إعادة تدوير البلاستيك ينتج ملابس وحقائب تستهوي المشاهير

مشروع مصري بدأ من منطقة لجمع القمامة ووصل إلى مهرجان «الجونة»

الفنانة المصرية سارة عبد الرحمن ترتدي قطعة ملابس معاد تدويرها من أكياس البلاستيك في مهرجان «الجونة»
الفنانة المصرية سارة عبد الرحمن ترتدي قطعة ملابس معاد تدويرها من أكياس البلاستيك في مهرجان «الجونة»
TT

إعادة تدوير البلاستيك ينتج ملابس وحقائب تستهوي المشاهير

الفنانة المصرية سارة عبد الرحمن ترتدي قطعة ملابس معاد تدويرها من أكياس البلاستيك في مهرجان «الجونة»
الفنانة المصرية سارة عبد الرحمن ترتدي قطعة ملابس معاد تدويرها من أكياس البلاستيك في مهرجان «الجونة»

تتنوع المبادرات والمشروعات التي يطلقها البعض لإعادة تدوير المخلفات بأنواعها، غير أنها لم تتطرق من قبل للدخول في مساحة الأزياء والموضة والإطلالات، وبخاصة للمشاهير ونجوم المجتمع. وأخيراً، جذبت الممثلة المصرية الشابة سارة عبد الرحمن، الأنظار بعد أن ظهرت في حفل اختتام مهرجان «الجونة» السينمائي البارز، وهي ترتدي قطعة ملابس مُصنّعة من الأكياس البلاستيك المُعاد تدويرها؛ الأمر لاقي استغراباً من البعض وتأييداً من البعض الآخر، وبخاصة بعد أن أوضحت الممثلة الشابة أنها «ظهرت بهذه الإطلالة دعماً لمشروع مصري يعيد تدوير الأكياس البلاستيك للحد من أضرارها البيئية».
التقت «الشرق الأوسط» إحدى الشركاء المؤسسين لـUp fuse مشروع مصري رائد يستهدف إعادة تدوير الأكياس البلاستيك، وهي يارا ياسين، لمزيد من التوضيح والتعرف على تفاصيل المشروع. بدأت يارا بالحديث عن إطلالة سارة عبد الرحمن «نجوم الفن لهم دور اجتماعي وبيئي كبير؛ لأنهم شخصيات مؤثرة؛ فالنجمات لا يجب أن يعتمدن على جمالهن فقط بينما يجب أن لهن دوراً إيجابياً تجاه المجتمع والبيئة، وهو ما قامت به سارة».
وأوضحت، أن المشروع ليس لديه خط إنتاج دائم للملابس، بينما قدموا قطعة واحدة خصيصاً لسارة لإثارة اهتمام الناس بإعادة تدوير الأكياس البلاستيك، وعن المشروع قالت يارا «تقوم الفكرة على إعادة تدوير الأكياس البلاستيك المُلقاة في القمامة أو الناتجة من مخلفات مصانع إنتاج الأكياس، حيث كانت تقوم هذه المصانع بحرق المخلفات مما يصدر عنه ضرر بيئي بالغ، ثم تمر على ماكينات إعادة التدوير والتنقية اللازمة حتى تتحول إلى خامة تشبه الجلد صالحة للاستخدام الآدمي، هنا يأتي دور عدد من المصممين الشباب لتحويل هذه الخامة إلى حقائب عصرية».
بدأت الفكرة عندما اشتركت يارا ياسين وزميلتها رانيا رفيع، في تنفيذ مشروع التخرج من كلية الفنون التطبيقية بالجامعة الألمانية، وكان التحدي هو الخروج بمشروع صديق للبيئة، وتقول يارا «قبل مشروع التخرج كنت أفكر في مصير أكوام الأكياس البلاستيك المُلقاة في القمامة وتأثيرها على البيئة، وبعد البحث والدراسة اكتشفت أن هذه الأكياس مُصنّعة من مادة مشتقة من البترول، مع الأخذ في الاعتبار أن مصر تعاني أزمة وقود، وأن إهدارها يسبب ضرر بالغ بالبيئة، وبخاصة أنها تتسبب في نفوق الأسماك النيلية وتؤثر على الثروة الحيوانية».
قررت الصديقتان أن يبدآ مشروعهما من حي الزبالين (جامعي القمامة) بمنطقة منشأة ناصر، (شرقي القاهرة) وهناك وجدا سبباً جديداً لإقامة هذا المشروع البيئي، وهو تشغيل الشباب والنساء في مهنة تحافظ على حقوقهم الصحية والمادية، وبخاصة أن هؤلاء لا يعرفون مهنة سوى فصل القمامة، وهو بالطبع ما يؤثر على صحتهم في وقت لاحق. أُقيم المشروع من خلال جلب ماكينات لإعادة التدوير، وأخرى لتنقية المادة الخام الجديدة حتى لا تحمل أي ضرر صحي، سواء على العامل أو المستهلك، ثم تحول مشروع التخرج إلى مشروع حياة ومستقبل، وانضمت صديقة ثالثة للمشروع وهي لاما الخوانكي، وتحول اسم المشروع إلى علامة حقائب مصرية صديقة للبيئة توزع في عدة دول مثل ألمانيا والكويت وكندا.
وتعود يارا للحديث عن إطلالة سارة عبد الرحمن لتقول «هذه التجربة استثنائية مع فنانة استثنائية، سارة عبد الرحمن ممثلة شابة معنية بقضايا إنسانية ونسوية كثيرة، كما أنها جريئة لا تخشى الانتقاد إذا كان لديها القناعة بما تروج عنه». وعن مدى صلاحية الأكياس البلاستيك المعاد تدويرها لأن تلامس الجلد بشكل مباشر، تقول «تمر الأكياس بعمليات تنقية متعددة حتى نصل إلى خامة صالحة تماماً للاستخدام، كما أن قطعة الملابس التي صُممت خصيصاً لهذه الحملة مُبطنة من الداخل بطبقة من القطن» وتؤكد أن كثيراً من الخامات المستخدمة في تصميم الملابس، حتى في الماركات العالمية، ربما يكون لها ضرر بالغ على الجسم، ولا سيما فيما يخص الصبغات الاصطناعية المستخدمة وبالمقارنة فإن المنتج الذي يقدمه فريقها آمن تماماً».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».