دعم الكتل السياسية لعبد المهدي «مؤقت»

TT

دعم الكتل السياسية لعبد المهدي «مؤقت»

سارعت القيادات الشيعية البارزة في العراق إلى تقديم دعمها لرئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي، بعدما كانت تخوض صراعاً حاداً في ما بينها على شغل المنصب، غير أن مصدراً قريباً من أجواء مفاوضات تشكيل الحكومة قال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الدعم «مؤقت»، وسينتهي بإعلان التشكيل.
وأشار المصدر إلى أن هذه الكتل «لم تستطع حجب تأييدها لعبد المهدي، كون الثابت أنه يحظى بتأييد المرجعية الدينية في النجف، غير الراضية عن أداء الطبقة السياسية»، وقال إن «الكتل، والشيعية منها خصوصاً، تخشى من أنها في حال أعلنت موقفاً مغايراً لما بات يحظى به عبد المهدي من دعم كبير من مختلف الأوسط الشعبية والسياسية، فضلاً عن المحيطين الإقليمي والدولي، ستكون في موقع المناوئ لما تريده المرجعية الدينية، وهو ما يجعلها تخسر جمهورها، خصوصاً أنها عانت من مسألة انحسار التأييد الجماهيري خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة».
وأوضح أن «عبد المهدي يدرك طبيعة ما يحظى به من تأييد، لكنه يدرك أيضاً أن الكتل السياسية، وبعد أن تستوعب صدمة عدم ترشيح أي شخصية من كتلها الفائزة، والذهاب إلى مرشح تسوية، ستضع العراقيل أمامه داخل البرلمان، مما يجعله يضع هذا الأمر في الاعتبار، بما في ذلك بعض شروط الكتل السياسية على صعيد ترشيح الوزراء».
ولم تحسم الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العراق أمرها، على صعيد آلية المشاركة في الحكومة التي ينوي مرشح التسوية المستقل عادل عبد المهدي تشكيلها. وفي حين طالب زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، الداعم الرئيسي لتحالف «سائرون»، بخروج الحقائب الأمنية الحساسة (الدفاع والداخلية والأمن الوطني) من المحاصصة، ومنح عبد المهدي حرية اختيار وزرائها، فإن «كتلة المحور الوطني» طالبته إما بإلغاء قيادة عمليات بغداد والإبقاء على وزارتي الدفاع والداخلية، أو العكس.
ودعت «جبهة الحوار الوطني»، التي يتزعمها صالح المطلك، إلى منح رئيس الوزراء حرية اختيار المهنيين المستقلين للوزارات الأمنية والسيادية. وقالت الجبهة في بيان لها أمس إنه «في ظل الحراك السياسي حول تشكيل الحكومة، عادت الجهات التي تتعامل وفق مبدأ المقايضة للنشاط من جديد، فيما ظهرت بقوة أصوات وطنية خالصة لمجابهتها، والحد من طمعها».
وأضافت أنها «ترفض الضغوط الهادفة لاستحواذ الأحزاب والفصائل على الوزارات الأمنية والسيادية»، معتبرة أنه «يجب منح رئيس الوزراء حرية اختيار المهنيين المستقلين من أصحاب الكفاءة من أجل تحقيق الأمن الوطني، وتعزيز ثقة المواطنين بقواتهم المسلحة»، وطالبت بـ«استكمال البناء المؤسسي للدولة، وإنهاء التكليف بالوكالة»، مشيرة إلى أن «العراق أكبر من الجميع، وأسلوب توزيع المناصب وفق مبدأ (هات وخذ) مرفوض، جملة وتفصيلاً، ويتقاطع مع منهج الإصلاح الذي ينتظره الشعب العراقي بفارغ الصبر».
وقال عضو البرلمان العراقي محمد الكربولي لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مسألة لا بد من أخذها بعين الاعتبار من قبل رئيس الوزراء الجديد، وهي الازدواجية في عمل المؤسسات الأمنية، لا سيما بين ما يسمى قيادة العمليات المشتركة في بغداد والمحافظات ووزارتي الدفاع والداخلية».
وأضاف أن «هذه الازدواجية أثرت كثيراً على عمل وزارتي الدفاع والداخلية، سواء لجهة تداخل الصلاحيات أو تحديد المهام أو سياقات التحرك، وبالتالي فإننا نرى أنه بات من الضروري إلغاء قيادة العمليات، وتمكين عمل وزارتي الدفاع والداخلية، وفقاً لصلاحيات كل وزارة واختصاصاتها».
إلى ذلك، أكد الرئيس العراقي برهم صالح، خلال استقباله أمس وفد كتلة «سائرون»، أن «المرحلة المقبلة ستشهد انطلاقة جديدة وفعلية للبلاد باتجاه الخروج من مرحلة الإحباط، والفشل في بناء مؤسسات الدولة الحديثة التي تحمل الشعب العراقي الصبر والتضحيات الغالية من أجل رؤيتها تتحقق كواقع ملموس»، وشدد على «أهمية التعاون الشامل، والتنسيق العالي، والاحترام المتبادل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.