لبنان يسير باتجاه إنجاز القوانين للتنقيب عن النفط في البر بعد البحر

اللجان المشتركة وضعت مرجعية الاتفاقات بعهدة البرلمان

TT

لبنان يسير باتجاه إنجاز القوانين للتنقيب عن النفط في البر بعد البحر

يسير لبنان بخطى سريعة لإنجاز الآليات القانونية التي تتيح التنقيب واستخراج النفط في البر، بعد استكمال ملف التنقيب عن النفط والغاز في البحر الذي أنجز العام الماضي، بفارق قانوني أساسي يتمثل في وضع مرجعية الاتفاقات المرتبطة بالتنقيب في البر بعهدة مجلس النواب، خلافاً لمرجعية الاتفاقات المرتبطة بالتنقيب واستخراج النفط في البحر التي وضعت بعهدة مجلس الوزراء.
وتعقد لجان نيابية، غداً (الخميس)، جلسة مشتركة دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري لمتابعة درس مشاريع واقتراحات 4 قوانين، سيكون من بينها اقتراح القانون المتعلق بالموارد البترولية في الأراضي اللبنانية. ووسط استبعاد إقرار القانون غداً، قال عضو لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة، النائب محمد الحجار: «إننا سنتابع النقاش في اللجان المشتركة، بعد استكمال بحثه في اللجنة الفرعية، ويتناول ملف التنقيب عن النفط في البر، واتفاقيات الاستكشاف والتنقيب، وتقسيم الرقع، ودفاتر الشروط، وكل ما يتعلق بالقطاع».
ويستكمل البحث في قانون التنقيب واستخراج النفط والغاز من البر ما سبق أن أقره مجلس النواب مطلع العام الماضي، المرتبط بقانون الموارد البترولية في المياه البحرية للتنقيب عن النفط، وقانون الأحكام الضريبية المتعلقة بالأنشطة البترولية. وتأتي مناقشة القانون الجديد ضمن اهتمام مجلس النواب بتطوير المنظومة التشريعية اللازمة لملف النفط والغاز في البر بعد البحر.
وبدأ البحث في قانون الموارد البترولية في الأراضي اللبنانية (في البر) في اللجان المشتركة الأسبوع الماضي، وأقرت المادة الأولى منه مع بعض التعديلات، وحصل نقاش مستفيض للمادة الثانية التي تتعلق بنطاقه، ولا سيما البند الثالث منها الذي يقول: يحدد مجلس الوزراء المناطق المحظورة من الأراضي الخاضعة للولاية القضائية للجمهورية اللبنانية بموجب مرسوم، بناء على اقتراح الوزير المستند إلى توصية الهيئة، بعد التنسيق مع الوزارات المختصة، وقد أضيف إليها: «على أن يحال ذلك للموافقة من المجلس النيابي».
غير أن الجلسة السابقة أسفرت عن تعديل جوهري على مسودة قانون التنقيب عن النفط والغاز في البر، حيث منحت مجلس النواب صلاحية البت بالاتفاقيات، خلافاً لقانون التنقيب في البحر الذي منحها لمجلس الوزراء. وقال النائب الحجار لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه المادة كانت محل نقاش، كون الإقرار باللجان الفرعية فوض مجلس الوزراء كمرجعية للاتفاقات، قبل أن تخضع المادة للتصويت، وتعطي الصلاحية لمجلس النواب».
وأضاف الحجار: «برأيي، إن ما حصل كان خطأ، لأن صناعة البترول وعملية التنقيب عرضة لتطور مستمر، ويجب أن يخضع لمجلس الوزراء لتعديل بعض الأمور، وبينها لوجيستية وإدارية، بناء على دفتر الشروط، بالنظر إلى أن الحكومة هي سلطة تنفيذية»، ولفت إلى أن بعض النواب «اعتبر أن منح الصلاحية لمجلس النواب يؤمن شفافية أكبر»، مشيراً إلى أن «مجلس الوزراء بالعادة يتمثل من أغلبية القوى السياسية الموجودة في البرلمان»، وقال إن هذا الأمر «ليس نهائياً، وسيخضع القانون للنقاش في جلسة عامة لمجلس النواب».
وعن الأسباب التي حالت دون إقرار قانون التنقيب في البر، بموازاة إقرار قانون التنقيب في البحر، قال الحجار إن القانون «لم يكن جاهزاً، بعكس قانون التنقيب في البحر الذي كان حاضراً بعد استكمال مسح المياه الاقتصادية الخاصة بلبنان، وكان الرأي أن ننطلق بالتنقيب في البحر، وبعدها نعد قانون التنقيب في البر».
ويُنظر إلى ملف استخراج الطاقة من الأراضي اللبنانية بآمال كبيرة. ويتحدث خبراء عن مسوح جيولوجية نفذت في وقت سابق تشير إلى مخزون نفطي واعد في الأراضي اللبنانية، قد يكون على عمق 600 متر في بعض المناطق الساحلية، مما يخفف من تكلفة استخراجه، ويدر بمنفعة على الدولة اللبنانية.
وفيما يكتفي الحجار بالقول إن هناك «مؤشرات جيدة وواعدة في هذا الاتجاه دفعتنا لدرس القانون»، أشارت الخبيرة في شؤون النفط والغاز لوري هايتايان إلى أن شركات نفذت قبل سنوات مسحاً جوياً لمناطق في الشمال، لكنها أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا نستطيع معرفة حجم المخزون قبل التنقيب». ورغم ذلك، أكدت هايتايان أن هناك «توجهاً لدى الدولة للاستثمار في القطاع، بدأ بالبحر، وينتقل الآن لوضع الآليات التشريعية في البر»، متمنية أن يصبح القانون «واحداً للبحر والبر».
وأوضحت هايتايان أن المسح الذي أجرته الشركة الأجنبية قبل سنوات قليلة اقتصر على منطقة الشمال «بالنظر إلى أن المسح كان جوياً، وهناك تعقيدات أمنية حالت دون الوصول إلى الجنوب، أو قرب الحدود مع سوريا». كما لفتت إلى أن دراسات قديمة في الستينات كانت قد أجريت في البر اللبناني، وبسبب ضعف التكنولوجيا في ذلك الوقت، أشارت الدراسات إلى أن التنقيب لم يكن مجدياً.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.