«جواز عبور السياحة الثقافية» مسابقة بحرينية للتعرّف على كنوز المحرق الأثرية

تطلب من المتسابق اكتشاف 18 موقعاً أثرياً

«جواز عبور السياحة الثقافية» («الشرق الأوسط»)
«جواز عبور السياحة الثقافية» («الشرق الأوسط»)
TT

«جواز عبور السياحة الثقافية» مسابقة بحرينية للتعرّف على كنوز المحرق الأثرية

«جواز عبور السياحة الثقافية» («الشرق الأوسط»)
«جواز عبور السياحة الثقافية» («الشرق الأوسط»)

أطلقت هيئة البحرين للثّقافة والآثار مسابقة «جواز عبور السياحة الثقافية» التي تهدف إلى اكتشاف 18 موقعاً تمثل كنوز مدينة المحرق الأثرية التي تحتفل بإعلانها عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2018.
وتأتي الخطوة لتشجيع المواطنين والمقيمين وزوار البحرين على اكتشاف إرث المدينة الحضاري والثّقافي على مدى شهرين، حيث يتجول المشارك في المسابقة داخل المواقع الأثرية ويتعرف عليها عبر وثيقة «جواز سفر» رمزي.
ومنذ بداية العام تحتفي البحرين بالمحرّق عاصمةً للثقافة الإسلاميّة، إثر اختيارها من قِبل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) عاصمة للثقافة الإسلامية، لما تتمتع به من آثار ثقافية وفنون إسلامية ومنابر علمية وإرث إنساني، إضافة إلى ما تضمّه البحرين من مقومات حضارية وتاريخية في رصيدها الثّقافي الكبير.
تأتي المبادرة لتتماشى مع استراتيجيات هيئة البحرين للثقافة والآثار الرّامية إلى دعم الحركة الثقافية البحرينية من خلال تعزيز دور المتاحف والمراكز الثقافية والأثرية والمكوّنات الثقافية الأخرى لإثراء معرفة المجتمع وجذب الزّوار إلى الكنوز الثقافية والحضارية التي يقدر عمرها بآلاف السنين.
ويمثل جواز عبور السياحة الثقافية وثيقة رمزية تعدّ دليلًا لـ18 محطّة ثقافيّة في المحرّق كما يحتوي على مساحة مخصّصة لختم يحصل عليه حامل الجواز عند زيارة هذه المواقع، إضافة إلى مساحة مخصّصة للبيانات الشّخصية يملأها حامله.
ويجري توزيع جواز عبور الثقافة خلال أكتوبر (تشرين الأول)، ونوفمبر (تشرين الثاني) في كلٍّ من المكتبة الخليفية، ومركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث. كما يتوجّب على حامل الجواز التّأكد من ختمه في المواقع الـ18 ثمّ تسليم الجواز لمتحف البحرين الوطني في موعد أقصاه 30 نوفمبر 2018، لضمان دخول المشارك في السحب على الجوائز، ويجري السحب في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، خلال الاحتفالات بالأعياد الوطنية في مملكة البحرين، وذلك يوم 18 ديسمبر (كانون الأول) الذي يوافق يوم اللغة العربية في المركز الإقليمي العربي للتّراث العالمي.
يشار إلى أنّ فكرة جواز عبور الثّقافة انطلقت في عام 2015، في أثناء مشاركة البحرين في معرض إكسبو ميلانو 2015، عبر جناح «آثار خضراء» وذلك للترويج للكنوز الأثرية في البحرين، وأعادت هيئة البحرين للثقافة والآثار تقديم المسابقة في حلّة جديدة هذا العام لتستهدف اكتشاف ما تحتويه مدينة المحرّق عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2018، من كنوز وآثار تدلّ على عراقتها وعمقها التاريخي، ويشترط للدخول في المسابقة أن يكون الحد الأدنى لأعمار المشاركين 18 سنة.



الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك
TT

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

قليلاً ما يتحول حفل تكريم مبدع كبير إلى احتفاءٍ بكل الحلقة الخلاّقة التي تحيط به. هذا يتطلب رقياً من المكرّم والمنظمين، يعكس حالةً من التسامي باتت نادرة، إن لم تكن مفقودة.

