وثائق سنودن: التجسس الأميركي طال إسرائيل والمفوضية الأوروبية ومنظمات إنسانية

إدوارد سنودن
إدوارد سنودن
TT

وثائق سنودن: التجسس الأميركي طال إسرائيل والمفوضية الأوروبية ومنظمات إنسانية

إدوارد سنودن
إدوارد سنودن

كشفت صحيفة أميركية نقلا عن وثائق سربها المستشار السابق لدى الاستخبارات الأميركية إدوارد سنودن، أن وكالة الأمن القومي الأميركية ونظيرتها البريطانية تجسستا بين عامي 2008 و2011 على عدد كبير من الأهداف بينها رئيس الوزراء الإسرائيلي حينذاك، إيهود أولمرت ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جواكين المونيا ومنظمة «أطباء بلا حدود».
وتحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» عن أكثر من ألف هدف جرت مراقبتها في نحو ستين بلدا في السنوات الثلاث الأخيرة من قبل وكالة الأمن القومي الأميركية وإدارة الاستخبارات البريطانية. وأضافت أن هذه اللوائح ضمت أسماء أولمرت ووزير الدفاع الإسرائيلي حينذاك إيهود باراك والمونيا الذي كان مكلفا خصوصا بمسائل المنافسة.
وقال ناطق باسم المفوضية في بيان إنه «ليس السلوك الذي كنا نتوقعه من شركائنا الاستراتيجيين ومن واحدة من دولنا الأعضاء». ودون أن تؤكد أو تنفي هذه المعلومات، قالت وكالة الأمن القومي إنها لا تقوم بعمليات المراقبة لمساعدة الشركات الأميركية. وصرحت الناطقة باسمها فان فاينس: «لا نستخدم قدراتنا الاستخبارية لسرقة أسرار صناعية لحساب شركات أميركية».
وقالت الصحيفة إن الوكالة الأميركية ونظيرتها البريطانية تجسستا أيضا على عدة بعثات تابعة للأمم المتحدة بينها صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ومعهد الأبحاث لنزع الأسلحة وحتى المنظمة غير الحكومية أطباء بلا حدود. وقالت منظمة «أطباء بلا حدود» في بيان: «نحن قلقون ومتفاجئون بهذه المعلومات و(أطباء بلا حدود) تطلب توضيحات حتى لا يتم التشكيك بالطابع المستقل لنشاطاتها». وتابعت أن «التشكيك في هذا الحياد يضر بخطورة بهذه الثقة ويعرض حياة الفرق الميدانية للخطر».
وجاء الكشف عن هذه التسريبات الجديدة، تزامنا مع اعتراف الرئيس الأميركي باراك أوباما تسريبات إدوارد سنودن تسببت في «أضرار غير ضرورية» لقدرات واشنطن الاستخباراتية.
ورفض أوباما في مؤتمره الصحافي أول من أمس بمناسبة نهاية العام، الحديث عن احتمال إصدار عفو رئاسي عن سنودن، الذي كان يعمل سابقا في جهاز الأمن القومي. وقال أوباما: «رغم أن هذا النقاش كان ضروريا، فإنه من المهم كذلك أن نتذكر أن (التسريبات) أحدثت ضررا غير ضروري لقدرات الاستخبارات الأميركية وللدبلوماسية الأميركية». وذكر عدد من المسؤولين في أجهزة الاستخبارات الأميركية أن تسريبات سنودن ألحقت أضرارا كبيرة بعمليات الولايات المتحدة السرية ضد الجماعات الإرهابية، كما أحرجت إدارة أوباما بشكل كبير.
ويوم الأربعاء الماضي، أوصت لجنة من خبراء القانون والاستخبارات اختارها البيت الأبيض، بالحد من صلاحيات جهاز الأمن القومي محذرة من أن عمليات التجسس الواسعة في الحرب على الإرهاب تجاوزت حدودها كثيرا. وفي تعليقه على توصيات اللجنة، قال الرئيس أوباما إنه سيتعامل معها بجدية. وصرح الرئيس الأميركي في مؤتمره الصحافي أول من أمس أنه سيدلي في يناير (كانون الثاني) المقبل «ببيان محدد» بشأن مدى تطبيق مثل هذه المقترحات بصورة واقعية. وأكد أوباما من ناحية أخرى أن الدول التي سارعت إلى انتقاد الولايات المتحدة بسبب التجسس على قادتها ومواطنيها، تقوم في كثير من الأحيان هي الأخرى بمراقبة مواطنيها. وتابع أوباما إن هذه الدول «تنأى بنفسها عن القضية وتتعامل وكأن الولايات المتحدة هي وحدها التي لديها مشكلات، عندما يتعلق الأمر بعمليات المراقبة والاستخبارات».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.