«شعر الأنقاض»... دعوة لاسترجاع أوقات هربت منا

معرض لرانيا برباري يحكي بالصور انبعاث الأمل من قلب الدمار

الأنقاض تستعيد حياتها بعدسة رانيا برباري
الأنقاض تستعيد حياتها بعدسة رانيا برباري
TT

«شعر الأنقاض»... دعوة لاسترجاع أوقات هربت منا

الأنقاض تستعيد حياتها بعدسة رانيا برباري
الأنقاض تستعيد حياتها بعدسة رانيا برباري

في غياب تام للإنسان وحضور لافت لأنقاض حجرية تتسلل منها الطبيعة بجرأة لإعادة الحياة إليها، تعرض رانيا برباري نحو 20 صورة فوتوغرافية تحمل عنوان «شعر الأنقاض» (Poesie des ruines).
يستمر هذا المعرض الفوتوغرافي، الذي يقام في المركز الثقافي لمهرجانات جبيل وفي السوق القديمة للمدينة (ساحة اليونيسكو) لغاية 24 أكتوبر (تشرين الأول). «هو عبارة عن حكايات استنبطتها من الدمار لأفتح من خلالها فجوة على الحياة النابضة فيها»، تقول رانيا برباري في حديثها لـ«الشرق الأوسط». وتضيف: «أشجار ونباتات وأشعة الشمس وغيرها من عناصر الطبيعة ولدت في داخلي قصائد شعر من نوع آخر ترجمتها في صور فوتوغرافية».
فرانيا اختارت مبنى قديماً مدمراً في منطقة الحازمية دخلته بالصدفة، لتبتكر من تناقضاته موضوع معرضها. «لفتتني تشققات جدار مدمر يتفيأ بظل شجرة وكذلك نافذة مكسرة تنمو على أطرافها أوراق خضراء. ومن فجوة يسطع خلفها نور الشمس وبهو فارغ تنفس الحياة في أحد الأيام، ولدت أفكار هذه الصور التي وعلى عكس ما يخيل للبعض تنبض بالفرح بعيداً عن أي إشارات للحزن». فحسب رانيا، تمثل هذه الصور بالنسبة لها كمشة أوقات فاتنا مشاهدتها عندما كانت عقارب ساعاتها تمشي إلى الأمام. وها هي اليوم تعيدها إلى الوراء مستفيدة من عناصر طبيعة ساهمت في ولادتها من جديد.
لم تطلق رانيا برباري الأسماء على أعمالها الفنية المصورة واكتفت بترقيمها. «هو أسلوب نصحني به مستشار المعارض الفرنسي غيوم دي فارد. فعندما شاهد هذه الصور وتأمل فيها أصر على ألا تحمل أسماء، بل أرقاماً لأنها تدور في المحور نفسه. حتى اسم المعرض استوحيته منه لأنه برأيه ينقل مشاهده إلى ملحمة شعر من نوع آخر».
وبألوان دافئة من شأنها أن تحافظ على هذا التواصل بين الماضي والحاضر، انطبعت صور رانيا الفوتوغرافية. «هي مطبوعة على ورق معروف بجودته العالية (أكسيون) في عالم التصوير الفوتوغرافي. كما رغبت في إظهار التناقضات التي تحملها كل صورة فاستخدمت أحجاماً كبيرة لتبيان تفاصيلها تصل إلى نحو 1.70 سنتمتر».
لم تخطط رانيا برباري لتنفيذ هذه الصور مسبقاً، فولدت في ساعتها عندما دخلت ذلك المبنى القريب من الساحة الرئيسية في منطقة الحازمية. «عندها فقط رحت أضبط عدسة كاميرتي على زوايا مختلفة جذبتني فولد هذا المعرض».
ينتقل زائر المعرض بين لوحات مصورة تتوزع على جدران صالة الاستقبال في المركز الثقافي لمهرجانات جبيل الدولية. فيتابع من خلالها قصة أشعار تقف على الأطلال، وقد استعادت أنفاسها المقطوعة من خلال عدسة كاميرا فاجأتها في عز كبوتها فاستفاقت منتصبة فرحاً. فشرفات هذا المبنى المدمرة وأقسام غرف الاستقبال والنوم المتروكة منذ السبعينات، حاكت بخيالاتها نسيج معرض يرتكز على جمالية من نوع آخر تشكل اليوم نزعة في عالم الفن الحديث. فقد سبق واتبعها فنانون معروفون أمثال جيوفاني باولو بانيني وماركو ريتشي وهوبير روبير وغيرهم.
«للصورة الفوتوغرافية اليوم أنماط كثيرة ومتعددة ساهمت في عودتها بقوة على الساحة الفنية» تقول رانيا برباري. وتتابع: «وبعد حالة من الركود شهدتها في فترة ماضية ها هي اليوم تلازمنا في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي كل خطوة نقوم بها في حياتنا اليومية». وماذا عن مصير عدسة الكاميرا هل قضت عليها تلك الموجودة في أجهزة التلفون المحمول ترد: «لا شيء يضاهي أهمية صورة الكاميرا المحترفة، فهي تأخذنا إلى عالم واضح يدفعنا إلى التفكير بعمق جمالية الصورة، بدل ممارسة هذه الهواية بسطحية عبر الوسائل التي ذكرتها». تختم رانيا برباري حديثها عن معرضها المنفذ في مبنى قديم ومتروك في منطقة الحازمية في ضواحي بيروت، وقد تم إنشاؤه عام 1890.



