تفجيران في تكريت والفلوجة وسط حراك تشكيل الحكومة العراقية

الصدر يطالب رئيس الوزراء المكلف بإبقاء وزارتي الدفاع والداخلية بيده

TT

تفجيران في تكريت والفلوجة وسط حراك تشكيل الحكومة العراقية

بعد فترة هدوء نسبي، ومع بدء أولى خطوات تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، وقع تفجيران أمس في قضاء الفلوجة بمحافظة الأنبار، وفي منطقة الصينية بمحافظة صلاح الدين، أوقعا أكثر من 30 قتيلاً وجريحاً، حسب الإحصائيات الرسمية الحكومية.
وقالت الشرطة العراقية إن شخصاً على الأقل قتل، وأصيب 14، عندما انفجرت عبوة ناسفة بدائية الصنع في حافلة تقل عمالاً عند مصفاة نفطية صغيرة بشمال البلاد. وأضافت الشرطة في بيجي أن الحافلة كانت عند مصفاة الصينية، أكبر مصفاة عراقية للنفط، عندما انفجرت، حسبما أفادت وكالة «رويترز».
من ناحية ثانية، قال بيان لمركز الإعلام الأمني أمس إن اعتداءً إرهابياً بسيارة مفخخة كانت مركونة في حي نزال بمدينة الفلوجة أسفر عن إصابة منتسبين اثنين من الشرطة، وإصابة 3 مدنيين. وفي محافظة نينوى، أعلن مصدر أمني في غرفة عمليات قيادة شرطة نينوى عن مقتل 3 مدنيين، واختطاف آخر، بهجوم شنه تنظيم داعش على قرية السعدية في قضاء الحضر، جنوب الموصل.
وبالتزامن مع هذه التفجيرات والهجمات، أعلنت هيئة «الحشد الشعبي» في الأنبار عن انطلاق عملية أمنية واسعة لتأمين الصحراء الغربية في محافظة الأنبار.وقال معاون قائد عمليات «الحشد الشعبي» لمحور غرب الأنبار، أحمد نصر الله، في بيان إن «قوة مشتركة من قيادة عمليات (الحشد الشعبي) لمحور غرب الأنبار، واللواء 13، والاستخبارات العسكرية، والجهد الهندسي، شرعوا بعملية أمنية احترازية استهدفت منطقة السرجة في صحراء الأنبار الغربية، مروراً بمنطقة أم تينة ومقالع إبراهيم ومنطقة الخرجة».
وأضاف نصر الله أن «قوات (الحشد الشعبي) تواصل عملياتها الأمنية في عمق الصحراء الغربية لتأمين معظم مناطق المحافظة من العمليات الإرهابية»، مشيراً إلى أن «العملية تهدف لتمشيط تلك المناطق، وتأمينها من فلول (داعش)، كونها تقع في بيئة جغرافية صحراوية بعيدة عن الوجود الأمني».
من جهته، دعا النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي، حسن الكعبي، إلى «الإسراع في معالجة الخلل الموجود في المنظومة الأمنية العراقية»، وقال في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إنه «من الضروري التحرك العاجل، وعدم التهاون مع الخلايا الإرهابية النائمة المتربصة بالبلاد لإعادتها إلى مسلسل العنف والفوضى والدمار».
وأضاف الكعبي أنه «يتعين على الأجهزة الأمنية كلها توحيد جهودها بوجه المحاولات الإرهابية التي تستهدف البلاد، لا سيما المناطق المحررة من الإرهاب، وتفويت الفرصة على أعداء العراق»، مؤكداً «أهمية أخذ الحيطة والحذر لعدم تكرار مثل هذه الهجمات مستقبلاً».
بدوره، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار، محمد الكربولي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بات مهماً جداً الحفاظ على أمن واستقرار محافظة الأنبار بشكل عام، وقضاء الفلوجة على وجه الخصوص، وذلك عبر التعاون وتكثيف الجهود لتفويت الفرصة على قوى الإرهاب التي تهدف لزعزعة الاستقرار».
وأضاف الكربولي أنه «من الأهمية بمكان أن تلعب الأجهزة الأمنية والاستخبارية دوراً فاعلاً في مكافحة وتطهير الخلايا النائمة للإرهاب في محافظة الأنبار ومدنها، بما يحافظ على استقرارها، ويزيل معوقات ومعرقلات مشاريع البناء والتنمية والاستثمار في المحافظة».
من ناحية ثانية، يواصل رئيسا الجمهورية برهم صالح، والوزراء المكلف عادل عبد المهدي، مشاوراتهما مع القوى السياسية المختلفة من أجل تسهيل مهمة تشكيل الحكومة المقبلة، ونيلها الثقة. وأجرى صالح أمس لقاءات منفردة مع زعيم «عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، ورئيس البرلمان السابق سليم الجبوري، تركزت حول أهمية تذليل العقبات التي تعترض مهمة رئيس الوزراء المكلف.
إلى ذلك، طالب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، رئيس الوزراء المكلف بأن يبقي وزارتي الدفاع والداخلية وكل المناصب الأمنية الحساسة بيده حصراً. وقال الصدر، في تغريدة على «تويتر»: «على رئيس الوزراء أن يبقي وزارتي الدفاع والداخلية، بل كل المناصب الأمنية الحساسة، بيده حصراً، ولا يحق لأي حزب أو كتلة ترشيح أحد لها، فجيش العراق وشرطته وقواته الأمنية يجب أن يكون ولاؤهم للوطن حصراً».
وأضاف الصدر: «إننا إذ منعنا الترشيح للوزارات، إنما لأجل أن تكون بيد رئيس الوزراء، وليس هبة للكتل والأحزاب، أو أن تكون عرضة للمحاصصة، بل لا بد أن تكون بيد التكنوقراط المستقل، وإلا كان لنا موقف آخر».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.