"أمشق 48" معرض في القاهرة يستلهم عالم التعاويذ

من أعمال مصطفى الحسيني في المعرض («الشرق الأوسط»)
من أعمال مصطفى الحسيني في المعرض («الشرق الأوسط»)
TT

"أمشق 48" معرض في القاهرة يستلهم عالم التعاويذ

من أعمال مصطفى الحسيني في المعرض («الشرق الأوسط»)
من أعمال مصطفى الحسيني في المعرض («الشرق الأوسط»)

عند سفح جبل المقطّم في مصر تقع مقابر الإمام الشافعي التي يقصدها بعض الناس ويخبئون فيها أعمال "السحر" والتعاويذ لقضاء أمر أو إيذاء آخرين... ولطالما كانت هذه المقابر وغيرها مصدر إلهام للعديد من الفنانين لما تحويه من أسرار. لكن الفنان التشكيلي المصري مصطفى الحسيني تفاعل معها على طريقته الخاصة فقرر تقديم معرض فني يحاكي فيه أعمال "السحر" التي رآها أثناء جولاته في المقابر...
شعور غريب يواجه زائر معرض "أمشُق 48" في غاليري مشربية للفن المعاصر في وسط القاهرة. فهو ينبهر بألوان اللوحات ويعجب بالمواد المختلطة التي استخدمها الفنان الشاب لإنجاز لوحاته، غير أنه يشعر بالوحشة والخوف عندما يدقق في تفاصيل اللوحات ويرى الرموز والحروف غير المنتظمة التي تُستخدم في التعاويذ، فيقف الزائر حائراً بين الإعجاب بالعمل الفني والتعجّب من موضوعه.
تأتي غرابة فكرة المعرض من كونها تجربة شخصية للحسيني الذي يقول لـ "الشرق الأوسط": "جاءت فكرة المعرض مصادفة بعدما ذهبت لزيارة مدفن والدي الذي لم أزره منذ عام ٢٠٠٩، ووجدت أن الطريق اختلف عما كان عليه في الماضي، وللأسف كنت قد نسيت مكان المقبرة. بحثت كثيرا ولكني لم أجدها".
يضيف الحسيني: "لمحت حائطا مشروخا في إحدى المقابر، ورأيت أوراقا كثيرة داخل هذا الشرخ. أعجبني المنظر ودفعني الفضول إلى أن أكتشف هذه الأوراق".
على مدار خمسة أشهر، جمع الحسيني العديد من الأوراق "السحرية". بحث كثيرا على الإنترنت عن معانيها وحاول معرفة ماهيتها، ثم قرر إستخدامها موضوعاً لمعرضه الفني الذي يقدمه حاليا ويستمر حتى ١٨ أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
يقول الفنان: "استخدمت أوراق سحر حقيقية في أعمالي الفنية، وهذا يدهش كل من يرى اللوحات، بل يخيف بعضهم".
إلى جانب الأوراق، دمج الفنان عجائن من الورق والبلاستيك وإستخدم أكاسيد وغراء وأدوات حفر وألوان أكريليك مبهجة، مثل الأصفر والأحمر والأزرق، ليحقق تمازجا جميلا بينها وبين موضوع اللوحات القاتم. وفي بعض الأعمال، ينثر حروفاً عربية مبعثرة مقلدا ما يكتبه "السحرة". وفِي البعض الآخر يرسم هياكل عظمية وفئرانا لينقل لمحات من المقابر وأشكال الأعمال "السحرية".
وهناك جزء آخر في المعرض قدم فيه الحسيني لوحات تبين التدريبات القتالية التي يمارسها المجندون أثناء خدمتهم العسكرية. وهذا الجزء أيضا يعبر عن تجربة الفنان الشخصية. وهو يقول إن الفارق الزمني كان قصيراً بين التجربتين اللتين "تتشابهان في فكرة الصراع مع الآخر".
يجدر القول إن الحسيني يهتم في هذا المعرض بالناحية الفنية أكثر من الناحية التجارية. ويقول في هذا الصدد: "أعمل في مجال الديكور وأصمم أعمالاً تجارية، إنما هذا المعرض مختلف لأني أفعل ما أحب وأقدم مواضيع لها علاقة بي. ذاكرتي ضعيفة جدا، لكن عندما أرسم لوحة أتذكر كل التفاصيل. ولهذا أردت الإحتفاظ بكل التفاصيل في هذه اللوحات".
ويؤكد الفنان أن التجريب ضرورة، "فالفنان لا يمكن أن يعتمد الأسلوب والتقنيات نفسها لسنوات عديدة، لأن هذا لا يقدم جديدا. عندما أقرر العمل على فكرة فإنها تفرض عليّ نوع الخامات التي استخدمها، فكل مشروع له تقنياته والوسيط الخاص به".
تجدر الإشارة إلى أن "غاليري مشربية" يدعم الفنانين الشباب عبر منحهم فرصة لتقديم أعمالهم في معارض فردية، وهي فرصة لا تتوافر دائماً للشباب الذين يلجأون إلى المشاركة في معارض جماعية. وتقول مساعدة مدير الغاليري نشوى عبد الفتاح لـ "الشرق الأوسط": "من الصعب أن يستطيع فنان شاب أن يعرض أعماله في معرض فردي لأن كل قاعات العرض تطلب أن يكون ذا خبرة وتجارب، وهذا لن يتوافر إن لم يعطه أحد فرصة حقيقية".
وتضيف عبد الفتاح أن الحسيني "رسّام جيد ولديه قدرة على إبراز فكرته. نحن لا نتدخل في وجهه نظر الفنان بل نترك له حرية إختيار الموضوع ومناقشته. فقط نختار الموضوعات التي تتماشى مع قاعة عرضنا وأهمها المعاصَرة والحداثة، ونقيّم العمل وفقا لجودته الفنية وتمكّن الفنان من أدواته".
يبقى القول إن "أمشق" مصطلح ظهر بعد الثورة الصناعية ويعني النماذج الأولية التي ينتجها الفنان من رسوم او اسكتشات. وإستخدم الحسيني الرقم ٤٨ للدلالة على سنة ميلاد والده لأن المعرض مرتبط برحلته في المقابر للبحث عن مدفن والده.

