معرض للفنون البصرية يروي سيرة نهر النيل في مصر

بمشاركة مصرية وإسبانية وكولومبية

عمل فني بالخيامية يمثل تقسيمات زراعية  وفقاً لصور بالقمر الصناعي
عمل فني بالخيامية يمثل تقسيمات زراعية وفقاً لصور بالقمر الصناعي
TT

معرض للفنون البصرية يروي سيرة نهر النيل في مصر

عمل فني بالخيامية يمثل تقسيمات زراعية  وفقاً لصور بالقمر الصناعي
عمل فني بالخيامية يمثل تقسيمات زراعية وفقاً لصور بالقمر الصناعي

تأمُّل خريطة مصر وحده لا يمنح رؤية واضحة حول تأثير نهر النيل على الحياة اليومية للمصريين؛ فالخط الطولي الذي يقسم الخريطة آتياً من الجنوب، لينقسم في الشمال إلى فرعي دمياط ورشيد، ويصبّ في البحر المتوسط، دائماً ما كان مؤشراً على تغيرات الحياة في مصر، على المستوى الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي.
المعنى نفسه سعى لتجسيده خمسة فنانين في أعمال فنية وبصرية، لعب النيل خلالها دور الشخصية المحورية، بمعرض «مغمر... عن الأنهار وتدفقها المنقطع»، الذي يستمر حتى منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بمركز الصورة المعاصرة، حيث تعقد عدد من الورش، والندوات يديرها فنانون، ومؤرخون، وخبراء في مجالات المياه، والزراعة، والسينما.
اختيار اسم المعرض جاء للدلالة على إحدى الطرق المصرية القديمة في الري، وهو الري بالغمر، كما يؤكد أحمد رفعت، منظم المعرض، حيث استغرق إعداد المعرض ما يقرب من ستة أشهر، أما الرسالة الأساسية التي تحملها المعروضات، فهي الأهمية الحيوية للنيل، وضرورة إعادة النظر لعلاقتنا به، كما تؤكد أندريا طال، الفنانة النمساوية، ومنسقة المعرض.
تقول أندريا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «كل قطرة في نهر النيل تمر برحلة طويلة وزاخرة منذ المنبع، وحتى المصب في البحر المتوسط، وخلال الأشهر الثلاثة التي يستغرقها وصول قطرة المياه إلى مصر، يحدث الكثير من التغيرات على جميع المستويات، وعلينا دائماً أن نتأمل ذلك». يضم المعرض بحثاً تاريخياً اجتماعياً حول بناء السد العالي في جنوب مصر، باستخدام الفنون البصرية والوثائق، للفنانة آلاء يونس، والمؤرخة علياء مسلم، وتضم المعروضات دفتر يومية لتسجيل عمال السد، وألبوم صور لهم، وصوراً شخصية أخرى، إضافة إلى وثيقة خاصة بتعويض أهل النوبة عن أرضهم، ورسومات هندسية للسد.
ويقدم العمل الفني السد بصفته أحد رموز الاستقلال الوطني، كما يعكس طبيعة العلاقة بين المصريين، والخبراء الروس، حيث عرضت صانعتا العمل تفريغ حوارات مع عاملين بالسد، تحدثوا عن حاجز اللغة بينهم وبين الخبراء الروس، حتى أنهم كانوا أحياناً ما يلجأون إلى الحديث بلغة الإشارة.
أما كارولينا كايسيدو، الفنانة الكولومبية، فتتبعت التغيرات التي طرأت على حياة السكان حول نهر ماجدلينا بكولومبيا عقب بناء سد ضخم على النهر هناك خلال فيلم وثائقي قصير بعنوان «أرض الأصدقاء»، مثلما تغيرت حياة سكان جنوب مصر عقب بناء السد العالي، خلال الستينات من القرن الماضي.
يضم المعرض أيضاً فيلماً وثائقياً قصيراً بعنوان «النيل أرزاق»، من إخراج هشام النحاس، يعود إنتاجه إلى عام 1970، ويمثل بورتريه نهر النيل، بصفته مصدراً أساسياً لحياة المصريين، ووسيلة للانتقال والتجارة، ومصدراً للري والغذاء.
وتطرح صانعة الأفلام مارينا فهمي، جانباً آخر من إشكاليات نهر النيل الحديثة، وهو التغيرات المناخية، والدراسات التي تتناول إمكانية غرق الدلتا في المستقبل، بسبب ارتفاع منسوب المياه، وظاهرة الاحتباس الحراري.
ذلك خلال فيلمها القصير «إلى ما تصبح عليه الأمور»، حيث تعكس مارينا رؤيتها المستقبلية لحل أزمة التغير المناخي على لسان بطلها الصامت، الذي يروي حكايته بصفته عالم بحار يحاول إيجاد طريقة للحيلولة دون نحر الشواطئ، وتآكل الدلتا، مع الإشارة إلى إمكانية سعي النظام المصري لتطوير مشروعات الصحراء، لنقل سكان السواحل إليها.
أما الفنانة الإسبانية مولينوس جوردو، فاختارت فن الخيامية لعرض عملها الفني «الزراعة الشبح»، الذي يعكس تجسيداً لصور التقطت بالأقمار الصناعية للأرضي الزراعية المختلفة، التي تتراوح بين أراضٍ على شكل مستطيل، تروى بالطرق التقليدية، ويملكها فلاحون بسطاء، وأخرى على شكل دوائر، تروى بطرق حديثة، ويملكها مستثمرون وشركات، كما يضم المعرض عدداً من الكتب التي اقتراحها مؤرخون وخبراء، ذات علاقة وطيدة بالنيل، والزراعة في مصر.