فمن جماليات حفل تكريم الشاعر الفذّ طلال حيدر على «مسرح كركلا»، برعاية وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري وحضوره، الأحد الماضي، هذا التحلق اللافت لجمع من الشعراء وأهل الفكر والثقافة والفنانين والإعلاميين، حول شاعرهم الذي رفد الأغنية اللبنانية بأجمل القصائد، وأغنى الشعر بصوره المدهشة وتعابيره المتفجرة.

طلال حيدر قبل التكريم مع الفنان عبد الحليم كركلا ووزير الإعلام زياد المكاري

طربيه ودور البطل

قدم الحفل الممثل القدير رفعت طربيه الذي هو نفسه قيمة فنية، معتبراً أن حيدر «كان دائماً البطل الأول على (مسرح كركلا). فهو ابن الأرض، وابن بعلبك، لكنه في الوقت عينه واكب الشعر العالمي ودخل الحداثة فكراً وصورةً وإيقاعاً، راكباً صهيل الخيل». فليس شائعاً أن يترجم شاعر بالعامية إلى لغات أجنبية كما هي دواوين المكرّم وقصائده.

عبد الحليم كركلا مع الشاعر نزار فرنسيس (خاص - الشرق الأوسط)

ومن أرشيف المايسترو عبد الحليم كركلا، شاهد الحضور فيلماً قصيراً بديعاً، عن طلال حيدر، رفيق طفولته ودربه طوال 75 عاماً. قال كركلا: «لقاؤنا في طفولتنا كان خُرافياً كَأَسَاطِيرِ الزَمَان، غامضاً ساحراً خارجاً عن المألوف، حَصَدنَا مَواسم التراث معاً، لنَتَكَامل مع بعضنا البعض في كل عمل نبدعه».

فيلم للتاريخ

«طلال حيدر عطية من عطايا الله» عنوان موفق لشريط، يظهر كم أن جيل الستينات الذي صنع زهو لبنان ومجده، كان متآلفاً متعاوناً.

نرى طلال حيدر إلى جانبه كركلا، يقرآن قصيدة للأول، ويرسمان ترجمتها حركةً على المسرح. مارسيل خليفة يدندن نغمة لقصيدة كتبها طلال وهو إلى جانبه، وهما يحضّران لإحدى المسرحيات.

لقطات أثيرة لهذه الورشات الإبداعية، التي تسبق مسرحيات كركلا. نمرّ على مجموعة العمل وقد انضم إليها سعيد عقل، ينشد إحدى قصائده التي ستتحول إلى أغنية، والعبقري زكي ناصيف يجلس معه أيضاً.

عن سعيد عقل يقول حيدر: «كنا في أول الطريق، إن كان كركلا أو أنا، وكان سعيد عقل يرينا القوى الكامنة فينا... كان يحلم ويوسّع حلمه، وهو علّمنا كيف نوسّع الحلم».

في أحد المشاهد طلال حيدر وصباح في قلعة بعلبك، يخبرها بظروف كتابته لأغنيتها الشهيرة «روحي يا صيفية»، بعد أن دندن فيلمون وهبي لحناً أمامه، ودعاه لأن يضع له كلمات، فكانت «روحي يا صيفية، وتعي يا صيفية، يا حبيبي خدني مشوار بشي سفرة بحرية. أنا بعرف مش رح بتروح بس ضحاك عليي».

في نهاية الحوار تقول له صباح: «الله ما هذه الكلمات العظيمة!»، فيجيبها بكل حب: «الله، ما هذا الصوت!» حقاً ما هذا اللطف والتشجيع المتبادل، بين المبدعين!

كبار يساندون بعضهم

في لقطة أخرى، وديع الصافي يغني قصيدة حيدر التي سمعناها من مارسيل خليفة: «لبسوا الكفافي ومشوا ما عرفت مينن هن»، ويصرخ طرباً: «آه يا طلال!» وجوه صنعت واجهة الثقافة اللبنانية في النصف الثاني من القرن العشرين، تتآلف وتتعاضد، تشتغل وتنحت، الكلمة بالموسيقى مع الرقصة والصورة. شريط للتاريخ، صيغ من كنوز أرشيف عبد الحليم كركلا.

