رئيس الوزراء السوداني يعترف بالأزمة الاقتصادية ويتعهد معالجتها

المهدي حذر من احتجاجات شعبية واسعة بسبب غلاء الأسعار

TT

رئيس الوزراء السوداني يعترف بالأزمة الاقتصادية ويتعهد معالجتها

اعترفت الحكومة السودانية بالصعوبات والتحديات الاقتصادية التي تواجهها، والناجمة عن تجاوز معدلات التضخم الحدود القياسية، وتراجع سعر صرف العملة المحلية «الجنيه» بشكل كبير أمام العملات الأجنبية. فيما انتقد المعارض البارز الصادق المهدي، الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتعامل مع الأزمة، ورأى أنها ستؤدي لزيادات هائلة في الأسعار، وما قد ينجم عنها من احتجاجات شعبية.
وقال رئيس الوزراء السوداني معتز موسى، للبرلمان، في أول خطاب له منذ تعيينه بمنصبه في التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي، إن التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد تسببت في تأثيرات سلبية على الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد.
وأعلن معتز عقب توليه رئاسة الوزارة عن سياسات أطلق عليها «الصدمة» لمعالجة اختلالات اقتصاد البلاد، وتقرر بموجبها تكوين آلية جديدة تابعة للبنك المركزي، عرفت بـ«لجنة صناع السوق»، التي أصدرت أول قراراتها بخفض قيمة الجنيه السوداني بقرابة 60 في المائة، فبعد أن كان سعر الدولار الأميركي 28 جنيهاً سودانياً بالسعر الرسمي، مقابل 46 جنيهاً في السوق الموازية «السوداء»، ارتفع سعره في السوق الرسمية إلى 47.5 وفقاً للآلية الجديدة، ما عده مراقبون تحريراً جزئياً للعملة السودانية، وهو ما أدى لارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية حتى أمس إلى 48.8 جنيه.
وقال رئيس اتحاد المصرفيين في السودان، إن بلاده حددت، اليوم الأحد، سعر الصرف عند 47.5 جنيه سوداني للدولار الأميركي، وذلك في اليوم الأول لبدء العمل بآلية جديدة للعملة وفي خفض حاد لقيمتها.
وبحسب رئيس الوزراء، الذي يشغل في الوقت ذاته منصب وزير المالية، فإن التحديات الاقتصادية التي تواجهها حكومته زادت معدلات التضخم، وأدت لفجوة كبيرة في سعر الجنيه السوداني بين السوقين الرسمية والموازية، وأحدثت تشوهات اقتصادية انعكست في عجز الموازنة وعلى حياة المواطنين.
وبحسب موسى، فإن الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد نجمت عن فقدان السودان لعائداته النفطية بعد انفصال جنوب السودان، وتداعيات العقوبات الاقتصادية الأميركية، وبقاء السودان في قائمة وزارة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وأعباء صناعة السلام في شرق البلاد، ومناطق النزاعات في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، فضلاً عن مشكلات الهجرة غير الشرعية ومكافحة تجارة السلاح وتهريب السلع الاستراتيجية، إضافة إلى شح الموارد المحلية.
وتعهد المسؤول البارز بإنفاذ خطة طموحة تهدف لتخفيف أعباء المعيشة، ومعالجة الاختلالات الاقتصادية، ضمن الزمن المتبقي من خطة العام الحالي، وخطة العام المالي 2019.
ويواجه السودان أزمة سيولة طاحنة تسببت في تكدس المواطنين في المصارف والبنوك، بيد أن موسى كشف عن إجراءات عاجلة قال إن حكومته ستتخذها لتوفير الاحتياجات النقدية، عن طريق إعادة تشغيل مطبعة العملة، وقرب وصول 4 شحنات من الأوراق النقدية المطبوعة خارج البلاد.
وتعهد موسى، في حديثه للبرلمانيين، باستمرار دعم أسعار المحروقات، واستمرار دعم السلع الرئيسية، وتحمل الحكومة لعبء الفرق بين الأسعار العالمية والمحلية.
من جهته، انتقد المعارض البارز رئيس حزب الأمة الصادق المهدي، الإجراءات التي اتخذتها الخرطوم، واعتبرها استسلاماً لـ«السوق الموازية»، وقال في نشرة دورية حصلت عليها «الشرق الأوسط» أمس، «بعد محاولات السيطرة الفاشلة ها هو النظام يستسلم للسوق الموازية للدولار، ويعين جماعة مأذونة للإعلان اليومي عن سعر صرف للدولار في محاولة لمسابقة السوق الموازية».
واعتبر المهدي ما اتخذته الحكومة «آلية تعويم مفلتر» للجنيه السوداني، وتابع: «التعويم لكي ينجح له استحقاقات، أهمها أن يكون للحكومة احتياطي من العملة لمساندة السوق، وأن تتمكن الحكومة من ضبط مصروفاتها لكيلا تسد العجز بطبع النقود، وأن يكون البنك المركزي مستقلاً حتى لا يصير آلية حكومية لطبع النقود، وأن تكون البنوك السودانية متعاملة مع البنوك العالمية لجذب مدخرات المغتربين».
وقطع المهدي بعدم توفر استحقاقات تحرير سعر الصرف للحكومة، وحذر مما سماه «طيران سعر الدولار» وارتفاع الأسعار كافة، مما قد يقود إليه من احتجاجات واسعة، ونوه إلى أن النظام استعد لتلك الاحتجاجات بمسلحين لترهيب المحتجين المحتملين.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.