البحرين: إصلاحات اقتصادية لتصحيح مسار النفقات والإيرادات الحكومية

إلغاء التقاعد لأعضاء الشورى والنواب والمجالس البلدية... وإقرار «القيمة المضافة»

البحرين: إصلاحات اقتصادية لتصحيح مسار النفقات والإيرادات الحكومية
TT

البحرين: إصلاحات اقتصادية لتصحيح مسار النفقات والإيرادات الحكومية

البحرين: إصلاحات اقتصادية لتصحيح مسار النفقات والإيرادات الحكومية

بدأت البحرين إصلاحات اقتصادية في أول يوم عمل بعد إقرار ثلاث دول خليجية تقديم برنامج دعم مالي للمنامة بقيمة 10 مليارات دولار، إذ ألغت قانون التقاعد لأعضاء السلطة التشريعية «النواب والشورى» إضافة إلى أعضاء المجالس البلدية.
كما تضمن الإجراء الثاني إقرار قانون ضريبة القيمة المضافة من أجل إصلاح الإيرادات الحكومية ودعم الخزينة العامة وتحقيق توازن بين المصروفات والإيرادات خلال السنوات الخمس المقبلة.
وكان ملك البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة دعا المجلسين يوم الجمعة الماضي للانعقاد لإقرار القوانين المستعجلة.
وفي خطوة استثنائية أقر مجلس النواب أمس في جلسة سرية عدداً من مراسيم القوانين المستعجلة، أبرزها إلغاء تقاعد أعضاء مجلسي النواب والشورى والمجالس البلدية، وإقرار قانون ضريبة القيمة المضافة، وقانون ثالث حول توفير الحماية للعسكريين البحرينيين المشاركين في مهمات خارجية.
ويعد قانونا ضريبة القيمة المضافة وإلغاء تقاعد أعضاء النواب والشورى والبلدية، من أبرز القوانين التي تتخذها البحرين، خصوصاً بعد إطلاق برنامج التوازن المالي الذي وقعته المنامة مع كل من الرياض وأبوظبي والكويت لتقديم 10 مليارات دولار يوم الخميس الماضي لتحقيق التوازن بين المصروفات والإيرادات الحكومية حتى عام 2022.
وسيكون برنامج التوازن المالي وهو البرنامج الخليجي الثاني منذ عام 2010 على شكل هيئة تمويلات وقروض ميسرة تستهدف تحقيق استقرار المالية العامة ومواصلة تحفيز نمو الاقتصاد البحريني.
وصوّت 27 نائباً مع إقرار قانون ضريبة القيمة المضافة والتعديلات على نظام التقاعد، في مقابل 9 أصوات رفضت ذلك.
وقال النائب علي العرادي، النائب الأول لرئيس مجلس النواب، إن هذه هي الجلسة غير الاعتيادية في الفصل التشريعي الرابع، مضيفاً أن عقد جلسة غير اعتيادية لا يتم إلا بناء على أمر ملكي.
وبهذا يقطع قانونا القيمة المضافة وإلغاء قانون التقاعد لأعضاء مجلسي النواب والشورى والمجالس البلدية شوطاً في الطريق لإقرارهما بشكل قانوني بعد اجتياز البرلمان.
يشار إلى أن القانونين أحيلا إلى مجلس الشورى، حيث سيعقد المجلس جلسة استثنائية اليوم لمناقشتهما والتصويت عليهما، تمهيداً لإحالتها إلى ملك البحرين لإقرارهما والعمل بهما.
وكان الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، أصدر الجمعة الماضي أمراً ملكياً بدعوة مجلس الشورى والنواب لدور انعقاد غير عادي اعتباراً من أمس (الأحد)، وذلك للنظر في بعض الأمور العالقة والتي ستدرج على جدول أعمال مجلسي الشورى والنواب لاتخاذ ما يلزم بشأنها، إضافة إلى عدد من مراسيم القوانين التي لها صفة الاستعجال والتي تتطلبها المرحلة المقبلة.
يذكر أن البحرين أطلقت برنامجاً حكومياً تحت مسمى «برنامج التوازن المالي» تضمن مجموعة من المبادرات لخفض المصروفات وزيادة الإيرادات الحكومية واستمرارية التنمية ومواصلة استقطاب الاستثمارات وتقليص المصروفات التشغيلية للحكومة، وتعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي، وزيادة كفاءة هيئة الكهرباء والماء لتحقيق التوازن بين إيراداتها ومصروفاتها، وتعزيز كفاءة وعدالة الدعم الحكومي المباشر لمستحقيه من المواطنين، إلى جانب تسهيل الإجراءات الحكومية وزيادة الإيرادات غير النفطية.
وكانت دول الخليج العربي أطلقت عام 2011 مشروعاً لدعم الاقتصاد البحريني أطلق عليه «مارشال الخليج» بنحو 10 مليارات دولار، تم توجيهه لترقية البنية التحتية للاقتصاد البحريني والخدمات من تعليم وصحة وغيرها.



ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة بتقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح. وقد يتجه المستثمرون إلى الأسواق الأوروبية الأقل تكلفة، ولكن من غير المرجح أن يجدوا كثيراً من الأمان عبر المحيط الأطلسي؛ إذ إن الانخفاض الكبير في الأسواق الأميركية من المحتمل أن يجر أوروبا إلى الانحدار أيضاً.