المقطع الأخير جوهرة الفيلم، طلال حيدر يرتجل رقصة، ويترجم بجسده، ما كتبه في قصيدته ومعه راقصو فرقة كركلا، ونرى عبد الحليم كركلا، أشهر مصمم رقص عربي، يرقص أمامنا، هذه المرة، وهو ما لم نره من قبل.

عبد الحليم كركلا يلقي كلمته (خاص - الشرق الأوسط)

روح الألفة الفنية هي التي تصنع الإبداع. يقول حيدر عن تعاونه مع كركلا: «أقرأه جيداً، قرأنا معاً أول ضوء نحن وصغار. قبل أن أصل إلى الهدف، يعرف إلى أين سأصل، فيسبقني. هو يرسم الحركة التصويرية للغة الأجساد وأكون أنا أنسج اللغة التي ترسم طريق هذه الأجساد وما ستذهب إليه. كأن واحدنا يشتغل مع حاله».

طلال حيدر نجم التكريم، هو بالفعل بطل على مسرح كركلا، سواء في صوغ الأغنيات أو بعض الحوارات، تنشد قصائده هدى حداد، وجوزف عازار، وليس أشهر من قصيدته «وحدن بيبقوا مثل زهر البيلسان» التي غنتها فيروز بصوتها الملائكي.

أعلن رئيساً لجمهورية الخيال

طالب الشاعر شوقي بزيع، في كلمته، بأن ينصّب حيدر «رئيساً لجمهورية الخيال الشعري في دولة لبنان الكبير» بصرف النظر عمن سيتربع على عرش السياسة. ورغم أن لبنان كبير في «الإبداعوغرافيا»، كما قال الشاعر هنري زغيب، فإن طلال حيدر «يبقى الكلام عنه ضئيلاً أمام شعره. فهو لم يكن يقول الشعر لأنه هو الشعر».

وقال عنه كركلا: «إنه عمر الخيام في زمانه»، و«أسطورة بعلبك التي سكبت في عينيه نوراً منها، وجعلت من هيبة معابدها حصناً دفيناً لشعره». وعدَّه بطلاً من أبطال الحضارة الناطقين بالجمال والإبداع. سيعيش دوماً في ذاكرة الأجيال، شعلةً مُضيئةً في تاريخ لبنان.

الفنان مارسيل خليفة الذي تلا كلمته رفعت طربيه لتعذّر حضوره بداعي السفر، قال إن «شعره مأخوذ من المتسكعين والباعة المتجولين والعاملين في الحقول الغامرة بالخير والبركة». ووصفه بأنه «بطل وصعلوك في آن، حرّ حتى الانتحار والجنون، جاهليّ بدويّ فولكلوريّ خرافيّ، هجّاء، مدّاح، جاء إلى الحياة فتدبّر أمره».

وزير الإعلام المكاري في كلمته توجه إلى الشاعر: «أقول: طلال حيدر (بيكفّي). اسمُك أهمّ من كلّ لقب وتسمية ونعت. اسمُك هو اللقب والتسمية والنعت. تقول: كبروا اللي بدهن يكبروا، ما عندي وقت إكبر. وأنا أقول أنتَ وُلِدْتَ كبيراً»، وقال عنه إنه أحد أعمدة قلعة بعلبك.

أما المحامي محمد مطر، فركزّ على أن «طلال حيدر اختار الحرية دوماً، وحقق في حياته وشعره هذه الحرية حتى ضاقت به، لذا أراه كشاعر فيلسوف ناشداً للحرية وللتحرر في اشتباكه الدائم مع تجليات الزمان والمكان».

الحضور في أثناء التكريم (خاص - الشرق الأوسط)

وفي الختام كانت كلمة للمحتفى به ألقاها نجله علي حيدر، جاءت تكريماً لمكرميه واحداً واحداً، ثم خاطب الحضور: «من يظن أن الشعر ترف فكري أو مساحة جمالية عابرة، إنما لا يدرك إلا القشور... الشعر شريك في تغيير العالم وإعادة تكوين المستقبل».