أعطت مبادرة «عاش هنا» التي دشنها الجهاز القومي للتنسيق الحضاري أخيرا بكتابة أسماء مشاهير الفن والأدب والشخصيات العامة على لوحات في مداخل البنايات التي عاشوا بها دورا جديدا لحراس العقارات «البوابين» بجانب دورهم التقليدي، ليتحولوا عفويا إلى رواة لتاريخ مشاهير مصر الذين عاشوا في بناياتهم بقلب القاهرة الخديوية. إذ يتولون عادة بحكم عملهم وموقعهم الرد على أسئلة المارة واستفساراتهم، وما أن بدأ وضع اللافتات حتى أصبح من بين مهامهم اليومية رواية ما يعرفونه عن المشاهير الذين عاشوا في المبنى الذي يتولون حراسته.
تهدف مبادرة «عاش هنا» إلى توثيق المباني والأماكن التي عاش بها مشاهير الحياة المصرية من الفنانين والكتاب والأدباء والشخصيات العامة، الذين ساهموا في إثراء الحركة الثقافية والفنية من خلال لافتات توضع على المنازل التي عاشوا بها، لتخليد ذكراهم وتعريف الأجيال الجديدة بدورهم وإتاحة المعلومات للسائحين والوافدين إلى مصر.
وبدأ تنفيذ المرحلة الأولى من المبادرة في منطقة القاهرة الخديوية بوسط العاصمة، وعقب وضع اللافتات على البنايات زاد اهتمام المارة ورواد المناطق التجارية الذين توافدوا على حراس هذه البنايات ليسألوهم عن المشاهير الذين عاشوا بها.
يقول حمدي إبراهيم، 61 سنة، حارس البناية التي عاش بها الموسيقار محمد الموجي بشارع الشواربي الشهير بوسط القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «عقب وضع اللافتة على مدخل العمارة فوجئت بالكثير من المارة يسألونني عن الموسيقار محمد الموجي وهل كان فعلا يعيش هنا؟ ووجدت نفسي أتولى الإجابة عن أسئلتهم وأحدثهم عن موسيقاه، وأخبرهم أيضا أن نجل الموجي ما زال يعيش مكان والده حيث انتقلت ملكية الشقة إليه، وأشعر بسعادة كبيرة وأنا أجيب عن أسئلة الناس، كما أن الباعة المنتشرين بالشارع الذي يعد شارعا تجاريا مزدحما دائما بالمارة يجلسون معي أيضا يسألونني عنه ونتحدث عن موسيقاه وألحانه».
ويضيف إبراهيم: «بعض السائحين العرب الذين يتسوقون من متاجر الشارع يتوقفون أمام اللافتة ويسألوني بود: هل كنت موجودا عندما كان الموجي يعيش هنا؟ فأخبرهم أنني لم أكن موجودا، ويتبادلون معي الحديث عن موسيقاه خاصة أغاني عبد الحليم حافظ».
زاد اهتمام المصريين ببنايات القاهرة الخديوية وتاريخها وعمارتها المتميزة منذ أن بدأ مشروع تطوير المنطقة الذي ينفذه الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، وامتد الاهتمام إلى تاريخ ساكنيها السابقين من نجوم الفن والأدب والشخصيات العامة، وحظيت بعض البنايات بشهرة أكبر من مثيلاتها بسبب المشاهير الذين عاشوا بها.
يقول شمس عيسى، حارس البناية التي كان يمتلكها الفنان أنور وجدي بشارع مظلوم بمنطقة باب اللوق، لـ«الشرق الأوسط»: «العمارة معروفة باسم عمارة الفنان أنور وجدي برغم أنه لم يعش فيها، بل كان يسكن في عمارة الإيموبيليا بشارع شريف، وعندما تم وضع لافتة باسم الفنان المعروف استيفان روستي تسبب ذلك في سوء فهم لدى الكثيرين من سكان المنطقة والمارة، فأوضح لهم أن أنور وجدي كان يمتلك العمارة لكن استيفان روستي عاش فيها، وكانت المعلومة جديدة بالنسبة للكثيرين حتى سكان العمارة الجدد».
ويضيف عيسى: «منذ وضع اللافتة على باب العمارة وأنا أبحث في قنوات التلفزيون عن أفلام استيفان روستي، وكلما وجدت فيلما أجلس أمامه باهتمام، وذات مرة كان أحد السكان خارجا من المصعد وتوجه ناحيتي حيث كنت أجلس أمام غرفتي بالطابق الأرضي وسألني هل فعلا كان استيفان روستي يعيش بالعمارة، وبينما أستعد لإجابته بنعم انتبه إلى شاشة التلفزيون حيث كنت أشاهد أحد أفلامه فغرقنا في الضحك سويا».
دور «الراوي» لتاريخ مشاهير مصر لم يقتصر على حراس البنايات بل امتد إلى أصحاب المتاجر القديمة بالمنطقة، فاللافتات الجديدة تدفع المارة الذين يتسوقون من هذه المتاجر إلى سؤالهم عن أصحابها وتاريخهم.
يقول رضا شحاتة، صاحب متجر صغير أو «محل بقالة» في بناية الفنان أنور وجدي، لـ«الشرق الأوسط»: «الزبائن الذين يشترون متطلباتهم مني يتوقفون أمام اللافتة ويسألوني عن صاحبها الفنان استيفان روستي لأن متجري ملاصق لباب العمارة، ويدور بيننا في كثير من الأحيان حوار طويل عن أفلامه وطريقته المميزة في التمثيل، ومع وضع الكثير من اللافتات للكثير من الفنانين والمشاهير في عمارات وسط البلد أصبحت ملما بمعلومات كثيرة عن العمارات التي عاشوا بها، وأقوم بشرح هذه المعلومات للزبائن الذين يسألوني عن فنانين آخرين».
حراس عقارات القاهرة الخديوية يروون للمارة تاريخ مشاهير مصر
بعد تفعيل مبادرة رفع لافتات «عاش هنا» على منازلهم لتخليد ذكراهم
حراس عقارات القاهرة الخديوية يروون للمارة تاريخ مشاهير مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة