الملاحة الجوية اللبنانية في مرمى منظومة «إس 300» الصاروخية

الخطر وارد مع تسيير «طيران الشرق الأوسط» رحلاتها فوق سوريا

منظومة  «إس 300» في استعراض بأستراخان روسيا أغسطس 2017 (رويترز)
منظومة «إس 300» في استعراض بأستراخان روسيا أغسطس 2017 (رويترز)
TT

الملاحة الجوية اللبنانية في مرمى منظومة «إس 300» الصاروخية

منظومة  «إس 300» في استعراض بأستراخان روسيا أغسطس 2017 (رويترز)
منظومة «إس 300» في استعراض بأستراخان روسيا أغسطس 2017 (رويترز)

دخول منظومة «إس 300» الروسية عنصراً مستجداً في معادلات موازين القوى، فرض واقعاً مغايراً ذا صلة بسلامة الملاحة الجوية اللبنانية فوق الأراضي السورية، تحديداً في ظل مواصلة شركة «طيران الشرق الأوسط» المدنية اللبنانية تسيير رحلاتها فوق سوريا، في وجهاتها نحو دول الخليج العربي.
مرور هذه الطائرات في الأجواء السورية، خصوصاً إذا كان وجودها ضمن نطاق منظومة «إس 300»، قد يعرضها للخطر إذا ما حدث خطأ ما، وفق الخبراء العسكريين، وإن بنسب مختلفة. وفي هذا الإطار، يقول الخبير العسكري ناجي ملاعب لـ«الشرق الأوسط»: «من المعروف أن لبنان سمح لطائراته بعبور الأجواء السورية منذ ما قبل بدء العمليات القتالية هناك. ورغم القتال الدائر، لم يتم تسجيل أي حادثة، نظراً لوضوح المسار المعتمد، أما مع دخول (إس 300) على الخط، فإن الخطر من هذه المنظومة ليس محصوراً فوق الأجواء السورية فقط، فهي تُستخدم ضد طيران العدو الإسرائيلي، أو ضد الصواريخ المحتمل إطلاقها. ونظراً للمدى المرتفع لصاروخ (إس 300) الذي يصل إلى 150 كلم، فإن إطلاقه أثناء مرور طائرة مدنية قد يعرضها لخطر الإصابة فوق الأجواء السورية أو خارجها، ضمن مدى الصاروخ المطلق، لا سيما قرب المناطق الحدودية».
ويشرح ملاعب بالقول: «المدى المجدي للدفاعات الجوية السورية مجهز على ثلاثة مستويات: المرتفع والمتوسط والقريب. ولا تشكل وسائط الدفاع الجوي القريبة خطراً على الطيران المدني، كذلك - إلى حد ما - المتوسطة، ولكن تلك المرتفعة هي التي يجب تلافيها، لافتاً إلى أن «تركيب وتشغيل المنظومة الجديدة (إس 300) يحتاج إلى سنة على الأقل. وبذلك لا أخطار آنية جراء هذا الأمر. وسيبقى مشغلو المنظومة من الخبراء الروس طيلة العام المقرر للتدريب». ويستطرد متابعاً: «في حال اقتراب الطائرة العدوة من طائرة مدنية، فإن هذه الأخيرة معرضة للإصابة، كما حصل مع الطائرة الروسية فوق سواحل اللاذقية».
في المقابل، يرى العميد الركن المتقاعد هشام جابر أن «الصواريخ الدفاعية بعيدة المدى، لا تشكّل تهديداً للملاحة الجوية اللبنانية، لأنها صواريخ موجهة ضمن نظام إلكتروني يعرف أهدافه العسكرية جيداً، وهو دقيق الإصابة». ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه في «حال وجود عمليات جوية مكثفة يُفترَض أن يعلم الطيران المدني، ويتوقف عن التحليق إلى حين انحسار الوجود العسكري الجوي». ويلفت إلى أن الطائرات الإسرائيلية تحتاج في تنفيذ مهماتها إلى ثلاث أو أربع دقائق، وبالتالي فإن احتمال الخطأ يكون ضئيلاً، إنما يبقى احتمالاً قائماً.
لكن هذه المخاوف من حدوث خطأ ما ليست مجرد تكهنات، حسب ضابط طيار (حالي) فضل عدم ذكر اسمه، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الطائرات تمر عبر ممرات خاضعة لقواعد تؤمن السلامة. لذا تتجنب دول عدة المجالَ الجوي السوري تحسباً لأي صاروخ، كونها تُعد في واقع الأمر مناطق حرب.
من هنا، يطرح السؤال عن سبب مواصلة شركة «طيران الشرق الأوسط» مساراتها فوق سوريا، وإلى أي ضمانات تستند إليها؟ وهو ما حاولت «الشرق الأوسط» نقله إلى المراجع المختصة، لكن الأخيرة فضلت عدم الخوض في هذا النقاش راهناً. مع العلم، أن معلومات من مصدر مطلع في الشركة تؤكد «حصول اجتماعات دورية مع خبراء أمنيين لمناقشة أي مخاطر، وتحديد المسارات الجوية مع الأخذ بالاعتبار، وبجدية تامة، الوقائع العسكرية على الأرض».
أما عن مدى قدرة طائرة ««F 35 التي تمتلكها إسرائيل على التخفي من منظومة «إس 300»، فيوضح العميد ملاعب أن «هذه الطائرة الحديثة هي من الجيل الخامس، وتمتلك منها إسرائيل سرباً من 12 مقاتلة، سوف يصبح عددها 16 مقاتلة في نهاية هذا العام». ويضيف أن الشركة الصانعة «لوكهيد ماركت» تقول إن الطائرة تمتاز بتقنية التخفي، ولا يستطيع رادار العدو اكتشافها، ولكن يبدو أن الروس لا يوافقون على ذلك. ويلفت إلى أن «الخبراء العسكريين الغربيين يميلون إلى وجهة النظر القائلة بعدم قدرة (إس 300) على إصابة (F 35) متعددة الوظائف، ذلك أن الأخيرة، بحلول نهاية العام 2021، ستُجهّز ببرنامج جديد يجعلها عصية على المنظومة الروسية. ولكن قبل تزويد الطائرة بالتقنيات الحديثة، ثمة إمكانية لإصابتها».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».