* من «مبادرة المراسل العربي»



الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
TT

الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)

كشفت دراسة أميركية عن استراتيجية بديلة تلجأ إليها الخفافيش عندما تفقد قدرتها على السمع، وهي حاسة أساسية تستخدمها للتوجيه عبر تقنية الصدى الصوتي.

وأوضح الباحثون من جامعة جونز هوبكنز أن النتائج تثير تساؤلات في إمكانية وجود استجابات مشابهة لدى البشر أو الحيوانات الأخرى، مما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات المستقبلية، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Current Biology).

وتعتمد الخفافيش بشكل أساسي على حاسة السمع للتنقل والتواصل عبر نظام تحديد المواقع بالصدى (Echolocation)، إذ تُصدر إشارات صوتية عالية التّردد وتستمع إلى صدى ارتدادها عن الأشياء المحيطة لتحديد موقعها واتجاهها. وتعد هذه القدرة إحدى الحواس الأساسية لها.

وشملت الدراسة تدريب الخفافيش على الطيران في مسار محدد للحصول على مكافأة، ومن ثم تكرار التجربة بعد تعطيل مسار سمعي مهمٍّ في الدماغ باستخدام تقنية قابلة للعكس لمدة 90 دقيقة.

وعلى الرغم من تعطيل السمع، تمكنت الخفافيش من إتمام المسار، لكنها واجهت بعض الصعوبات مثل التصادم بالأشياء.

وأوضح الفريق البحثي أن الخفافيش تكيفت بسرعة بتغيير مسار طيرانها وزيادة عدد وطول إشاراتها الصوتية، مما عزّز قوة الإشارات الصدوية التي تعتمد عليها. كما وسّعت الخفافيش نطاق الترددات الصوتية لهذه الإشارات، وهي استجابة عادةً ما تحدث للتعويض عن الضوضاء الخارجية، لكنها في هذه الحالة كانت لمعالجة نقص داخلي في الدماغ.

وأظهرت النتائج أن هذه الاستجابات لم تكن مكتسبة، بل كانت فطرية ومبرمجة في دوائر الدماغ العصبية للخفافيش.

وأشار الباحثون إلى أن هذه المرونة «المذهلة» قد تعكس وجود مسارات غير معروفة مسبقاً تعزّز معالجة السمع في الدماغ.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة، الدكتورة سينثيا موس، من جامعة جونز هوبكنز: «هذا السلوك التكيفي المذهل يعكس مدى مرونة دماغ الخفافيش في مواجهة التحديات».

وأضافت عبر موقع الجامعة، أن النتائج قد تفتح آفاقاً جديدة لفهم استجابات البشر والحيوانات الأخرى لفقدان السمع أو ضعف الإدراك الحسي.

ويخطط الفريق لإجراء مزيد من الأبحاث لمعرفة مدى تطبيق هذه النتائج على الحيوانات الأخرى والبشر، واستكشاف احتمال وجود مسارات سمعية غير معروفة في الدماغ يمكن أن تُستخدم في تطوير علاجات مبتكرة لمشكلات السمع لدى البشر.