روما على صفيح ساخن مع إصرار حكومي على الموازنة وانتقادات داخلية وخارجية

لجنة برلمانية إيطالية تصفها بـ«الخطرة»... و«موديز» تقول إنها «مقامرة»

تشهد إيطاليا خلافات واسعة على خلفية الموازنة الحكومية التي وصفتها لجنة برلمانية بأنها «غير واقعية» (رويترز)
تشهد إيطاليا خلافات واسعة على خلفية الموازنة الحكومية التي وصفتها لجنة برلمانية بأنها «غير واقعية» (رويترز)
TT

روما على صفيح ساخن مع إصرار حكومي على الموازنة وانتقادات داخلية وخارجية

تشهد إيطاليا خلافات واسعة على خلفية الموازنة الحكومية التي وصفتها لجنة برلمانية بأنها «غير واقعية» (رويترز)
تشهد إيطاليا خلافات واسعة على خلفية الموازنة الحكومية التي وصفتها لجنة برلمانية بأنها «غير واقعية» (رويترز)

في الوقت الذي طالب فيه بتهدئة الحوار المشحون بين بلاده والمفوضية الأوروبية في بروكسل، قال وزير الاقتصاد الإيطالي جيوفاني تريا إن الحكومة الشعبوية لا تعتزم تغيير خطط موازنتها المثيرة للجدل، حتى بعد انتقادات البورصات والاتحاد الأوروبي والمراقبين المستقلين.
وجاءت تصريحات تريا أمس عقب وصف مكتب الموازنة البرلماني، وهو هيئة مراقبة مستقلة، التوقعات الاقتصادية الحكومية بـ«المفرطة في التفاؤل».
وقال تريا في جلسة برلمانية إن تعليقات المكتب التي أصدرها أول من أمس الثلاثاء «تدفعنا للعمل بدلا من خفض توقعاتنا أو حتى الحد من طموحاتنا». وتتوقع الحكومة من خلال زيادة نسبة العجز تحفيز الاقتصاد بصورة أكبر، وتوفير أموال إضافية تتيح لإيطاليا تسديد ديونها العامة المرتفعة.
ووصف مكتب الموازنة البرلمانية ومؤسسات أخرى هذه الاستراتيجية بـ«الخطيرة للغاية»، حيث قد تؤدي لتحقيق نسبة نمو أقل من المتوقع وارتفاع الديون بصورة أكبر من التوقعات.
وقال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين بوكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، لصحيفة «لا ستامبا» إن «هذه الاستراتيجية خاطئة، إنها مثل المقامرة على الصحة الاقتصادية والنقدية طويلة المدى لإيطاليا».
ويريد الحزبان الحاكمان في إيطاليا؛ حزب «الرابطة» و«حركة خمس نجوم»، استخدام نسبة العجز الإضافية لتمويل تعهداتهم بشأن الضرائب والمعاشات والرعاية الاجتماعية.
وقال لويجي دي مايو زعيم «حركة خمس نجوم» ونائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة، لإذاعة «راي» الإيطالية إن خطط الموازنة تعد «عملا شجاعا كانت تنتظره إيطاليا منذ أعوام».
ومع الإصرار الحكومي على الموازنة المثيرة، والانقسام الداخلي الواضح في إيطاليا حولها، استمرت المخاوف المتصاعدة في الأسواق الأوروبية. وانخفضت مؤشرات الأسهم في مستهل تعاملات أمس الأربعاء مع حالة عدم اليقين السياسي في إيطاليا وترقب إعلان بيانات اقتصادية.
وبحلول الساعة 7:35 صباحاً بتوقيت غرينيتش، استقر مؤشر «ستوكس 600» عند مستوى 372.9 نقطة، كما هبط مؤشر «فوتسي» البريطاني بنحو 0.09 في المائة عند 7231.2 نقطة. أما مؤشر «داكس» الألماني فانخفض عند 11976.2 نقطة بنسبة تراجع 0.08 في المائة، فيما تراجع مؤشر «كاك» الفرنسي بنحو 0.3 في المائة إلى 5301.9 نقطة.
وداخلياً؛ هبط مؤشر القطاع المصرفي الإيطالي 0.3 في المائة بعدما قال تقرير لـ«رويترز» إن الجهات المنظمة للقطاع المصرفي في أوروبا تكثف مراقبة مستويات السيولة بعد زيادة العائد على الدين السيادي.
وفي سوق العملات، استقر اليورو قرب 1.15 دولار أمس مبتعدا عن أدنى مستوى في 7 أسابيع، مستفيدا من فقدان موجة ارتفاع الدولار في الآونة الأخيرة بعض قوة الدفع بسبب انخفاض عوائد أدوات الخزانة الأميركية.
وتأتي هذه الارتباكات السوقية في وقت شهدت فيه سندات الخزانة الإيطالية كبوة كبرى، بعدما ارتفع العائد عليها إلى مستويات قياسية منذ مطلع الأسبوع.
وكان تريا أعرب أول من أمس عن أن حكومته قلقة من الارتفاع «غير المقبول» للعائد على سندات الخزانة الإيطالية، والذي يمكن أن يرتفع إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من 5 سنوات.
وجاء اعتراف وزير المالية بالقلق في الوقت الذي يحاول فيه تهدئة الحرب الكلامية بين الحكومة الإيطالية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي بشأن برنامج الإنفاق العام للحكومة خلال العام المقبل.
وأفادت وكالة «بلومبيرغ» للأنباء بأن الوزير لم يقدم أي إشارة إلى اعتزام الحكومة تغيير خططها، مكررا الأرقام نفسها المستهدفة لمعدل عجز الموازنة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
ومنذ إعلان الحكومة الإيطالية خطط موازنتها للسنوات المقبلة، ارتفع العائد على سندات الخزانة الإيطالية؛ حيث زاد السعر على السندات العشرية، وهي السندات القياسية، أول من أمس، إلى 316 نقطة أساس.
وقال تريا في كلمة له أمام البرلمان الإيطالي: «رغم أنه لم يحدث انفجار (لأسعار الفائدة على السندات) كما كان يخشى البعض، فإننا بالطبع قلقون... بصفتنا حكومة مسؤولة نستهدف شرح الموازنة ومن ثم توجيه المستثمرين في اجتماعاتنا من أجل تهدئة الأسواق»، مضيفا أنه يأمل في أن يؤدي مزيد من شرح وتوضيح إجراءات الموازنة إلى عودة العائد على السندات عن مستواه (غير المقبول)».
في الوقت نفسه؛ قال وزير المالية الإيطالي إنه ينبغي على إيطاليا «تهدئة اللهجة العدوانية» ضد الاتحاد الأوروبي، داعيا إلى «حوار بناء» حول خطط إيطاليا لزيادة عجز الميزانية.
وحذرت المفوضية الأوروبية إيطاليا من خطط الإنفاق التي تخرق قواعد الميزانية والتي هزت السوق، حيث أسفرت عن بيع مكثف لسندات الحكومة الإيطالية. وقال تريا خلال جلسة الاستماع البرلمانية في روما: «من المعروف أن المفوضية الأوروبية... أعربت عن مخاوفها» إزاء خطط الحكومة، مضيفا: «إننا على مشارف مرحلة من الحوار البناء» الذي تكون فيه «حاجة لتهدئة اللهجة العدوانية» خلال عرض المنطق وراء استراتيجية الميزانية الإيطالية أمام المفوضية الأوروبية.
وأيد تريا، وهو تكنوقراطي ليس له أي انتماء سياسي رسمي، صف رئيس مجلس النواب روبرتو فيكو، الذي دعا إلى الاعتدال يوم الاثنين الماضي خلال زيارة لبروكسل. وفي اليوم نفسه، جدد نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية ماتيو سالفيني العداء مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ومفوض الشؤون الاقتصادية بالاتحاد الأوروبي بيير موسكوفيتشي. ووصف سالفيني، الذي يقود حزب «الرابطة» اليميني المتطرف، المسؤوليْن بأنهما من «أعداء أوروبا؛ متحصنين في خندق بروكسل... إنهما عَدُوَّان لسعادة شعوب أوروبا».



«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.