خمسة أفلام مغربية حديثة تبحث في الماضي

أحداثها مختلفة.. تميز نفسها عن السينما العربية وحتى جارتها الجزائرية

«وداعا كارمن» لمحمد أمين بوعمروي
«وداعا كارمن» لمحمد أمين بوعمروي
TT

خمسة أفلام مغربية حديثة تبحث في الماضي

«وداعا كارمن» لمحمد أمين بوعمروي
«وداعا كارمن» لمحمد أمين بوعمروي

منذ سنوات والسينما المغربية تطرح نفسها على مستوى مختلف من مستويات التعبير. مواضيعها وهمومها ومشاكلها وشخصياتها تختلف عن تلك التي تطرحها السينما اللبنانية أو المصرية أو الخليجية أو الفلسطينية، وحتى عن السينما الجزائرية التي تجاورها في أكثر من وجه.
بطبيعة الحال، لا تتساوى الأساليب الممارسة من قـبل المخرجين المغربيين ولا النتائج، لكن ما يجمع بين كل جهودهم سعيهم الحثيث لتقديم أعمال جديدة وذات هوية وطنية، حتى وإن لم تكن موضوعاتها دائمة الحديث عن قضايا داخلية، اجتماعية أو سياسية.
في العامين الأخيرين، سجلنا ملاحظاتنا على عدة أفلام شوهدت في المهرجانات العربية وغير العربية. كون السينما المغربية قريبة من أوروبا، وكون مخرجيها يحبـون التواصل مع الجمهور العربي خارج المغرب ساعد في هذا التوجه المزدوج ذي الفوائد المضاعفة. من ناحية ها هو المخرج يقدم عمله لجمهور جديد ومختلف في كل بقعة، وها هو الجمهور، على اختلاف مشاربه وثقافته، تتاح له أن يلم بجديد السينما المغربية.
خمسة أفلام مغربية لم يغمرها البعد الزمني بعد تقدمت خلال هذين العامين على سواها على نحو أو آخر، وهي «هم الكلاب» لهشام لعسري، و«داعا كارمن» لمحمد أمين بوعمروي، و«الصوت الخفي» لكمال كمال، و«سرير الأسرار» لجيلالي فرحاتي، و«جيش الخلاص» لعبد الله طايع.
لكل واحد من هذه الأفلام خصائصه الفنية، وهذا طبيعي جدا، لذلك فإن النتيجة ليست متساوية باستثناء أنها جميعا أفلام جادة فيما تنشده من طروحات ومواضيع. لكن ما يجمعها هو النحت في الزمن الماضي. أبطالها يتذكـرون ويعايشون ويندمون. لكل تجربته المختلفة مع الأمس وبعضهم لا يزال يحاول أن يحل تلك التجربة ليرتاح.

