تعد الكيانات التجارية العائلية من أفضل الشركات بالنسبة لقيم المساهمين وأصحاب المصالح في الهند. فالشركات الهندية التي تديرها عائلات تقدم نوعاً من الأداء التجاري المتميز، بقيمة سوقية مجمعة تبلغ نحو 839 مليار دولار.
وتحتل الهند المركز الثالث بالنسبة للشركات التجارية التي تديرها العائلات على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية والصين، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن بنك «كريدي سويس». وتحقق الشركات الهندية المملوكة للعائلات أرباحاً سنوية بمتوسط يصل إلى 13.9 في المائة منذ عام 2006. وهي أكثر من ضعف نسبة 6 في المائة التي تدرجها الشركات في تقاريرها المالية التي تفتقر إلى المصداقية.
ووفقاً لبنك «كريدي سويس»، لدى الهند وحدها نحو 111 شركة مملوكة للعائلات من بين 1015 شركة أخرى، ما يجعلها تحتل المرتبة الثالثة بعد الصين (بعدد 159 شركة)، ثم الولايات المتحدة الأميركية (بعدد 121 شركة). وأغلب شركات الأعمال الكبرى في الهند تسيطر عليها العائلات، ونذكر منها على سبيل المثال: تاتاس، وبيرلاس، وغودريج، ووادياس، ومونجالس، وماهيندرا، وثابارس، وميتالس، وشابارجي باولونجي، وجيندالس، وأدانيس، وأنيل أغاروال، وفيدانتا باجاج، وروياس، ورانباكسي، وتايمز أوف إنديا، وغيرها كثير.
وخلص بنك «كريدي سويس» في تقريره إلى أن الشركات التي يمتلك مؤسسوها أو أحفادهم نسبة 20 في المائة من الحصص، يقترضون أموالاً أقل، ويدرون أرباحاً أكثر من تلك التي لا تحظى بالصلات التجارية العائلية.
كما تفوقت الشركات التجارية العائلية على أسواق الأسهم الأكثر اتساعاً في كل منطقة وكل قطاع على المدى البعيد، على الرغم من أن الأداء النسبي خلال النصف الأول من العام الجاري كان ضعيفاً إلى حد ما.
وفي دراسة مستقلة، ذكرت مجموعة «بين أند كومباني» الاستشارية العالمية، أن سبعة تكتلات هندية كبيرة تغطي صناعات وخدمات متنوعة، قد حققت أرباحاً بنسب تتراوح بين 22 إلى 32 في المائة للمساهمين على مدى الـ15 عاماً الماضية، أي أكثر من نظيراتها من الشركات الفردية في سوق العمل في قارة آسيا. وشملت قائمة أكثر 50 شركة عائلية عالية الربحية في آسيا غير اليابانية 12 شركة عائلية هندية. وكانت التكتلات الهندية السبعة هي: باجاج، ولالبهاي، وموروغابا، وإيمامي، وغودريج، وهيرو موتور كورب، وتورينت، التي تفوقت على بقية التكتلات. وجاء في تقرير عن الفترة بين عامي 2007 و2016 أنه: «تتفوق الشركات العائلية في آسيا على أقرانها من الشركات المملوكة للأفراد، مع أداء مالي أعلى وأرباح قوية لسعر الأسهم، ويرجع ذلك في جزء كبير إلى التركيز طويل المدى».
وقد عزا المحللون ذلك إلى المنهج المحافظ طويل الأجل، الأمر الذي أدى في بعض الأحيان إلى تمكين الشركات من تحسين أوضاعها المالية والتجارية، والإحجام عن تسريح العمالة وتقليل فرص الشركات في الإغلاق خلال فترات الركود الاقتصادي.
في البلدان الناشئة، مثل دول أميركا اللاتينية وبلدان آسيا غير اليابانية، أكثر من نصف الشركات تقريباً تنتمي إلى فئة الشركات العائلية، أو أن مؤسسي الشركات من الجيل الأول، في حين تميل الشركات العائلية في أوروبا والولايات المتحدة إلى التقدم في السن، على سبيل المثال، هناك 30 في المائة من الشركات الأوروبية هي شركات عائلية من الجيل الخامس أو الأكبر من ذلك.
وكانت الشركات العائلية الأفضل في الأداء من حيث الربحية، مقارنة مع الشركات غير العائلية التي توجد في الهند، وألمانيا، وإيطاليا، والصين.
ويبلغ متوسط القيمة السوقية لشركة الأسرة في الصين وهونغ كونغ 8.7 مليار دولار، مقارنة بـ7.6 مليار دولار في الهند. وتميل الشركات التجارية العائلية في كوريا الجنوبية لأن تكون ذات نطاق أكبر، مع متوسط القيمة السوقية الذي يبلغ 10.1 مليار دولار. وإجمالاً للقول، تشير الدراسة إلى قوة عنصر الأسرة في جميع أنحاء تلك المنطقة، على اعتبار أن الشركات المملوكة للعائلات تفوقت على نظيراتها المحلية غير المملوكة للعائلات في كل دولة من الدول الآسيوية منذ عام 2006. يقول يوجين كليرك، كبير المحللين لدى شركة «ثيماتيك» للاستثمار في «كريدي سويس»، وكبير مؤلفي التقرير المذكور: «خلال العام الجاري، خلصنا إلى أن الشركات المملوكة للعائلات تواصل التفوق على نظيراتها في كل منطقة وكل قطاع، مهما كان حجمها المالي. ونعتقد أن ذلك راجع إلى النظرة بعيدة المدى للشركات المملوكة للعائلات، والاعتماد بشكل قليل على التمويل الخارجي، والاستثمار بشكل أكبر في البحث والتطوير».
تختلف عائلات الأعمال الهندية عن مثيلاتها في الغرب. ففي الهند، تعتبر أغلب الشركات العائلية جزءاً من نظام الأسرة المشتركة القديم. ويستغرق الأمر سنوات من حياة الموظفين المحترفين في هذه الشركات قبل أن يتعرفوا على صناع القرارات الحقيقيين في تلك العائلات. وهذا ما يميز الصورة غير الواضحة لدى أغلب العاملين في تلك الشركات عن أصحابها.
وعلى العكس من الشركات التجارية العائلية في الاقتصادات الناضجة، فإن الهند لا تزال في مرحلة الشباب نسبياً، ولقد تأسس كثير من هذه الشركات في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وهي لا تزال حتى الآن تحت سيطرة الجيل الأول أو الثاني من المؤسسين. ونتيجة لذلك، لا تزال معظم الشركات العائلية في حاجة إلى بناء قواعد المعرفة، بشأن كيفية السيطرة على وإدارة النشاط التجاري لدى كثير من مالكي الأسر، ولا يزال كثير من تلك الشركات في حاجة إلى بناء خطط التعاقب الإداري. وخلال السنوات العشر المقبلة، سوف تخضع نسبة 40 في المائة من الشركات العائلية الكبيرة في الهند إلى عملية تسليم السلطة من المؤسس الأول إلى الجيل الثاني من المالكين، وهناك نسبة 35 في المائة منها ستسلم السلطة إلى الجيل الثالث أو الجيل الرابع.
ويكون التعامل مع انتقال السلطة بين الأجيال أمراً عسيراً بالنسبة لأصحاب الشركات التجارية العائلية، لا سيما المؤسسين.
ومن بين الأدوات التي تستخدم بشكل متزايد في ذلك، دستور العائلة - أو الميثاق أو الاتفاق بحسب اختلاف الأسماء - الذي يقوم مقام قوة التماسك الراسخة بين العائلة والأعمال. ونسبة 36 في المائة من الشركات العائلية قد صاغت مثل هذه الوثيقة بالفعل، من أجل تيسير الوصول إلى حلول للخلافات العائلية في المستقبل.
وهناك تحول رئيسي بارز تحاول شركات العائلات تحقيقه، ألا وهو إلحاق البنات في خطة الاستخلاف والمناقشات. ويتم التعاقب في أغلب الشركات العائلية الهندية من خلال النظام الأبوي، ولذلك كان التغيير شديد البطء في المستقبل. وحتى الآن، جرى تجاهل مشاركة البنات في أعمال العائلات بصورة كبيرة.
يقول ريشا كاربي، مدير الاستثمارات في شركة «ألتاماونت كابيتال» المختصة في التخطيط لنقل الثروات، إن إلحاق البنات بأعمال الشركات العائلية هو من التحولات المرحب بها. وتتعرض المجموعات التجارية الهندية بصورة خاصة إلى الانقسام بسبب عدم إلحاق البنات في أعمال العائلات. وأضاف قائلاً: «إن الشركات العائلية التي تدرج الأشقاء دون غيرهم في مجالس الإدارة هي الشركات الأقل استقراراً ضمن الأعمال التجارية. فغالبا ما ينتهي الأمر لدى الأشقاء بالبحث عن القيم والمصالح الذاتية. ومن ثم فإن تم إلحاق البنات في الأعمال وغيرهن من أفراد الأسرة، فإن الرابطة الداخلية تكون قوية». وهذا من المنطق بمكان، فمن المجحف إقصاء 50 في المائة من المواهب في الشركات العائلية. ويتساءل البروفسور باريمال ميرشانت من معهد «إس بي جين» للإدارة والأبحاث: «إذا كان بإمكان إندرا نويي إدارة شركة (بيبسيكو)، وإذا كان يمكن للنساء إدارة شركات كبيرة مثل (آي سي آي سي) و(يو بي إس)، فلماذا لا تدير النساء الشركات العائلية الهندية؟».
ويقول براثاب ريدي، مؤسس مجموعة مستشفيات «أبوللو» الهندية: «تحظى النساء بقدر كبير من التعاطف والشغف الذي لا يمكن للرجال إلا التطلع إليه، وإنني على يقين من أن الروح المشتركة من الحب والعاطفة والعناية، قد عززت من أواصرنا الأسرية». واستطرد قائلاً: «لقد جلب بناتي إحساساً عاماً بالاهتمام بأدق التفاصيل، والمقدرة على الانتقال السلس بين مختلف الأدوار والأنشطة التجارية. وقبل كل شيء، فإنهن يتمتعن بأهم صفة على الإطلاق، ألا وهي المقدرة على الاستماع، ومنح كل فريق الفرصة للتعبير عن نفسه. وأنهن يدعمن فرق العمل إلى أقصى درجة ممكنة، وإخراج أفضل ما لديهم في العمل. وهن لا يوزعن اللوم بين الموظفين بشكل عشوائي».
وتعتقد مؤرخة الأعمال غيتا بيرامال، أنه من المبكر للغاية إصدار البيان النهائي بشأن البنات أو الأبناء في مجال المال والأعمال، وهي تقول: «إن وراثة النساء للأعمال التجارية لا تزال في مراحلها المبكرة للغاية في الهند، وعلينا الانتظار ومراقبة هذا التوجه نحو خمس سنوات أخرى قبل الحكم على النتائج».
الشركات العائلية في الهند أقدر على تحقيق الربح
الشركات العائلية في الهند أقدر على تحقيق الربح
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة