روسيا تسعى لمواجهة السياسات الاقتصادية الأميركية عبر «ثماني شنغهاي»

روسيا تسعى لمواجهة  السياسات الاقتصادية الأميركية عبر «ثماني شنغهاي»
TT

روسيا تسعى لمواجهة السياسات الاقتصادية الأميركية عبر «ثماني شنغهاي»

روسيا تسعى لمواجهة  السياسات الاقتصادية الأميركية عبر «ثماني شنغهاي»

كان البحث عن آليات عمل مشتركة للحد من المخاطر الاقتصادية الناجمة عن السياسات الاقتصادية الأميركية، والعقوبات الغربية، موضوعاً رئيسياً هيمن على أعمال اجتماع رؤساء حكومات دول «منظمة شنغهاي للتعاون»، الذي استضافته العاصمة الطاجيكية دوشنبيه نهاية الأسبوع الماضي. وخلال الاجتماع، وجّه رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف انتقادات شديدة اللهجة للسياسات الاقتصادية الأميركية، وسياسة العقوبات الغربية بشكل عام، وكان حريصاً على التذكير بأن روسيا ليست وحدها التي تعاني من تلك السياسات، قائلا إنها تستهدف الصين كذلك. وتوقف عند تدابير من شأنها التخفيف من تأثير واشنطن على اقتصاد دول «شنغهاي»، وأكد في هذا السياق دعم بلاده مساعي اعتماد العملات الوطنية في التبادل التجاري بين دول المنظمة، ودعا إلى صياغة برنامج تعاون اقتصادي جديد، بما يتناسب مع التحديات الاقتصادية التي استجدت، وتواجهها دول رئيسية في «ثماني شنغهاي» في الآونة الأخيرة. وفي كلمته أمام الاجتماع، توقف ميدفيديف عند «الظروف الخارجية» التي تؤثر على الاقتصاد الوطني، وقال إن «الظروف الخارجية التي نعمل ضمنها تبقى معقدة، ولا يمكن وصفها بأنها مريحة».
ودون أن يشير إليها بوضوح، حمل المسؤولية عن هذا الوضع للولايات المتحدة، حين وصف ما يشهده العالم حاليا بأنه «مرحلة اختبار جدي تواجهه منظومة الاستقرار الاستراتيجي»، وأضاف: «بغية الحفاظ على موقف القوة المهيمنة، تستخدم دول منفردة أساليب منافسة غير نزيهة، وتفرض تدابير حمائية، وعقوبات أحادية غير قانونية، ويصل الأمر أحيانا حتى الابتزاز السياسي».
وكان رئيس الوزراء الروسي حريصاً على التأكيد أن روسيا ليست وحيدة في مواجهة هذا كله، وقال إن «الضربات الرئيسية موجهة ضد الأعضاء الرئيسيين في (شنغهاي)؛ روسيا والصين».
تصريحات ميدفيديف عبرت بوضوح عن المساعي الروسية للاستفادة من كل الوسائل المتاحة لها لتخفيف تأثير العقوبات الغربية، والسياسات الاقتصادية الأميركية، على الاقتصاد الروسي. وإلى جانب ما تتخذه في هذا المجال من تدابير وقرارات ومشروعات «محلية» تهدف إلى تدعيم أسس الاقتصاد الوطني، ليكون أكثر قدرة على تحمل الصدمات، تحاول الحكومة الروسية في الوقت ذاته الاستفادة من تحالفاتها الإقليمية، لتشكيل فضاء تعاون تجاري - اقتصادي مع دول كبرى اقتصادياً، وتشاطر موسكو استياءها من السياسات الأميركية.
ضمن هذه الرؤية؛ تشكل منظمة «شنغهاي» إطاراً مثالياً للدفع نحو تحويل مبادرات اقتصادية روسية إلى خطة عمل مشتركة، ذلك أن المنظمة تضم كذلك الصين التي تخوض معركة اقتصادية مع الولايات المتحدة بعد فرض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً على جملة من الصادرات الصينية.
وإلى جانب روسيا والصين، هناك الهند التي برزت مؤشرات توتر في علاقاتها مع الولايات المتحدة على خلفية الصفقات الأخيرة بين موسكو ودلهي، بما في ذلك صفقة صواريخ «إس400». أما الدول الأخرى ضمن «ثماني شنغهاي»، وهي كازاخستان وقرغيزيا وطاجيكستان وأوزبكستان، فإنها جميعها، وإن لم تكن علاقاتها متوترة مع واشنطن، شريك اقتصادي لروسيا بحكم العامل الجغرافي ومنظومة العلاقات الاقتصادية التي ما زالت قائمة مع روسيا منذ الحقبة السوفياتية.
ونظرا لجملة العوامل آنفة الذكر، تدرك روسيا أن الدفع نحو التقليل من الاعتماد على الدولار، والتحول نحو التبادل التجاري بالعملات الوطنية، فكرة قابلة للتحقيق بتعقيدات أقل في حالة التعاون التجاري - الاقتصادي ضمن إطار «ثماني شنغهاي». لذلك شدد رئيس الوزراء الروسي خلال الاجتماع على «ضرورة تبني دول المنظمة قرارات مهمة لتمويل المشروعات»، وأضاف: «ظهر هنا بصورة خاصة احتمال التحول نحو اعتماد العملات الوطنية في المدفوعات المتبادلة»، وأكد: «نحن ندعم هذه الفكرة».
وبعد إشارته إلى أن المجتمعين تناولوا «التجارة والاستثمارات والتحول نحو الاقتصاد الرقمي، والتقنيات الدقيقة، والنقل والصناعات والطاقة»، شدد على ضرورة «الاستفادة من الفرص التي توفرها هذه الإمكانات بأقصى قدر من النتائج»، وعبر عن قناعته بأن «(منظمة شنغهاي) هي المنصة المثلى للتقاطع بين استراتيجيات التنمية الوطنية، وإقامة مشروعات عابرة للحدود».



النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تفاقم المخاوف بشأن الإمدادات بسبب عقوبات إضافية على إيران وروسيا في حين أثرت توقعات الفائض على الأسواق.

وزادت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.38 في المائة إلى 73.69 دولار للبرميل بحلول الساعة 14.08 بتوقيت غرينتش، وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 30 سنتاً أو 0.43 بالمائة إلى 70.32 دولار للبرميل.

واتجه الخامان صوب تسجيل مكاسب أسبوعية بأكثر من ثلاثة في المائة بفعل مخاوف من اضطراب الإمدادات بعد فرض عقوبات أشد على روسيا وإيران، وكذلك آمال بأن تعزز إجراءات التحفيز الصينية الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

ومن المتوقع أن تظل واردات الخام للصين، وهي أكبر مستورد في العالم، مرتفعة حتى أوائل عام 2025، إذ تميل المصافي لزيادة الإمدادات من السعودية، أكبر مُصدر في العالم، بسبب انخفاض الأسعار بينما تسارع المصافي المستقلة إلى استغلال حصصها.

ورفعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط توقعاتها لنمو الطلب إلى 1.1 مليون برميل يومياً، من 990 ألف برميل يومياً في الشهر الماضي. وقالت إن نمو الطلب «سيكون إلى حد كبير في الدول الآسيوية بسبب تأثير إجراءات التحفيز الأحدث في الصين».

ومع ذلك، توقعت الوكالة فائضاً في العام المقبل، عندما كان من المتوقع أن تزيد الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك بلس الإمدادات بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، بقيادة الأرجنتين والبرازيل وكندا وجيانا والولايات المتحدة. ويراهن المستثمرون على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تكاليف الاقتراض الأسبوع المقبل على أن يُتبع ذلك بتخفيضات أخرى العام القادم بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية ارتفاعاً غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.

وبالتزامن، ذكرت «بلومبرغ نيوز»، يوم الجمعة، أن الإمارات تعتزم خفض شحنات النفط في أوائل العام المقبل وسط مساعي مجموعة أوبك بلس لانضباط أقوى في تلبية أهداف الإنتاج.

وذكر التقرير أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) خفضت شحنات النفط الخام المخصصة لبعض العملاء في آسيا، مما قلص الأحجام بنحو 230 ألف برميل يومياً عبر درجات الخام المختلفة، وذلك نقلاً عن شركات لديها عقود لتلقي الشحنات.

من جهة أخرى، قال متعاملون ومحللون إن سعر النفط الخام الإيراني للصين ارتفع إلى أعلى مستوى منذ سنوات بسبب عقوبات أميركية إضافية أثرت على قدرات الشحن ورفعت تكاليف الخدمات اللوجيستية.

ويؤدي ارتفاع أسعار النفط الإيراني والروسي إلى زيادة التكاليف على المصافي الصينية المستقلة التي تمثل نحو خمس الطلب في أكبر سوق مستوردة للخام في العالم، مما يسلط الضوء على تحديات محتملة في ظل توقعات بأن تزيد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب الضغوط على طهران عندما تتولى السلطة.

وأوضح متعاملون أن بعض المصافي تتحول إلى إمدادات غير خاضعة لقيود العقوبات، بما في ذلك من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا، لتلبية الطلب الموسمي في الشتاء وقبل رأس السنة القمرية الجديدة.

وانخفضت الخصومات على الخام الإيراني الخفيف لنحو 2.50 دولار للبرميل مقابل خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال على أساس تسليم ظهر السفينة في ميناء الوصول للصين، وذلك مقارنة بخصومات أقل من أربعة دولارات في أوائل نوفمبر. وقال متعاملون إن الخصومات على الخام الإيراني الثقيل تقلصت أيضاً إلى نحو أربعة إلى خمسة دولارات للبرميل من نحو سبعة دولارات في أوائل نوفمبر.

وترتفع أسعار الخام الإيراني منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما انخفضت صادرات الدولة العضو في «أوبك» في أعقاب مخاوف من هجوم إسرائيلي على منشآت نفط إيرانية.

وأفادت المصادر وبيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن بأن تشديد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعقوبات على طهران الأسبوع الماضي أدى إلى توقف بعض السفن التي تنقل الخام الإيراني عبر ناقلات أخرى إلى الصين قبالة سواحل سنغافورة وماليزيا.

وأظهرت بيانات كبلر لتتبع السفن أن واردات الصين من النفط الخام والمكثفات الإيرانية انخفضت في نوفمبر بنحو 524 ألف برميل يومياً إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر عند 1.31 مليون برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق.

وأظهرت بيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن أن عدداً من ناقلات النفط الخام العملاقة الخاضعة للعقوبات تبحر قبالة سواحل ماليزيا. وأوضحت البيانات أن ناقلة نفط خاضعة للعقوبات أبحرت من الصين يوم الجمعة. وقالت مصادر تجارية إن الناقلة أفرغت حمولتها في ميناء ريتشاو بمقاطعة شاندونغ.

وقال محللون إن أسعار النفط الإيراني تلقت دعما جزئياً من تعافي الطلب في الصين مع شراء المصافي المستقلة المزيد من الخام بعد الحصول على حصص استيراد إضافية من الحكومة وزيادة إنتاجها من الوقود قليلاً.