* الأمس المفقود
* في فيلمه الروائي الثاني «هم الكلاب»، يسرد المخرج هشام لعسري حكاية شخصيتين محددتين؛ رجل تائه في زمانه ومكانه. يبحث عن كيفية استعادة ماضيه، ومقدم برنامج تلفزيوني يلتقي به صدفة ويلازمه صوتا وصورة (فيلم داخل فيلم إلى حد) مسجلا يوميات هذا البحث الشغوف. حين يصل البحث إلى منتهاه فإن الحل لا يمكن أن يكون سعيدا كون ذلك الرجل المجهول الذي لا يذكر اسمه لن يستطع تغيير تجربته التي أدت به إلى الابتعاد عن أسرته.
حين يلتقي ذلك المسن بزوجته قبل نهاية الفيلم فإن اللقاء بمثابة فراق جديد، إذ أصبح التواصل صعبا، ليس بينهما فقط، بل بينهما وبين ابنه أيضا. ولم يعد هناك وقت للتواصل، فهي على فراش الموت. اللحظات الرائعة في هذا الفيلم تمضي سريعا ومنها اعتذاره لزوجته على السنوات التي ضاعت عليهما منفصلين.
مع أن بطل هذا الفيلم دخل السجن لأسباب سياسية، فإن الفيلم ليس سياسيا. هناك محاولة لإيجاد لحمة بين الموضوع ومحيط أكبر، لكن الفيلم يبقى فردي الاهتمام وبصريا لاهثا وراء تكرار وضع شخصيته وتصرفاتها ومناجاتها وللحوارات التي لا تنقطع بينها وبين المذيع التلفزيوني الذي قرر فجأة تحقيق هذا الريبورتاج عنه. الفكرة جيدة لكن مفاصلها غير منطقية. والتصوير على مدى يومين (حسب القصـة) تتداخله عيوب في التوقيت لم يكن ليلقي المرء بالا لها، لولا أن الفيلم مبني على التوقيت.
يداوم المخرج الاستخدام المتجدد لتقنية السرد ومعالجته الكلـية للموضوع، وما زال ماهرا، كما كان حاله في فيلمه الأول «النهاية»، في توزيع أفكاره. لديه التصور المناسب لعمل مختلف. لكن ما بدا قويـا في بصرياته في «النهاية» ينقلب بعد حين هنا إلى تداول لمنوال واحد يثير التعب. الكاميرا المحمولة تذكـرك بوجودها أكثر مما يذكـرنا المخرج بالسبب الذي من أجله نتابع حكاية رجل في بداية السبعينات من عمره يبحث عن عائلته وعبرها عن حياته الأولى.
في المقابل، نجد فيلما لمخرج جديد آخر هو محمد أمين بوعمروي الذي أنجز دراما اجتماعية متميـزة وجيـدة. الفيلم بعنوان «وداعا كارمن». تقع أحداثه في مطلع السبعينات، وتدور حول صبي في الـ13 من العمر، بلا أب أو أم (تركته والدته ورحلت إلى إسبانيا لتنضم إلى زوجها الثاني على أن تطلبه للسفر إليها ولم تفعل). يعيش مع خاله القاسي والمسرف في الأذى، الذي يسرق ما تبعثه أم الصبي إليه ليشرب الخمر به ويعاشر النساء. يتعرف الصبي على جارته الإسبانية التي ستصحبه إلى صالة السينما قبل أن تتأزم الأحداث ليجد الصبي نفسه وحيدا من جديد.
الفيلم مبني على حكاية وقعت أحداثها مع المخرج حين كان بعمر بطله عمار (أمان الله بن جيلالي) لكن لا نعرف متى يبدأ الخيال أو متى ينتهي الواقع. المؤكد أن السيناريو يمزج بين الاثنين جيدا ويبلور أحداثا تتطور بعدما يتعرف الصبي على امرأة إسبانية، اسمها كارمن (باولينا غارفيز) تشرف وشقيقها على صالة السينما في البلدة، فإذا بها تعوض، ولو جزئيا، الحنان الذي يفتقده عمـار وعبرها تبدأ عادة مشاهدة الأفلام الهندية. إذ تتطور الأحداث هناك، قدر منها رتيب ويدور في مكانه، لكن المخرج لديه إلمام جيد بالتفاصيل والبيئة الاجتماعية وإدارة الممثلين. لا يعمد إلى توفير مشاهد يؤطرها بشكل خاص، بل ينصرف لمعالجة متوازنة لتحقيق فيلم من تلك الذاتية الصادقة وذات الدلالات المختلفة. الحكاية المعروضة مسرودة على خلفية سياسية (مسيرة استرداد الصحراء الغربية من إسبانيا في ذلك العام) ولو أن العلاقة بين هذا الحدث وارتباط بطله بكارمن يبقى ضمن الاستخدام المحدود.

