جيرو... مهاجم لا يحرز أهدافاً لكن يساعد فريقه على تحقيق الانتصارات

مرت لحظة خلال المؤتمر الصحافي لماوريسيو ساري مدرب تشيلسي بعد مباراة السبت الماضي، وبعدما كال الثناء لإيدن هازارد وتحدث عن تحديه معه حول أنه سيسجل 40 هدفاً هذا الموسم، واجه مدرب «تشيلسي» سؤالاً حول خطر الاعتماد على لاعب واحد. وأجاب المدرب بأنه بمقدور بيدرو وويليان تسجيل 10 أهداف.
ويبدو هذا قولاً منصفاً. حتى الآن، سجل بيدرو ثلاثة أهداف خلال بطولة الدوري الممتاز هذا الموسم، بينما سجل ويليان هدفاً واحداً. وليس ثمة ما يمنع من أن يتمكن أيهما أو كلاهما من مضاعفة هذا الرقم على مستوى جميع المسابقات التي يشتركان فيها (الأمر الذي شدد ساري أنه يتحدث عنه، فهو لا يتوقع أن يحرز هازارد 40 هدفاً خلال بطولة الدوري فقط). إلا أن ما لم يقله بدا على ذات القدر من الأهمية، فقد تساءل الكثيرون فيما بينهم حول كم من الأهداف يعتقد المدرب أن أوليفييه جيرو وألفارو موراتا باستطاعتهما تسجيله هذا الموسم؟
الملاحظ أنه بالنسبة لجيرو على الأقل، فإنه يحاول تعويض نقص الأهداف التي يحرزها بصورة مختلفة. وقبل كل شيء، لم يسبق أن فازت فرنسا ببطولة لكأس العالم بينما لم يسجل قلب الهجوم لديها هدفاً واحداً. في الصيف، ربما يصبح بمقدور جيرو ادعاء كونه خليفة ستيفان غيفارش ـ المهاجم الذي لم يكن يحرز أهدافاً، والعنصر غير الأناني بالفريق والذي كانت تحركاته واستعداده لشن هجمات قوية ضد المدافعين والاستحواذ على الكرة والحفاظ عليها، تخلق مساحات وفرصا أمام اللاعبين المخادعين القادمين من خلفه. إن جيرو باختصار المهاجم الذي لا يسجل أهدافاً، لكنه يمكن فريقه من اللعب على نحو جيد.
بيد أن إنجاز ذلك في إطار بطولة تتألف من ست أو سبع مباريات يختلف عن الاضطلاع بهذا الدور في إطار بطولة دوري. وربما لا يتوافق أداء جيرو مع المقاييس الإحصائية، ذلك أن الإحصاءات لا تقيس الحركة على جانبي الملعب لاجتذاب مدافعي الخصم بعيداً عن مراكزهم وفتح مساحة أمام هازارد. كما أنها لا تقيس الضغط المستمر للاعب قلب هجوم، ولا الهجمات المستمرة على خط دفاع حتى تبدأ قوة لاعبيه في التهاوي.
لا تقيس الإحصاءات سوى الأهداف والتمريرات والأهداف التي عاون اللاعب في إحرازها. وبناءً على هذه المقاييس، فإن أفضل وصف يمكن إطلاقه على أداء جيرو، السبت الماضي، بأنه جاء على مستوى الحد الأدنى. على مدار 64 دقيقة قضاها جيرو داخل الملعب، لمس الكرة 18 مرة. وجاء نصف هذه اللمسات داخل النصف الخاص به من الملعب، واثنتين فقط كانتا داخل منطقة جزاء «ليفربول». وكانت واحدة من هاتين اللمستين كرة بالرأس خرجت عن مسارها بين منطقتي الـ6 والـ18 ياردة.
وحاول جيرو تمرير الكرة 14 مرة، وجدت طريقها لهدفها المقصود ست مرات. واستعرض مهارة التحكم في الكرة مرة وسقط في فخ التسلل مرة. كما فاز في أربع مواجهات بالرأس. ولم يحقق استخلاصاً للكرة أو اعتراضا أو إعاقة لتمريرة من جانب الخصم أو إنقاذا لمرماه من فرصة محتملة. ومع هذا، يبدو ساري راضياً عن أدائه بما يكفي. ومع جيرو على الأقل، يبدو أن ثمة شعورا بأن عدم تسجيله لأهداف ليس ذات أهمية لأنه ينجز مهمة أكبر وأهم. بالنسبة لموراتا، الذي أتى لمعاونته، فإن ثمة شعورا بأنه لاعب أهدر الثقة الموجهة إليه منذ وقت مضى، وليست لديه أدنى فكرة عن كيفية استعادتها، حتى وإن كان قد سجل أهدافاً على الأقل هذا الموسم.
وربما طالما بقي هازارد على مستواه الحالي، لن يشكل هذا الأمر أهمية تذكر. وربما كان أفضل ما يمكن للاعب قلب هجوم في «تشيلسي» تحقيقه في الوقت الراهن، الخروج عن طريق هازارد. والملاحظ بالفعل أن الأهداف من المساحات الواسعة أصبحت تشكل جزءًا مهماً من كرة القدم الحديثة على نحو متزايد. ومثلما أوضح سير أليكس فيرغسون منذ عقد مضى، في خضم تفسيره للسبب وراء استعانته بواين روني في مساحات واسعة، فإنه أحياناً يكون من الأكثر خطورة دفع مهاجم ما لشن هجوم من الخارج نحو الداخل، بدلاً من البدء من نقطة مركزية، ثم الانطلاق بحثاً عن مساحة واسعة.
والملاحظ أن حركة جيرو تيسر هذا الأمر وتجتذب المدافعين بعيداً. ومع هذا، فإنه تأتي لحظات يصبح لزاماً على لاعب قلب الهجوم فعل ما هو أكثر عن ذلك. والواضح أن جميع مهاجمي تشيلسي يتعين عليهم العيش في ظل اثنين من أسلافهم العظماء. والملاحظ أن كلا من ديدييه دروغبا ودييغو كوستا كانا بارعين، بصورتين مختلفتين، في مسألة خلق مساحات أمام اللاعبين الآخرين والضغط على الخصوم والفوز في المواجهات للاستحواذ على الكرات المرتفعة في الهواء. وفعل كل منهما كل شيء يفعله غيرو بفاعلية، وبذات درجة فاعليته على الأقل، لكن الاختلاف أن كليهما سجل أهدافاً.
ومهما بدت الصورة رائعة، ومهما كانت الخطط التكتيكية التي تتبعها، ومهما كان إعجابك ببراعة أداء لاعب قلب الهجوم بفريقك، يبقى هذا وضعاً مؤقتاً وتحين لحظة تشعر خلالها أنه يتحتم على المهاجم تسجيل هدف فوز أو إنقاذ نقطة ثمينة بإحراز هدف تعادل.