مساعٍ لبنانية لبلورة حل يعيد نازحي القصير إلى ديارهم

قوات «حزب الله» ستتموضع... وجهد للتوصل إلى مصالحة عشائرية

TT

مساعٍ لبنانية لبلورة حل يعيد نازحي القصير إلى ديارهم

تعمل السلطات اللبنانية على بلورة حل لإعادة النازحين السوريين من منطقة القصير بريف حمص الجنوبي، عبر العمل على مصالحة عشائرية تتيح عودة 40 ألف نازح من شمال لبنان إلى تلك المنطقة، ويتولى هذه الجهود المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، وسط معلومات عن تنسيق بين النظام السوري و«حزب الله» لإعادة تموضع قواته في المنطقة، ما يتيح عودة النازحين.
ويمثل النازحون من القصير وريف حمص الغربي والجنوبي إلى لبنان، الملف الأكثر تعقيداً بالنظر إلى عددهم، والتعقيدات التي تحيط بعودتهم. ويقول هؤلاء إن وجود «حزب الله» العسكري في المنطقة يحول دون عودتهم، بينما يقول آخرون إن تعقيدات مرتبطة بصراعات عشائرية جراء الحرب، تمثل عراقيل إضافية تمنع عودة البعض الآخر، وهما ملفان يجري العمل على حلهما بما يتيح لنازحي القصير وريفها بالعودة إلى ديارهم.
على خط «حزب الله»، كشف اللواء عباس إبراهيم أمس، أن وجود عناصر الحزب في المنطقة «هو قيد المتابعة»، مشيراً في حديث تلفزيوني إلى أن هذا الملف «له معالجة، والسلطات السورية تتابع الموضوع مع الحزب»، وسط تقديرات بأن يكون الحزب سينفذ «إعادة تموضع» في مناطق وجوده في المنطقة، كما قال إبراهيم.
وشكل وجود «حزب الله» العسكري في القصير عقدة أمام عودة النازحين، لطالما عبر عنها وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، بالإشارة إلى أن النازحين من تلك المنطقة الذين يرغبون في العودة، يراجعونه ويؤكدون أن وجود الحزب العسكري في المنطقة يحول دون ذلك، ودعا الحزب للانسحاب من تلك المناطق بهدف إعادة النازحين.
ودفع تنامي الملف، الأمين العام للحزب حسن نصر الله للقول أخيراً إن حزبه يدعم تفعيل العودة إلى كل المناطق السورية «حتى منطقتي القلمون والقصير»، وهي مناطق يوجد فيها الحزب، وتعد حيوية بالنسبة له.
ويتراوح عدد النازحين من القصير وريفها بنحو 80 ألف نازح إلى الأراضي اللبنانية، يتركزون في منطقة عكار في الشمال، وفي بلدة عرسال في شرق لبنان. ويقدر عدد النازحين الذين تعرقل الصراعات العشارية عودتهم، نحو 40 ألفاً، ما دفع السلطات اللبنانية للعمل على حل هذه المعضلة.
ودخل اللواء عباس إبراهيم على خط محاولة إيجاد مصالحة عشارية بهدف تأمين العودة الآمنة لهم بطلب من «التيار الوطني الحر» الذي رصد هذه المشكلة وأثار التواصل مع عشائر ووجهاء من النازحين من المنطقة إلى وادي خالد وجبل أكروم في شمال لبنان. وقال منسق اللجنة المركزية لعودة النازحين في «التيار الوطني الحر» نقولا الشدراوي لـ«الشرق الأوسط»، إن إحدى العشائر أبدت رغبتها في العودة، لكنها طالبت بالتوصل إلى مصالحة مع آخرين في القصير بسبب مشكلات وثارات على خلفية المعارك خلال الأزمة السورية، لافتاً إلى أن اللواء إبراهيم وعد بحل الموضوع بشكل جدي بعد زيارة له شارك فيها وفد يمثل العشائر النازحة. وقال: «بدأت الأمور على الأرض تتيسر، وقريباً ستتم المصالحات».
وأوضح الشدراوي أن دمشق «دخلت على خط تسهيل عودتهم، حيث طلبت من الموجودين بمناطق قرى ريف القصير إخلائها»، في إشارة إلى مناطق يسكنها نازحون من مناطق أخرى. وأشار إلى أن الملف «يعمل على حله بشكل تدريجي»، مشدداً على أنه «لا يهمنا استفزاز أحد، هدفنا التوصل إلى مصالحة وإعادة النازحين طوعياً».
وقال الشدراوي إن أهالي القصير حين يعودون إلى ديارهم، «سيفتح ذلك عودة الآلاف من ريف حمص الجنوبي والغربي إلى ديارهم»، لافتاً إلى أن المصالحة «هي المرحلة الأولى». وقال: «ستكون المصالحة أكبر الإنجازات التي نحققها لإعادة آلاف النازحين، فقد بدأنا بالعمل منذ 3 أشهر، وحققنا أشياء كثيرة، وسنحقق ما يخفف العبء على البنى التحتية اللبنانية وإيجاد فرص عمل للشباب اللبناني».
وكان اللواء عباس إبراهيم قال في مقابلة تلفزيونية مع قناة «إل بي سي» إن دمشق تعمل على إصدار عفو عام في المستقبل القريب أو المتوسط يشمل كل السوريين الذين يرغبون في العودة إلى سوريا، مضيفاً: «إننا نراهن على هذا الموضوع لإعادة جميع السوريين»، معتبراً أن التوجه بهذه النقطة إيجابي جداً. ولفت إلى أن الملفات المرتبطة بالقضاء اللبناني خارج هذا النطاق.
وقال إن أكثر من 50 ألف نازح عادوا طوعياً إلى سوريا، وإن الاختلاف بالرأي السياسي لم يعطل مسيرة عودة النازحين، وهي عملية مستمرة. وقال إن السوريين استفادوا من قرار العفو عن الغرامات، ما أتاح عودة هذا الرقم من النازحين. وتوقع أن يعود الخائفون من اقتيادهم إلى التجنيد الإجباري، بعد نهاية معركة إدلب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».