رئيس الوزراء السوداني يربك «سوق الدولار» بـ«تغريدة»

TT

رئيس الوزراء السوداني يربك «سوق الدولار» بـ«تغريدة»

في تغريدته الثانية على موقع «تويتر» أمس، أعلن رئيس الوزراء السوداني، الدكتور معتز موسى، أن كل الصرافات الآلية سيتم تغذيتها بالنقود ابتداء من بعد غد السبت... وذلك بعد أن أحدثت تغريدته الأولى بأن البنك المركزي سيقوم بتوفير أموال لخمسة بنوك من أجل شراء الدولار، جدلا واسعا وارتباكا في أسعار العملة في السوق.
وتعد تغريدات رئيس الوزراء، الذي يشغل منصب وزارة المالية بالتكليف، هي المرة الثانية التي يغرد فيها مسؤول سوداني معلنا عن قرارات وإجراءات الدولة المالية والاقتصادية... ما اعتبره كثيرون بادرة للحديث بشفافية بشأن اقتصاد البلاد، وذلك رغم انتقاد البعض لما سببته التغريدة من غموض وارتباك في الأسواق.
ويواجه السودان أزمة في توفر النقود في الصرافات منذ أشهر وانعداما في السيولة النقدية، ما أدى لمعاناة كبيرة لشرائح واسعة للمتعاملين مع البنوك، لكن مصرفيين أكدو لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن البنوك ستبدأ الأحد المقبل في توفير النقد المطلوب لعملائها. فيما أعلن بنك السودان أول من أمس أن أول باخرة محملة بالعملات السودانية من جملة أربع بواخر، ستصل إلى ميناء بورتسودان اليوم الخميس.
وأعلن موسى في تغريدة أول من أمس، أنه تلقى تأكيدات من محافظ البنك المركزي بأن خمسة بنوك ستقوم بشراء الدولار نقدا بشكل مباشر من الجمهور ابتداء من أمس.. وسيقوم البنك المركزي بتوفير كل النقود المطلوبة للشراء.
ووسط تضارب معلومات بهذا الشأن، قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن اتحاد المصارف رفض تخصيص خمسة بنوك من جملة 42 بنكا للقيام بهذا الدور، حيث يعتبر خرقا لقواعد المنافسة بين البنوك.
وانتشرت التكهنات بشأن البنوك الخمسة المعنية، رغم أنه لم تصدر بها تأكيدات رسمية. وقال مصرفي يعمل في بنك ليس ضمن تلك البنوك المرشحة، إن تحديد خمسة بنوك ليس عدلا، وكل بنك يريد أن يوفر لعملائه خدمات أفضل، ولا خدمة أفضل يقدمها البنك لعملائه هذه الأيام سوى السيولة النقدية.
وأوضح المصدر المصرفي، أن البنوك الآن تعاني من شح في السيولة، وحتى أرصدتها الموجودة في البنك المركزي لا تستطيع الحصول عليها، بما يوافق أعمالها... مشيرا إلى أن البنوك كانت تمنح أسبوعيا مليون جنيه لتغطية عملائها، فيما تتجاوز احتياجات العملاء المليارات.
وأعلنت «آلية صناع السوق»، التي شكلتها الحكومة قبل ثلاثة أيام لتحديد سعر يومي لعملة الدولار مقابل الجنيه السوداني، أن سعر الدولار هو 47.5 جنيه، وهو الرقم نفسه الذي صدر به قرار عند إطلاقها، فيما حدد سعر 54.7 جنيه سوداني مقابل اليورو. وذلك من خلال تخفيض حاد بلغ 60 في المائة، لمواجهة أزمة تراجع العملة جراء الأزمة الاقتصادية الطاحنة في البلاد.



«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
TT

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

قبل ساعات قليلة من «الختام المفترض» لمؤتمر «كوب 29» للمناخ في العاصمة الأذرية باكو على بحر قزوين، سيطر الخلاف على المباحثات؛ إذ عبرت جميع الأطراف تقريباً عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الذي قدمته إدارة المؤتمر ظهر يوم الجمعة في «مسودة اتفاق التمويل»، والذي اقترح أن تتولى الدول المتقدمة زمام المبادرة في توفير 250 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035 لمساعدة أكثر الدول فقراً، وهو الاقتراح الذي أثار انتقادات من جميع الأطراف.

وتتولى حكومات العالم الممثلة في القمة في باكو عاصمة أذربيجان، مهمة الاتفاق على خطة تمويل شاملة لمعالجة تغيّر المناخ، لكن المؤتمر الذي استمر أسبوعين تميز بالانقسام بين الحكومات الغنية التي تقاوم الوصول إلى نتيجة مكلفة، والدول النامية التي تدفع من أجل المزيد.

وقال خوان كارلوس مونتيري غوميز، الممثل الخاص لتغيّر المناخ في بنما، والذي وصف المبلغ المقترح بأنه منخفض للغاية: «أنا غاضب للغاية... إنه أمر سخيف، سخيف للغاية!»، وأضاف: «يبدو أن العالم المتقدم يريد أن يحترق الكوكب!».

وفي الوقت نفسه، قال مفاوض أوروبي لـ«رويترز» إن مسودة الاتفاق الجديدة باهظة الثمن ولا تفعل ما يكفي لتوسيع عدد البلدان المساهمة في التمويل. وأضاف المفاوض: «لا أحد يشعر بالارتياح من الرقم؛ لأنه مرتفع ولا يوجد شيء تقريباً بشأن زيادة قاعدة المساهمين».

ومن جانبها، حثت أذربيجان الدول المشاركة على تسوية خلافاتها والتوصل إلى اتفاق مالي يوم الجمعة، مع دخول المفاوضات في المؤتمر ساعاتها الأخيرة. وقالت رئاسة المؤتمر في مذكرة إلى المندوبين صباح الجمعة: «نشجع الأطراف على مواصلة التعاون في مجموعات وعبرها بهدف تقديم مقترحات تقلص الفجوة وتساعدنا على إنهاء عملنا هنا في باكو».

صحافيون ومشاركون يراجعون مسودة الاتفاق الختامي بمقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو ظهر يوم الجمعة (أ.ب)

وحددت المسودة أيضاً هدفاً أوسع لجمع 1.3 تريليون دولار من تمويل المناخ سنوياً بحلول عام 2035، والذي سيشمل التمويل من جميع المصادر العامة والخاصة. وهذا يتماشى مع توصية من خبراء الاقتصاد بأن تتمكن البلدان النامية من الوصول إلى الحصول على تريليون دولار على الأقل سنوياً بحلول نهاية العقد. لكن المفاوضين حذروا من أن سد الفجوة بين تعهدات الحكومة والتعهدات الخاصة قد يكون صعباً.

وكان من المقرر أن تختتم قمة المناخ في مدينة بحر قزوين بحلول نهاية يوم الجمعة، لكن التوقعات كانت تصب في اتجاه التمديد، على غرار مؤتمرات «الأطراف» السابقة التي تشهد جميعها تمديداً في اللحظات الأخيرة من أجل التوصل إلى اتفاقات.

وقال لي شو، مدير مركز المناخ الصيني في «جمعية آسيا»، وهو مراقب مخضرم لمؤتمرات «الأطراف»: «إن إيجاد (نقطة مثالية) في المحادثات قريباً أمر بالغ الأهمية. أي شيء آخر غير ذلك قد يتطلب إعادة جدولة الرحلات الجوية».

وعاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى باكو من اجتماع «مجموعة العشرين» في البرازيل يوم الخميس، داعياً إلى بذل جهود كبيرة للتوصل إلى اتفاق، وحذر من أن «الفشل ليس خياراً».

وبدوره، قال دانييل لوند، المفاوض عن فيجي، لـ«رويترز»، إن «الطريق لا يزال طويلاً... إنه رقم (الوارد بالمسودة) منخفض للغاية مقارنة بنطاق الحاجة القائمة وفهم كيفية تطور هذه الاحتياجات».

كما عكس المؤتمر انقسامات كبيرة إزاء قضايا مثل ما إذا كان يجب تقديم الأموال في صورة منح أو قروض، والدرجة التي ينبغي بها حساب أنواع التمويل الخاص المختلفة في تحقيق الهدف السنوي النهائي.

وانتقد المفاوضون والمنظمات غير الحكومية إدارة المؤتمر. وهم يأخذون على الأذربيجانيين الافتقار إلى الخبرة في قيادة مفاوضات بين ما يقرب من 200 دولة. وقال محمد آدو، ممثل شبكة العمل المناخي: «هذا هو أسوأ مؤتمر للأطراف على ما أذكر».

كما شابت المفاوضات حالة من الضبابية بشأن دور الولايات المتحدة، أكبر مصدر في العالم لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، قبل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي لا يؤمن بقضية المناخ، إلى البيت الأبيض.

وقال المبعوث الأميركي جون بوديستا: «نحن، بصراحة، نشعر بقلق عميق إزاء الخلل الصارخ في التوازن» في النص. في حين أعرب المفوض الأوروبي وبكي هوكسترا عن موقف مشابه بقوله إن النص «غير مقبول في صيغته الحالية».

ويكرر الأوروبيون القول إنهم يريدون «الاستمرار في توجيه الدفة»، وهو مصطلح تم اختياره بعناية، كدليل على حسن النية. لكن العجز المالي الذي تعانيه بلدان القارة العجوز يحد من قدراتهم.

وتساءل المفاوض البنمي خوان كارلوس مونتيري غوميز: «نحن نطلب 1 بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فهل هذا كثير جداً لإنقاذ الأرواح؟». في حين أعربت الوزيرة الكولومبية سوزان محمد عن أسفها، قائلة: «إنهم يدورون في حلقة مفرغة وهم يؤدون ألعابهم الجيوسياسية».

ومن جانبها، دعت الصين، التي تؤدي دوراً رئيساً في إيجاد التوازن بين الغرب والجنوب، «جميع الأطراف إلى إيجاد حل وسط»... لكن بكين وضعت «خطاً أحمر» بقولها إنها لا تريد تقديم أي التزامات مالية. وهي ترفض إعادة التفاوض على قاعدة الأمم المتحدة لعام 1992 التي تنص على أن المسؤولية عن تمويل المناخ تقع على البلدان المتقدمة.