تُعتبر سوق الأسهم الأميركية مبالَغاً في قيمتها، وفقاً لجميع المقاييس تقريباً؛ حيث بلغ مؤشر السعر إلى الأرباح لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، على مدار 12 شهراً، 27.2 مرة، وهو قريب للغاية من ذروة فقاعة التكنولوجيا التي سجَّلت 29.9 مرة. كما أن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية قد بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث وصلت إلى 5.3 مرة، متجاوزة بذلك الذروة السابقة البالغة 5.2 مرة في بداية عام 2000، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من أن التقييمات المرتفعة كانت قائمة لفترة من الزمن؛ فإن ما يثير الانتباه الآن هو التفاؤل المفرط لدى مستثمري الأسهم الأميركية. تُظهِر بيانات تدفق الأموال الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي أن حيازات الأسهم تشكل الآن 36 في المائة من إجمالي الأصول المالية للأسر الأميركية، باستثناء العقارات، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة الـ31.6 في المائة التي تم تسجيلها في ربيع عام 2000. كما أظهر أحدث مسح شهري لثقة المستهلك من مؤسسة «كونفرنس بورد» أن نسبة الأسر الأميركية المتفائلة بشأن أسواق الأسهم قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 37 عاماً، منذ بدء إجراء المسح.

وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن القلق المتزايد بين المستثمرين المحترفين بشأن احتمال التصحيح في «وول ستريت» ليس مفاجئاً.

لا مكان للاختباء

قد يتطلع المستثمرون الراغبون في تنويع محافظ عملائهم إلى الأسواق الأرخص في أوروبا. ويتداول مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي حالياً عند خصم 47 في المائة عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند قياسه بنسب السعر إلى الأرباح، وبخصم 61 في المائة، بناءً على نسب السعر إلى القيمة الدفترية. وقد أشار بعض مديري صناديق الأسهم الأوروبية إلى أنهم يترقبون، بفارغ الصبر، انخفاض أسواق الأسهم الأميركية، معتقدين أن ذلك سيؤدي إلى تدفقات استثمارية نحو صناديقهم.

ولكن يجب على هؤلاء المديرين أن يتحلوا بالحذر فيما يتمنون؛ فعندما تشهد الأسهم الأميركية انخفاضاً كبيراً، يميل المستثمرون الأميركيون إلى سحب الأموال من الأسهم، وتحويلها إلى أصول أكثر أماناً، وغالباً ما يقللون من تعرضهم للأسواق الأجنبية أيضاً.

وعلى مدار الـ40 عاماً الماضية، في فترات تراجع الأسهم الأميركية، شهدت أسواق الأسهم الأوروبية زيادة في سحوبات الأموال من قبل المستثمرين الأميركيين بنسبة 25 في المائة في المتوسط مقارنة بالأشهر الـ12 التي سبقت تلك الانخفاضات. ومن المحتمَل أن يكون هذا نتيجة لزيادة التحيز المحلي في فترات الركود؛ حيث يميل العديد من المستثمرين الأميركيين إلى اعتبار الأسهم الأجنبية أكثر خطورة من أسواقهم المحلية.

ولن تشكل هذه السحوبات مشكلة كبيرة؛ إذا كان المستثمرون الأميركيون يمثلون نسبة صغيرة من السوق الأوروبية، ولكن الواقع يشير إلى أن هذا لم يعد هو الحال. ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية، فقد زادت حصة الولايات المتحدة في الأسهم الأوروبية من نحو 20 في المائة في عام 2012 إلى نحو 30 في المائة في عام 2023. كما ارتفعت ملكية الولايات المتحدة في الأسهم البريطانية من 25 في المائة إلى 33 في المائة خلال الفترة ذاتها.

ويعني الوجود المتزايد للمستثمرين الأميركيين في الأسواق الأوروبية أن الأميركيين أصبحوا يشكلون العامل الحاسم في أسواق الأسهم الأوروبية، وبالتالي، فإن حجم التدفقات الخارجة المحتملة من المستثمرين الأميركيين أصبح كبيراً إلى درجة أن التقلبات المقابلة في محافظ المستثمرين الأوروبيين لم تعد قادرة على تعويضها.

وبالنظر إلى البيانات التاريخية منذ عام 1980، عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في جمع بيانات التدفقات، إذا استبعد المستثمر الأميركي والأوروبي، يُلاحظ أنه عندما تنخفض السوق الأميركية، تزيد التدفقات الخارجة من سوق الأسهم الأوروبية بمعدل 34 في المائة مقارنة بالشهرين الـ12 اللذين سبقا تلك الانخفاضات.

على سبيل المثال، بين عامي 2000 و2003، انخفضت أسواق الأسهم الأوروبية بنسبة 50 في المائة بينما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 46 في المائة، وكان ذلك نتيجة رئيسية لسحب المستثمرين الأميركيين لأموالهم من جميع أسواق الأسهم، سواء أكانت متأثرة بفقاعة التكنولوجيا أم لا.

وفي عام 2024، يمتلك المستثمرون الأميركيون حصة أكبر في السوق الأوروبية مقارنة بما كانت عليه قبل 10 سنوات، ناهيك من عام 2000. وبالتالي، فإن تأثير أي انحدار في السوق الأميركية على الأسواق الأوروبية سيكون أكثر حدة اليوم.

في هذا السياق، يبدو أن المثل القائل: «عندما تعطس الولايات المتحدة، يصاب بقية العالم بنزلة برد»، أكثر دقة من أي وقت مضى في أسواق الأسهم.