة».

وانتقد مفاوضون ومنظمات غير حكومية تنظيم أذربيجان للمؤتمر التي لم يسبق لها أن أشرفت على حدث العالمي كهذا.

وانعقد مؤتمر الأطراف في أجواء مثقلة. فقد هاجم الرئيس إلهام علييف فرنسا، حليف عدوه أرمينيا، واستدعى البلدان سفيريهما. وقال برلمانيان أميركيان إنهما تعرضا لمضايقات في باكو. وتم اعتقال كثير من نشطاء البيئة الأذربيجانيين.

قواعد تداول أرصدة الكربون

توازياً اعتمد مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون (كوب 29)، السبت، قواعد جديدة تتيح للدول الغنية تحقيق أهدافها المناخية من خلال تمويل مشروعات خضراء داعمة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري في دول أفريقيا وآسيا.

ويأتي هذا القرار الذي اتخذته الدول المجتمعة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في باكو، مساء السبت، وقوبل بالتصفيق، بعد سنوات من الجدل الحاد حول تداول أرصدة الكربون للحد من الانبعاثات.

وهذا الإجراء منصوص عليه في اتفاق باريس لعام 2015، وقرار السبت يجعله ساري المفعول. وتعول البلدان النامية في أفريقيا وآسيا بشكل كبير على هذا الإجراء للحصول على تمويل دولي.

ويتعين على البلدان الغنية أن تمول أنشطة تعمل على تدعيم مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي في البلدان النامية: زراعة الأشجار، أو الاستبدال بالمركبات العاملة بالوقود، أخرى كهربائية، أو الحد من استخدام الفحم. ويحسب هذا الخفض في الانبعاثات في البصمة الكربونية للدول الممولة للمشروعات.

واستباقاً للضوء الأخضر الذي كان متوقعاً في باكو، تم التوقيع على 91 اتفاقاً ثنائياً، معظمها من اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة، لـ141 مشروعاً رائداً، وفق حصيلة وضعتها الأمم المتحدة حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني).