محامي سيف الإسلام: يجب إطلاق رموز نظام القذافي بـ«عفو عام»

أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الإبقاء على الساعدي في سجون طرابلس جاء لأسباب سياسية

محامي سيف الإسلام القذافي خالد الزائدي
محامي سيف الإسلام القذافي خالد الزائدي
TT

محامي سيف الإسلام: يجب إطلاق رموز نظام القذافي بـ«عفو عام»

محامي سيف الإسلام القذافي خالد الزائدي
محامي سيف الإسلام القذافي خالد الزائدي

دعا خالد الزائدي، محامي سيف الإسلام نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، إلى «تفعيل قانون (العفو العام) لإطلاق جميع المحكوم عليهم والمعتقلين والموقوفين»، من رموز النظام السابق، مشيراً إلى أن «المصالحة الوطنية، والتهدئة الاجتماعية في البلاد لا تتحققان إلا بإحداث التوازن القانوني».
وقال الزائدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن المحاكمات التي أجريت عقب انتفاضة 17 فبراير (شباط) 2011 «تمت على أساس سياسي وبقانون المنتصر في الحرب، ولم تتم وفق قاعدة قانونية معتبرة، وهذا ما أحدث فجوة بين فئات الشعب الليبي».
وجاءت تصريحات الزائدي عقب دعوة أطلقها مصطفى الزائدي، أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية وأحد رموز نظام القذافي، أول من أمس، «للإفراج الفوري وغير المشروط على كل المعتقلين (ظلماً وعدواناً) من رموز نظام القذافي، من قبل ميليشيات جهوية وآيديولوجية»، وذلك كشرط «لإخراج ليبيا من محنتها، وتجاوز أزمتها»، حسب تعبيره. لكن الدكتور عمر غيث قرميل، عضو مجلس النواب، استبعد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن يكون لهؤلاء المسجونين «أي وزن في إجراء المصالحة الوطنية».
وكان مجلس النواب الليبي في مدينة طبرق (شرق) قد أقرّ قانون العفو العام نهاية يوليو (تموز) 2015، وهو القانون الذي ينص في مادته الأولى على «العفو العام» عن الجرائم المرتكبة خلال الفترة الممتدة من الخامس من فبراير 2011، وحتى صدور هذا القانون، وانقضاء الدعوى الجنائية بشأنها، وإسقاط العقوبات المحكوم بها والآثار الجنائية المترتبة عليها، ومحوها من سجلِّ السوابق الجنائية للمشمول بالعفو، متى انطبقت عليه الشروط المحددة.
كما يشترط القانون على المشمولين بالعفو العام التعهد كتابياً بالتوبة، وعدم العودة للإجرام، وردّ المال في جرائم الأموال، بينما لا تسري أحكام هذا القانون على جرائم الإرهاب وجلب المخدرات، والمواقعة وهتك العرض بالقوة، والقتل على الهوية، والخطف والإخفاء قسراً، والتعذيب وجرائم الحدود متى رُفِعت إلى القضاء، وجرائم الفساد.
كما طالب محامي سيف القذافي بضرورة «تعطيل قانون العقوبات لفترة زمنية لحين انتقال البلاد من مرحلة الحرب الأهلية والانقسام إلى التهدئة»، وقال بهذا الخصوص: «اليوم يجب على كل القائمين في البلاد، سواء مكتب النائب العام أو ما يُسمى بحكومة (الوفاق الوطني)، الإفراج عن هؤلاء السجناء».
وتابع متسائلاً: «لماذا لم يتم تقديم الميلشيات المسلحة للمحاكمات، رغم كل ما يحدث من تجاوزات؟ يجب ألا يُطبق قانون العقوبات على فئة دون أخرى... ويجب تعطيل قانون العقوبات لفترة بغية تحقيق التهدئة الاجتماعية، فضلاً عن التوازن القانوني المطلوب، طالما أنه يطبق على الطرف الضعيف دون سواه، وهو ما يمثل اختلالاً في القاعدة القانونية التي روجها العدل والمساواة».
وتطرق الزائدي إلى قضية الساعدي القذافي، المسجون في طرابلس، الذي برأته محكمة طرابلس في أبريل (نيسان) الماضي من قتل بشير الرياني، لاعب ومدرب فريق الاتحاد، وقال متسائلاً: «لماذا لم يطلق سراح الساعدي رغم حصوله على حكم بالبراءة؟»، قبل أن يجيب عن سؤاله بالقول: «لأن هناك أهدافاً سياسية من البعض، تستهدف الإبقاء عليه في السجن».
وانتهى محامي سيف الإسلام القذافي قائلاً: «يجب أن تكون هناك نظرة أشمل من القائمين على البلاد، تعم الجميع بالعدل، مما يحفظ للسلطة القضائية هيبتها».
وكانت محكمة استئناف طرابلس قد أصدرت في يوليو 2015 أحكاماً بحق 37 شخصاً من رموز نظام القذافي، تراوحت بين الإعدام والمؤبد، والسجن من 5 إلى 12 عاماً. وسبق أن تحدثت مصادر أمنية في ليبيا في يونيو (حزيران) الماضي عن قرب الإفراج عن 10 من السجناء السياسيين، بينهم مسؤولون بارزون في نظام القذافي، وذلك بالتنسيق مع مكتب النائب العام، من بينهم رئيس جهاز الأمن الخارجي في نظام القذافي أبو زيد دوردة. لكن شيئاً من هذا لم يحدث حتى الآن.
في السياق ذاته، دعا مصطفى الزائدي إلى إطلاق حملة وطنية ودولية للمطالبة بالإفراج الفوري عن رموز نظام القذافي، ومنهم دوردة، وعبد الله السنوسي، والبغدادي المحمودي، وأحمد إبراهيم ومنصور ضوء، ورأى أنهم «عنصر مهم في إطلاق المصالحة الشاملة، وعامل رئيس في إعادة اللحمة الوطنية وتحقيق الاستقرار».
وأضاف أمين اللجنة التنفيذية في البيان، الذي نشره عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أول من أمس، أنه «لا وجه قانونياً أو سياسياً لاعتقالهم»، داعياً الهيئات القضائية إلى «تبني هذه الدعوة ليكون القضاء الليبي دائما ميزانا للحق والعدل، وأداة لرفض الظلم ورد المظالم». كما وجه الزائدي حديثه أيضاً إلى «الشباب الذين زُج بهم في الميليشيات فصاروا سجانين، يخدمون بقصد أو من دونه أجندات أعداء الوطن»، وقال إن أمامهم «فرصة ثمينة لقلب المعادلة وإعادة الأمر إلى نصابه».
في المقابل، قال الدكتور عمر غيث قرميل، عضو مجلس النواب عن مدينة الزنتان، إن رموز النظام السابق المسجونين «هم من ساعدوا القذافي خلال أربعين عاماً على امتصاص دماء الليبيين وقمعهم... هم أذرعه في البطش بالمواطنين، والزج بالأبرياء في غياهب السجون»، مضيفاً: «نحن ندعو دائماً إلى توفير محاكمة عادلة لجميع السجناء ومعاملتهم معاملة حسنة، وتمتيعهم بجميع حقوقهم القانونية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.