روائيات سعوديات يدرن بين ندب الذات وشيطنة الرجل

بعض النتاجات لا تزال محكومة بنمطها البكائي

روائيات سعوديات يدرن بين ندب الذات وشيطنة الرجل
TT

روائيات سعوديات يدرن بين ندب الذات وشيطنة الرجل

روائيات سعوديات يدرن بين ندب الذات وشيطنة الرجل

لا يفضي الحديث عن الروائية السعودية إلا إلى جدل سواء بدءاً بسقف حريتها أو الفضاء الذي تختار فيه سردها وانتهاءً بمتانة النص والحبكة الروائية. وبالطبع، تظل هناك أعمال روائية «أنثوية» ترزح تحت عبء الهموم النسوية وتوظيف هذه الأعمال من أجل إيصال صوت المرأة، بما هو أشبه بفضاء للتنفيس عن المكبوت من أفكار.
ابتدأ المشوار الكتابي للسعوديات بالكتابة والتخفي وراء اسم مستعار على نسق سميرة خاشقجي أو «سميرة بنت الجزيرة العربية» بروايتها في عام 1958 «ودّعت آمالي»، ووصولاً إلى أعمال نُشرت العام الحالي مثل رواية «الصابئة» للسعودية حنان القعود، عن مركز الأدب العربي، التي تتناول فيها ما تعرفّهم بـ«الصابئين»، وهم الخارجون عن ملة القبيلة نتيجة وقوعهم في الحب. فحتى الحب الذي تقع فيه المرأة، هو «جرم» بالنسبة إلى الأعراف والتقاليد، مثلما حدث مع الشخصية المحورية «نجلاء» وفقدانها ذاكرتها نتيجة أحكام مجتمعها الصارم الذي أجهض غرامها بـ«يوسف» غير المتكافئ معها من حيث النسب. وهنا يظهر استمرار الأعمال الروائية في تجريمها الرجل وشيطنته، ومحاكمة مجتمع جائر وقعت المرأة ضحيته. «كنت أظن أن الرجال مهما بلغت طيبتهم، الدفء لا يعرف إلى قلوبهم طريقاً». والرجل إما متجبراً وإما اتكالياً عبثياً «حتى خالي لافي الأنموذج الطيب للرجال في نظري لطالما كرهت فيه اتكاليته وممارسته دور الطفل المدلل لدى جدتي»... وينهمر سيل الاتهامات الملقاة على عاتق الرجل: «كلكم تشبهون بعضكم، كدت أصدق أن هناك رجلاً على وجه الأرض به ذرة من الحياء».
يظهر لدى عدد من الأعمال الأدبية لروائيات سعوديات الوقوع في ذات الهوّة التي تهافت عليها عدد من الروائيات، بمعنى اختيار النمط البكائي في استعراض الأحداث وندب الحال الذي تعيشه الشخصية المحورية، كما في أعمال روائيات ظهرن في حقبة زمانية ما بين الستينات والسبعينات، تعكس تأزم المرأة اجتماعياً مثل أعمال قماشة العليان، التي تعكس حتى عناوينها ذلك النسق، مثل «بكاء تحت المطر» و«عيون قذرة» و«دموع في ليلة زفاف»، إلا أن ذات المشاهد والأجواء ممكن ملاحظتها في روايات الجيل التالي، فهي تحمل ذات الاتهامات للرجل «الغارق في العصبية القبلية أو الدينية، والمتسبب بألم أو ضياع أحلام المرأة»، كما في رواية «ملامح» لزينب حفني، حيث تتساءل البطلة «ثريا» بعد عامين فقط من زواجها من «حسين»: «هل أنا سعيدة؟ هل هذه الحياة التي كنت أحلم بها؟»، فيما يتكرر دور الأم مراراً كرمز لـ«صوت العقل التقليدي»: «يا بنتي زوجك رجل طيب، يضحّي بالكثير لإسعادك أنت وولدك». هنا تظهر المرأة في المجتمعات الذكورية باعتبارها عدوة للمرأة، تؤيد بقوة، قد تفوق تجبر الرجل، التقاليد والعادات. ينطبق ذلك أيضاً على رواية «هند والعسكر» لبدرية البشر، حيث تعيش الشخصيات الأنثوية حبيسة حاضرها، بالإضافة إلى تعرضها للاعتداء والتعسف والضرب، بينما تجسد الأم النسيج الاجتماعي المتشدد الذي يحاكم الأفكار التي تغرّد خارج السرب التقليدي. «لكن أمي تقول: إن البنات سترهن إما الزواج وإما القبر». وظهرت المرأة أيضاً في رواية بدرية البشر الأخيرة «زائرات الخميس»، ضحية التسلط الذكوري إثر الزواج المبكر. أما في رواية «الفردوس اليباب» لليلى الجهني، فنشهد فيها محاكمة شخصية «صبا» التي عانت من مجتمع ذكوري موجع في حدته. وفي رواية ليلى الجهني اللاحقة «جاهلية» تقع «لين» ضحية عشقها لـ«مالك»، بسبب الفروقات العرقية بينهما. رواية «وجهة البوصلة» لنورة الغامدي من جهتها جسدت شخصية «فضة» باعتبارها رمزاً للمرأة الضحية. «فضة كأنك تقولين: كلهم متشابهون... كلهم يسمعون ولا يعون، كلهم رجال شرقيون...».
مقابل ذلك، ظهرت روائيات سعوديات حملن هموماً مغايرة، على نسق رجاء عالم الفائزة بجائزة البوكر العربية عن روايتها «طوق الحمام» في عام 2011، والتي وثّقت البيئة المكية أو الحجازية بشكلٍ عام بسردية سحرية تستلهم الماضي. فيما كرّست أميمة الخميس نفسها كصوتٍ نسوي يكشف عن عوالم البيوت النجدية في زمن غابر وقعت فيه المرأة ضحية التعسف والتقليد مثل «البحريات» و«الوارفة»، وإن ابتعدت في عملها الأخير «مسرى الغرانيق في مدن العقيق» عن النسق الاجتماعي بثيمة تاريخية مغايرة. وعلى الرغم من أن الروائية السعودية انشغلت بهم الحديث عن المجتمع وتجليات المرأة ومعاناتها من التعسف الذي مرت به، فإن تطرقها إلى حكايات الحب لا تزال مبتورة إلى حدٍّ ما أشبه بإسقاطات لأحداث مفتعلة وغير انسيابية.
وقد تكون أعمال أثير النشمي أقرب لثيمة الأعمال الروائية العاطفية مثل «أحببتك أكثر مما ينبغي» و«عتمة الذاكرة». فيما ظهرت أعمال أخرى حملت هموماً مغايرة مثل «الآخرون» لصبا الحرز كصوت ثائر على المجتمع، مغاير لعاداته بتمرّد مفرط. وكما بدأ بعض الروائيات السعوديات النشر باسم مستعار، وتطور الأمر إلى نضج واضح في الطرح والمعالجة الفنية، فلا بد أن التطورات الاجتماعية، ستنعكس إيجابياً على نتاج الروائيات، فنقرأ أعمالاً أدبية بسرد أقل بكائية وأكثر اتزاناً ونضجاً.



ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
TT

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ازدهرت ألحان وألوان من الموسيقى السعودية على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، وشارك 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، في رسم لوحة جمالية، جمعت التراث بالثقافة وعذوبة المفردة الموسيقية السعودية.

وعزفت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، أجمل الألحان الموسيقية في ليلة استثنائية كان الإبداع عنوانها، وقدمت التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام وحضور جماهيري كبير.

‏وبدأت الليلة السعودية في اليابان، بجمالية الاستقبال بالقهوة السعودية لجمهور حفل روائع الأوركسترا السعودية في طوكيو، قبل أن ينطلق العرض الموسيقي الذي افتتحه باول باسيفيكو الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى بالسعودية، وقال في كلمته خلال الحفل، إن النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازياً ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي شاركوا في الليلة الختامية (واس)

وعدّ باسيفيكو «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي، وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيراً إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وبدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية - بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم. وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفل بأداء مُتناغم لـ«ميدلي الإنمي» باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

حضور جماهيري كبير شهدته ليلة "روائع الأوركسترا السعودية" على مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" (واس)

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين، اختتم الحفل بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي، وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

واختتمت هيئة الموسيقى «روائع الأوركسترا السعودية» الجمعة، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، في جولتها الخامسة بعد النجاحات التي حققتها في 4 محطات سابقة، حيث تألقت في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح «سنترال هول وستمنستر».

اروقة مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" اكتضت بالحضور منذ وقت مبكر (هيئة الموسيقى)

وتعتزم هيئة الموسيقى في السعودية استمرار تقديم عروض حفلات «روائع الأوركسترا السعودية» في عدة محطات، بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزاً للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.