«ملتقى طويق للنحت» يحتفي بتجارب الفنانين

الملتقى يتيح فرصة مشاهدة عملية النحت الحي والتمتُّع بتفاصيل الصناعة (واس)
الملتقى يتيح فرصة مشاهدة عملية النحت الحي والتمتُّع بتفاصيل الصناعة (واس)
TT

«ملتقى طويق للنحت» يحتفي بتجارب الفنانين

الملتقى يتيح فرصة مشاهدة عملية النحت الحي والتمتُّع بتفاصيل الصناعة (واس)
الملتقى يتيح فرصة مشاهدة عملية النحت الحي والتمتُّع بتفاصيل الصناعة (واس)

يحتفي «ملتقى طويق الدولي للنحت 2025» بتجارب الفنانين خلال نسخته السادسة التي تستضيفها الرياض في الفترة بين 15 يناير (كانون الثاني) الحالي و8 فبراير (شباط) المقبل، تحت شعار «من حينٍ لآخر... متعة الرحلة في صِعابها»، وذلك بمشاركة 30 فناناً من 23 دولة حول العالم.

ويُقدّم الملتقى فرصة مشاهدة عملية النحت الحي، حيث ينشئ الفنانون أعمالاً فنية عامة، ويُمكِن للزوار التواصل والتفاعل المباشر معهم، وتبادل الثقافات، واكتشاف الأساليب والأدوات المستخدمة في عملهم.

وسيصاحب فترة النحت الحي برنامج الشراكة المجتمعية، الذي يضم 11 جلسة حوارية، و10 ورش عمل مُثرية، و6 برامج تدريبية، إلى جانب الزيارات المدرسية، وجولات إرشادية ستُمكِّن المشاركين والزوار من استكشاف مجالات فن النحت، وتعزيز التبادل الفني والثقافي، واكتساب خبرة إبداعية من مختلف الثقافات من أنحاء العالم.

وتركز الجلسات على الدور المحوري للفن العام في تحسين المساحات الحضرية، بينما ستستعرض ورش العمل الممارسات الفنية المستدامة، مثل الأصباغ الطبيعية. في حين تتناول البرامج التدريبية تقنيات النحت المتقدمة، مثل تصميم المنحوتات المتحركة.

من جانبها، قالت سارة الرويتع، مديرة الملتقى، إن نسخة هذا العام شهدت إقبالاً كبيراً، حيث تلقّت ما يزيد على 750 طلب مشاركة من 80 دولة حول العالم، مبيّنة أن ذلك يعكس مكانة الحدث بوصفه منصة حيوية للإبداع النحتي والتبادل الثقافي.

وأعربت الرويتع عن طموحها لتعزيز تجربة الزوار عبر البرامج التفاعلية التي تشمل ورش العمل والجلسات الحوارية والجولات الفنية، مشيرة إلى أن الزوار سيتمكنون من مشاهدة المنحوتات النهائية في المعرض المصاحب خلال الفترة بين 12 و24 فبراير.

تعود نسخة هذا العام بمشاركة نخبة من أبرز النحاتين السعوديين، وتحت إشراف القيمين سيباستيان بيتانكور مونتويا، والدكتورة منال الحربي، حيث يحتفي الملتقى بتجربة الفنان من خلال تسليط الضوء على تفاصيل رحلته الإبداعية، بدءاً من لحظة ابتكاره للفكرة، ووصولاً إلى مرحلة تجسيدها في منحوتة.

وفي سياق ذلك، قال مونتويا: «نسعى في نسخة هذا العام من المُلتقى إلى دعوة الزوار للمشاركة في هذه الرحلة الإبداعية، والتمتُّع بتفاصيل صناعة المنحوتات الفنية».

ويعدّ الملتقى أحد مشاريع برنامج «الرياض آرت» التي تهدف إلى تحويل مدينة الرياض لمعرض فني مفتوح عبر دمج الفن العام ضمن المشهد الحضري للعاصمة، وإتاحة المجال للتعبير الفني، وتعزيز المشاركات الإبداعية، بما يتماشى مع مستهدفات «رؤية السعودية 2030».