التصعيد الإسرائيلي في الجنوب يرافق استعداد لبنان للتنقيب عن النفط

TT

التصعيد الإسرائيلي في الجنوب يرافق استعداد لبنان للتنقيب عن النفط

يواكب التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان، الاستعدادات اللبنانية لإطلاق أعمال التنقيب عن الغاز والنفط مطلع العام المقبل، بموازاة استعدادات إسرائيلية مشابهة في حقل كرديش للغاز المحاذي للحدود البحرية اللبنانية، وهو ما يُنظر إليه على أنه محاولة إسرائيلية لدفع الشركات الساعية للتنقيب في المياه الاقتصادية اللبنانية للإحجام عن الخطوة.
ويمثل قطاع النفط والغاز، واحداً من «الملفات المفتوحة» بين لبنان وإسرائيل، يُضاف إلى ملف النزاع الحدودي البري والبحري، والصراع على المياه، إلى جانب الانتهاكات الإسرائيلية اليومية للسيادة اللبنانية وللقرار الدولي 1701، وهو ما استدعى إدانة من السلطات اللبنانية، كان آخرها خطاب الرئيس اللبناني العماد ميشال عون في الأمم المتحدة، ومطالبة لبنان المجتمع الدولي بالتحرك لإيقاف تلك الانتهاكات.
ولم تستبعد مصادر سياسية لبنانية من قوى «8 آذار» احتمال أن يكون التوتير الإسرائيلي الأخير ضد لبنان، نتيجة اقتراب موعد انطلاق أعمال التنقيب عن الغاز والنفط اللبنانيين على الحدود الجنوبية في البلوك رقم 9، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الملف «هو سلاح ذو حدين»، موضحة: «لطالما كانت المفاهيم الإسرائيلية سلبية، وتجنح على الدوام نحو الحرب؛ لكن عليها أن تدرك الآن أن أي ضرر سيلحق بلبنان، سيعود عليها بضرر بالقدر نفسه». وقالت المصادر المواكبة لملف استخراج النفط والغاز: «لبنان لن يسكت، وهناك اتفاق سياسي لبناني على أن لبنان لن يسمح لإسرائيل بتعطيل استخراج الطاقة، ولا بالاعتداء على لبنان».
وشددت المصادر على أن «مفاعيل إشعال الحرب من قبل إسرائيل، ومقاييس الضرر التي ستلحق بها، ستكون مختلفة عن أي حرب سابقة»، وشرحت: «إسرائيل ستتضرر بالقدر الذي سيتضرر به لبنان، على مختلف الصعد، وسينعكس الأمر عليها. لن نسمح بأن تستخرج إسرائيل غازها وتمنعنا من استخراج غازنا ونفطنا، ولا يمكن أن نسمح لها بالتسبب في هذا الضرر».
وشددت المصادر على أن «الاعتداء الإسرائيلي على لبنان، يعني انتهاء النأي بالنفس، ويدفع لبنان حكماً إلى عين العاصفة».
ويتعاطى لبنان بجدية مع التهديدات الإسرائيلية، ويحذر منها، وكان آخر التحذيرات التي وردت على لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري، أول من أمس، حين اعتبر أن «تهديدات رئيس وزراء العدو نتنياهو الأخيرة، ليست تهديدات إعلامية أو عبثية؛ بل هي تهديدات عملية تندرج في إطار السياسة الإسرائيلية العدوانية». وقال في «لقاء الأربعاء» النيابي، إن «الإسرائيليين يعتمدون على نظرية كيسنجر بأن لبنان فائض جغرافي». وأكد أن اللبنانيين «يحبون الحياة؛ لكنهم يعرفون كيف يحفظون كرامتهم وسيادتهم، ولديهم الوقت الكافي للمقاومة ومواجهة التحديات والتهديدات».
ويعد ملف قطاع الطاقة، واحداً من ملفات نزاع أخرى مع إسرائيل، تتصدر الاعتداءات الإسرائيلية على السيادة اللبنانية، التي تتمثل في الخروقات للقرار الدولي 1701، ويسجل منها الآلاف سنوياً في البحر والبر والجو، إلى جانب ملف النزاعات الحدودية. ويُتابع الملف الأخير ضمن اللجنة الثلاثية التي تنعقد دورياً في مقر الأمم المتحدة في الناقورة، برئاسة قائد قوات السلام الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، وبحضور ممثلين عن الجيش اللبناني.
أما في ملف ترسيم الحدود البحرية، فلم يطرأ أي جديد بعد الطروحات الأميركية ضمن مبادرة تقدم بها مسؤولون أميركيون لترسيم الحدود البحرية. وأكدت مصادر لبنانية رسمية لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «متمسك بحدوده البحرية، ومتمسك بترسيم الحدود البحرية على غرار آلية الترسيم في البر».
وكما أن لبنان يستعد للانطلاق بحفر أول الآبار في 2019، وتدشين جولة ثانية للتنقيب البحري عن النفط والغاز بنهاية 2018 أو أوائل 2019، بحسب ما أعلن وزير الطاقة، سيزار أبي خليل قبل أشهر، فإن إسرائيل تستعد للانطلاق بالتنقيب في حقل كرديش المحاذي للحدود اللبنانية مطلع العام أيضاً، بعد انطلاقها في التنقيب في حقل تمار القريب أيضاً من الحدود الاقتصادية البحرية اللبنانية.
ويرى الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، أن إسرائيل تستفيد من التأخير في استخراج الطاقة اللبنانية، بالنظر إلى أن الطبقات الجيولوجية واحدة، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن تل أبيب تسعى «لعملية تأهيل حقل كرديش القريب من البلوك البحري اللبناني رقم 9، لتبدأ بالاستخراج والاستحواذ على المخزون الواقع ضمن الأراضي اللبنانية»، في إشارة إلى أن عملية التأهيل هي عملية تجميع مكامن الغاز في بئر يسهل استخراجه على عمق يتراوح بين 1500 و1800 متر تحت سطح البحر.
وقال عجاقة إن الاستثمار في حقل كرديش «أولوية بالنسبة للإسرائيليين»، ورغم أن التقديرات بأنه يحتوي كميات عالية من الغاز، فإنه «منطقة نزاع محتملة».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.