«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
TT

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

أسدل مهرجان «القاهرة السينمائي الدولي» الستار على دورته الـ45 في حفل أُقيم، الجمعة، بإعلان جوائز المسابقات المتنوّعة التي تضمّنها. وحصدت دول رومانيا وروسيا والبرازيل «الأهرامات الثلاثة» الذهبية والفضية والبرونزية في المسابقة الدولية.

شهد المهرجان عرض 190 فيلماً من 72 دولة، كما استحدث مسابقات جديدة لأفلام «المسافة صفر»، و«أفضل فيلم أفريقي»، و«أفضل فيلم آسيوي»، إلى جانب مسابقته الدولية والبرامج الموازية.

وكما بدأ دورته بإعلان تضامنه مع لبنان وفلسطين، جاء ختامه مماثلاً، فكانت الفقرة الغنائية الوحيدة خلال الحفل لفرقة «وطن الفنون» القادمة من غزة مع صوت الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وهو يُلقي أبياتاً من قصيدته «على هذه الأرض ما يستحق الحياة».

وأكد رئيس المهرجان الفنان حسين فهمي، أنّ «الفنّ قادر على سرد حكايات لأشخاص يستحقون الحياة»، موجّهاً الشكر إلى وزير الثقافة الذي حضر حفلَي الافتتاح والختام، والوزارات التي أسهمت في إقامته، والرعاة الذين دعّموه. كما وجّه التحية إلى رجل الأعمال نجيب ساويرس، مؤسِّس مهرجان «الجونة» الذي حضر الحفل، لدعمه مهرجان «القاهرة» خلال رئاسة فهمي الأولى له.

المخرجة السعودية جواهر العامري وأسرة فيلمها «انصراف» (إدارة المهرجان)

وأثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعالياته؛ فقالت الناقدة ماجدة خير الله إنّ «عدم حضوره قد يشير إلى وقوع خلافات»، مؤكدةً أنّ «أي عمل جماعي يمكن أن يتعرّض لهذا الأمر». وتابعت لـ«الشرق الأوسط» أنّ «عصام زكريا ناقد كبير ومحترم، وقد أدّى واجبه كاملاً، وهناك دائماً مَن يتطلّعون إلى القفز على نجاح الآخرين، ويعملون على الإيقاع بين أطراف كل عمل ناجح». وعبَّرت الناقدة المصرية عن حزنها لذلك، متمنيةً أن تُسوَّى أي خلافات خصوصاً بعد تقديم المهرجان دورة ناجحة.

وفي مسابقته الدولية، فاز الفيلم الروماني «العام الجديد الذي لم يأتِ أبداً» بجائزة «الهرم الذهبي» لأفضل فيلم للمخرج والمنتج بوجدان موريشانو، كما فاز الفيلم الروسي «طوابع البريد» للمخرجة ناتاليا نزاروفا بجائزة «الهرم الفضي» لأفضل فيلم، وحصل الفيلم البرازيلي «مالو» للمخرج بيدرو فريري على جائزة «الهرم البرونزي» لأفضل عمل أول.

وأيضاً، حاز لي كانغ شنغ على جائزة أفضل ممثل عن دوره في الفيلم الأميركي «قصر الشمس الزرقاء»، والممثل الروسي ماكسيم ستويانوف عن فيلم «طوابع البريد». كما حصلت بطلة الفيلم عينه على شهادة تقدير، في حين تُوّجت يارا دي نوفايس بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم البرازيلي «مالو»، وحصل الفيلم التركي «أيشا» على جائزة أفضل إسهام فنّي.

الفنانة كندة علوش شاركت في لجنة تحكيم أفلام «المسافة صفر» (إدارة المهرجان)

وأنصفت الجوائز كلاً من فلسطين ولبنان، ففاز الفيلم الفلسطيني «حالة عشق» بجائزتَي «أفضل فيلم» ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، ولجنة التحكيم الخاصة. وأعربت مخرجتاه منى خالدي وكارول منصور عن فخرهما بالجائزة التي أهدتاها إلى طواقم الإسعاف في غزة؛ إذ يوثّق الفيلم رحلة الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة داخل القطاع. ورغم اعتزازهما بالفوز، فإنهما أكدتا عدم شعورهما بالسعادة في ظلّ المجازر في فلسطين ولبنان.

وكانت لجنة تحكيم «أفلام من المسافة صفر» التي ضمَّت المنتج غابي خوري، والناقد أحمد شوقي، والفنانة كندة علوش؛ قد منحت جوائز لـ3 أفلام. وأشارت كندة إلى أنّ «هذه الأفلام جاءت طازجة من غزة ومن قلب الحرب، معبِّرة عن معاناة الشعب الفلسطيني». وفازت أفلام «جلد ناعم» لخميس مشهراوي، و«خارج التغطية» لمحمد الشريف، و«يوم دراسي» لأحمد الدنف بجوائز مالية قدّمتها شركة أفلام «مصر العالمية». كما منح «اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي»، برئاسة الإعلامي عمرو الليثي، جوائز مالية لأفضل 3 أفلام فلسطينية شاركت في المهرجان، فازت بها «أحلام كيلومتر مربع»، و«حالة عشق»، و«أحلام عابرة».

ليلى علوي على السجادة الحمراء في حفل الختام (إدارة المهرجان)

وحصد الفيلم اللبناني «أرزة» جائزتين لأفضل ممثلة لبطلته دياموند بو عبود، وأفضل سيناريو. فأكدت بو عبود تفاؤلها بالفوز في اليوم الذي يوافق عيد «الاستقلال اللبناني»، وأهدت الجائزة إلى أسرة الفيلم وعائلتها.

وفي مسابقة الأفلام القصيرة التي رأست لجنة تحكيمها المخرجة ساندرا نشأت، فاز الفيلم السعودي «انصراف» للمخرجة جواهر العامري بجائزة لجنة التحكيم الخاصة. وقالت جواهر، في كلمتها، إن المهرجان عزيز عليها، مؤكدة أنها في ظلّ فرحتها بالفوز لن تنسى «إخوتنا في فلسطين ولبنان والسودان». أما جائزة أفضل فيلم قصير فذهبت إلى الصيني «ديفيد»، وحاز الفيلم المصري «الأم والدب» على تنويه خاص.

كذلك فاز الفيلم المصري الطويل «دخل الربيع يضحك» من إخراج نهى عادل بـ4 جوائز؛ هي: «فيبرسي» لأفضل فيلم، وأفضل إسهام فنّي بالمسابقة الدولية، وأفضل مخرجة، وجائزة خاصة لبطلته رحاب عنان التي تخوض تجربتها الأولى ممثلةً بالفيلم. وذكرت مخرجته خلال تسلّمها الجوائز أنها الآن فقط تستطيع القول إنها مخرجة.

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

كما فاز الفيلم المصري «أبو زعبل 89» للمخرج بسام مرتضى بجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة، بالإضافة إلى تنويه خاص ضمن مسابقة «أسبوع النقاد». ووجَّه المخرج شكره إلى الفنان سيد رجب الذي شارك في الفيلم، قائلاً إنّ الجائزة الحقيقية هي في الالتفاف الكبير حول العمل. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «النجاح الذي قُوبل به الفيلم في جميع عروضه بالمهرجان أذهلني»، وعَدّه تعويضاً عن فترة عمله الطويلة على الفيلم التي استغرقت 4 سنوات، مشيراً إلى قُرب عرضه تجارياً في الصالات. وحاز الممثل المغربي محمد خوي جائزة أفضل ممثل ضمن «آفاق السينما العربية» عن دوره في فيلم «المرجا الزرقا».

بدوره، يرى الناقد السعودي خالد ربيع أنّ الدورة 45 من «القاهرة السينمائي» تعكس السينما في أرقى عطائها، بفضل الجهود المكثَّفة لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا، وحضور الفنان حسين فهمي، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الدورة حظيت بأفلام ستخلّد عناوينها، على غرار فيلم (هنا) لتوم هانكس، والفيلم الإيراني (كعكتي المفضلة)، و(أبو زعبل 89) الذي حقّق معادلة الوثائقي الجماهيري، وغيرها... وكذلك الندوات المتميّزة، والماستر كلاس الثريّة».