الحريري: الحكومة خلال 10 أيام وإذا اعتذرت فلن أقبل تكليفي مرة أخرى

رئيس الوزراء المكلّف قال إن مفاعيل مؤتمر «سيدر» في خطر

الحريري خلال اجتماعه مع الوزير رياشي بحضور مستشاره غطاس خوري (دالاتي ونهرا)
الحريري خلال اجتماعه مع الوزير رياشي بحضور مستشاره غطاس خوري (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري: الحكومة خلال 10 أيام وإذا اعتذرت فلن أقبل تكليفي مرة أخرى

الحريري خلال اجتماعه مع الوزير رياشي بحضور مستشاره غطاس خوري (دالاتي ونهرا)
الحريري خلال اجتماعه مع الوزير رياشي بحضور مستشاره غطاس خوري (دالاتي ونهرا)

تتوالى المواقف الإيجابية التي تعلنها الأطراف السياسية عبر ما يمكن وضعه في خانة التنازلات لتسهيل تشكيل الحكومة، وهو ما أكده رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، مشددا في المقابل على أن مفاعيل مؤتمر «سيدر» في خطر.
وأكّد الحريري «أن الحكومة ستتشكل خلال الأيام العشرة المقبلة، لأن البلد بأمسّ الحاجة لهذه الحكومة، والوضع الاقتصادي يحتم ذلك، ويفرض على الجميع أن يقدموا بعض التنازلات من أجل البلد»، مؤكدا بالمقابل أنه في حال قدم اعتذاره عن التأليف، فإنه لن يقبل تكليفه مرة أخرى. وقال: «في حال اعتذرت عن التشكيل، فإنني لن أطلب من أحد أن يكلفني، والظروف التي سادت في حكومتي الأولى مختلفة عن الظرف القائم اليوم».
وجاء كلام الحريري في دردشة مع الصحافيين قبيل ترؤسه اجتماع كتلة «المستقبل» النيابية، حيث اعتبر أن جميع الفرقاء قدموا تنازلات، بما فيهم «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر». وقال: «الوضع القائم حتّم على الجميع أن يقدموا التنازلات وكل العقد في طريقها إلى الحل».
والتقى الحريري مساء أمس الوزير ملحم رياشي موفدا من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. ولفت الحريري إلى أن تفاؤله نابع من أجواء لقائه مع رئيس الجمهورية ميشال عون، مشيرا إلى أنه لا موعد محددا بعدُ بينه وبين الوزير جبران باسيل، واصفا كلام باسيل في مؤتمره الصحافي الأخير بغير الإيجابي.
وأشار الحريري إلى أن هناك بعض التغييرات في توزيع الحصص، رافضا الإفصاح عن عدد الوزراء الذي سيناله كل فريق، وقال: «المعيار الوحيد الذي اعتمده في التشكيل هو أنها حكومة وفاق وطني، وفي اللحظة التي نضع فيها معايير، نكبل أنفسنا بتشكيل أي حكومة في المستقبل، وهذا الأمر ليس له أصل، لا دستوري ولا عرفي ولا له لا تاريخ ولا جغرافيا».
ونفى الرئيس الحريري علمه بوجود أي مبادرة فرنسية لمساعدته على تشكيل الحكومة، مؤكدا بالمقابل أن مفاعيل مؤتمر «سيدر» في خطر، وقال: «إذا كنا نعتقد أن العالم سينتظرنا فنحن مخطئون. العالم يدور والأيام تمر، وهذه الأموال وضعت لمساعدة الاقتصاد اللبناني، ولكن إذا كان اللبنانيون لا يريدون أن يساعدوا أنفسهم، فهل سينتظرهم العالم؟!».
وأضاف: «هناك اليوم قرض وافق عليه البنك الدولي لصالح لبنان، وإن لم نتمكن في الحكومة ومجلس النواب من أن نوافق عليه فإننا سنخسره».
أما بخصوص ربط تشكيل الحكومة بدخول العقوبات على إيران حيز التنفيذ في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فقال الحريري: «أتمنى ألا يفكر أحد على هذا النحو، لأن لبنان ليس إيران وإيران ليست لبنان».
وتوالت المؤشرات الإيجابية التي تشير إلى أن الحكومة ستتشكل قريباً. فبعدما أعلن رئيس الحزب الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط عن إيجابية في التعاطي مع الملف الحكومي، قال أمس رئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال أرسلان: «فيما يسمى بالعقدة الدرزية وكما اعتبر الآخرون أن مصلحة الوطن تقتضي التضحية من أجل تسهيل تأليف الحكومة العتيدة، نحن نقبل أن نسمي 5 أسماء لفخامة الرئيس ميشال عون، على أن يتم تسمية أحدهم من قبله بالتعاون مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي نعتبره أيضا غيورا على مصلحة الدروز والعيش المشترك وقدسيته في الجبل... والباقي على الله».
وكانت العقدة الدرزية عالقة عند إصرار جنبلاط على حصر الوزراء الدروز الثلاثة في الحكومة بحزبه، وهو ما يرفضه وزير الخارجية جبران باسيل، مطالبا بتوزير أرسلان، إلى أن أعلن جنبلاط عن إمكانية التنازل، وردّ أرسلان بقبوله توزير شخصية درزية ترضي الأطراف، ما يعني تراجعه عن مطلب حصوله على وزارة.
وردّ وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة على ما أعلنه أرسلان قائلا بعد لقائه بري: «بغض النظر عما يتحدث عنه الوزير أرسلان، فنحن نعتبر أنه لا يوجد عقدة درزية. حتى لو اعتمدنا معايير الوزير جبران باسيل، يتبين أنه لا توجد عقدة درزية وأن المقاعد هي للقاء الديمقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي، ولكن مع ذلك أتصور أن مواقف وليد بك لتسهيل تشكيل الحكومة معبرة جدا، وذهبت إلى أبعد مجال، لذلك لا أحد (يهتنا) بعقدة درزية، لا توجد عقدة درزية، العقدة معروفة عند من، عند من يحاول السطو على القرار الحكومي من الآن لأربع سنوات، وأنا أتصور أن كل القوى في لبنان، وليس فقط نحن والرئيس بري، نرفض هذا الشيء».
وفي وقت تشير المعلومات إلى أن العقدة المسيحية باتت في مربّعها الأخير، أمل وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم رياشي خيرا حيال التأليف، وذلك بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري.
وفي رده على سؤال عما إذا كان بري طلب من «القوات» التنازل، أجاب الرياشي: «بصراحة لم نتكلم عن هذا الموضوع بالتفصيل؛ لأننا تحدثنا عنه سابقا، وموقف دولته واضح. وقد أكد لي دولة الرئيس بري مرة أخرى أنه في هذا البلد لا أحد يضع فيتو على أحد، فليكن الكلام واضحا في هذا الموضوع. لا نحن نضع فيتو على أحد ولا نقبل أن يضع أحد فيتو علينا».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.