العراق: ردود فعل متباينة على دعوة الصدر إلى ترك المحاصصة

العراق: ردود فعل متباينة على دعوة الصدر إلى ترك المحاصصة
TT

العراق: ردود فعل متباينة على دعوة الصدر إلى ترك المحاصصة

العراق: ردود فعل متباينة على دعوة الصدر إلى ترك المحاصصة

أثارت دعوة زعيم «التيار الصدري» في العراق مقتدى الصدر السياسيين السنة إلى «ترك المحاصصة»، في إشارة منه إلى رفض عدد من الكتل السُنّية التخلي عن حصصها من المناصب الوزارية، ردود فعل متباينة من الأطراف المعنية.
وقال الصدر في تغريدة: «أستحلفكم بمقاومتنا الشريفة للمحتل، وأستحلفكم بصلواتنا الموحدة، وأستحلفكم بطردنا لكل من اعتدى عليكم بغير حق، وأستحلفكم بمواقفنا الاعتدالية معكم، ولا سيما في الموصل والأنبار وغيرها، ألا تركتم المحاصصة وتقسيماتها والطائفية وحصصها». ودعا إلى «تقديم المصالح العامة على المصالح الحزبية، وأن تنظروا إلى قواعدكم التي هزها العنف والتشدد وأن تبعدوا كل الفاسدين والطائفيين كما أبعدتهم».
وأيد «تحالف القرار العراقي» الذي يتزعمه أسامة النيجفي دعوة الصدر. وقال القيادي في التحالف أثيل النجيفي لـ«الشرق الأوسط»: «ندعم هذا الرأي، إذ إننا ننظر إلى الانتخابات على أنها لم تعبر عن المجتمع، ولا يمكن تحديد مصالح السنة بالفئة الفائزة في الانتخابات».
ورأى أنه «إذا تحدثنا عن تكنوقراط فإن عدد المهنيين بين السنة كبير جدا، يفوق من ناحية المستوى والعلم عدد من فازوا بالانتخابات، مع ملاحظة أن دعوة السيد الصدر لا تتضمن مصادرة رأي السنة كما يحاول البعض تسويقها، ولكنها تفتح المجال أمام الشخصيات السياسية السنية لاختيار أشخاص من خارجهم، وليس تقاسم المصالح بينهم».
لكن القيادي في «المشروع العربي» المنضوي في «كتلة المحور الوطني» يحيى الكبيسي أعلن رفضه دعوة الصدر، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجميع بمن فيهم التيار الصدري نفسه مع المحاصصة من حيث الواقع الفعلي، وإن كانوا يعلنون رفضهم لها في العلن».
واعتبر أن «مسألة النافذة الإلكترونية (لتلقي طلبات الترشح للحقائب الوزارية) ليست أكثر من محاولة لتمرير وزراء تابعين لبعض الكتل المتنفذة، وبالتالي فإن الخلاف هو ليس على المحاصصة، وإنما على آلياتها». وأوضح أن «التيار الصدري نفسه دخل في المحاصصة المزدوجة من خلال التصويت للنائب الأول لمجلس النواب، محاصصة مكوناتية من جهة، ومحاصصة حزبية من جهة ثانية».
إلى ذلك، قرر رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي نقل مكتبه إلى خارج «المنطقة الخضراء» المحصنة التي تضم القصر الحكومي ومكاتب عدد كبير من كبار المسؤولين، فضلا عن السفارة الأميركية في بغداد.
وقال مكتب عبد المهدي في بيان إنه «باشر أعماله في مكتبه الجديد ببغداد في المنطقة الواقعة مقابل محطة القطارات العالمية المركزية، الكرخ». وأضاف أن رئيس الوزراء المكلف «عادل عبد المهدي عقد لقاءات عدة داخل المبنى تتعلق بتشكيل الحكومة وبرنامجها».
وكان رؤساء الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 (إياد علاوي، إبراهيم الجعفري، نوري المالكي، حيدر العبادي) اتخذوا من القصر الحكومي داخل المنطقة الخضراء مقرا لهم. وحاول العبادي فتح المنطقة أمام المواطنين، لكن خطوته تلك جوبهت بمعارضة شديدة من قبل السفارة الأميركية وجهات أمنية وسياسية أخرى، فتم إغلاقها إلا لمن يحمل تصريحا خاصاً.
واستقبل عبد المهدي في مقره الجديد نائب وزير الخارجية الأميركي جون سيلفان. وقال مكتبه في بيان، أمس، إن المسؤول الأميركي «هنّأ عبد المهدي في بداية اللقاء بمناسبة تكليفه تشكيل الحكومة، معربا عن دعم الولايات المتحدة للعراق وللحكومة المقبلة في جميع المجالات». وأوضح البيان أن اللقاء ناقش «تعزيز العلاقات بين البلدين والأوضاع في العراق والمنطقة وأهمية استمرار الدعم الدولي للعراق في مجال الإعمار بعد أن حقق الانتصار على الإرهاب».
وتواصلت ردود الفعل على قرار عبد المهدي تلقي ترشيحات إلكترونية للمناصب الوزارية. وقال النائب عن «كتلة الفتح» عامر الفايز إن «الشرط الذي قدمته الكتلة لعبد المهدي هو النجاح، فالمساحة التي منحت له لاختيار مرشحي تشكيل الحكومة لم تمنح لأي رئيس وزراء قبله، ولكن لا يمكن التصويت ومنح الثقة لمرشح نجهله».
وشدد الفايز في تصريح صحافي على أن «الاختيار يجب أن يكون على أساس المهنية والاختصاص، واليوم تُركت لعبد المهدي المساحة الكافية لتحمل مسؤولية هذا الاختيار، فضلا عن المواصفات التي وضعها هو، ومنها كون المرشح من ذوي الشهادة والنزاهة والكفاءة ولم يثبت فشله سابقاً».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».