* التاريخ الشخصي
* رحلة أخرى إلى التاريخ غير البعيد نجدها في فيلم «جيش الخلاص» لعبد الله طايع. إنها عن ذكريات الكاتب المتحول إلى الإخراج القلقة حين كان صبيا يعيش في المغرب قبل أن يبحث عن حريته الشخصية في أوروبا.
الفيلم جريء لأنه يطرح موضوع المثلية الجنسية من ناحيتين: من ناحية الموضوع ذاته الذي ما زال شائكا في مجتمعاتنا العربية بطبيعتها الخاصة، ومن ناحية التجربة التي عايشها كونه مثليا، فهو لا يتناول حكاية واحد من الناس، بل حكايته الشخصية.
لكن هذه الجرأة محسوبة كون الفيلم سينمائيا يبقى بلا تطور للدراما داخل ما هو معروض. الكاميرا تحاول أن تجعل النظرات تنطق، وتبقى على المكان بعد أن ينجلي الحدث عنه. مرة ومرتين وثلاثا ثم تدرك أن هذا التوجـه لا يمكن أن يعوض الحاجة إلى مزيد من الأحداث. لا يستطيع أن يبقى وجدانيا وتأمليا وفي الوقت ذاته مثيرا للاهتمام. ليس هناك من تشابك يُذكر للمواقف. هناك مشهد عراك بين والديه ومحاولة عبد الله وأخيه الكبير اقتحام الغرفة لإنقاذ والدتهما. حين يفعلان نسمع الأب يقول: إنه لم يضربها. المشكلة هي أننا لا نرى ذلك. المخرج لا يحاول سرد حكاية كاملة، بل مجرد دوره فيما يدور الذي لا يزيد كثيرا عن مشاهد لوحدته ونظراته وشغفه بذكورية الآخرين.
أحد أبرز سينمائيي المغرب هو جيلالي فرحاتي. لجانب أنه أمضى فيها أكثر من ربع قرن، لا يزال يواصل إطلاق أعماله المثيرة للاهتمام. للأسف هي، في السنوات الأخيرة، ليست متساوية فنيا، لكن ما يعوض ذلك إلى حد هي أنها تبقى كاشفة وذات ملكية سرد صحيحة لمواضيع تمزج بين ما هو خاص وما هو عام.
فيلمه الجديد هو «سرير الأسرار». دراما اجتماعية حول امرأة على جثـة أمها وتبدأ باسترجاع ذاكرتها حول الأيام العصيبة التي عايشتها مع والدتها حين كانت لا تزال صغيرة. بعض اختلافه عن أفلام المخرج السابقة يعود إلى أنه عادة ما كتب سيناريوهاته مباشرة للسينما لكنه هنا اختار رواية تتحدث عن امرأة تعايش ماضيها المستعاد وصولا للحظة الحالية.
هناك الكثير مما تكشفه هذه المرأة لنا التي أخطأت في حياتها وتعيش الآن لحظات الندم حتى الثمالة. تدرك كم جنت على ابنتها، وهذا واقعي وجيد، ويصور المخرج التلاحم العاطفي المخرج ببراعة. حين يعود بنا في «فلاشباك» إلى الماضي نستشف شخصية الابنة، فإذا بها فتاة غير غاضبة على تاريخ حياتها وعلى والدتها، بل قادرة على فتح صفحات الأمس بحنان ورقـة لتعاين وتتذكر وتمضي.
للأسف للفيلم رتابة لم نعتدها في أفلام جيلالي فرحاتي من قبل. كذلك فإن العرض القائم هنا على فتح صفحات التاريخ والفصل بينها وبين الزمن الحالي بمشاهد للابنة وهي تمر في الأزقة وتتوقف عند جدران الأمس وأبوابه، قبل أن يواصل الفيلم رحلته الاستعادية للأمس، ليس منوالا جديدا. المشكلة هي رتابته التي لا تصنع منه أكثر بكثير من مجرد انتقال بين فترتين من دون حدوث ما يكفي في الفترة الحالية، مما يخلع عن الفيلم بعض ما يحتاجه من حدة.
رغم ذلك، هذا عمل له جو خاص. يعمد إلى معالجة عمل روائي تبرز فيها الحالة الإنسانية ولو على نحو قديم التداول. يتصاعد الفيلم من نصف ساعة أولى بطيئة وتقليدية إلى نصف ثانٍ أكثر إثارة للاهتمام وبحبكة أثخن مما سبق.

* حدث ذات مرة
* الأكثر اختلافا من بين كل ما سبق هو «الصوت الخفي»، الفيلم الأول لكمال كمال، ولو أنه، مثل «سرير الأسرار»، يحكي قصـته الأساسية عبر مشاهد استرجاعية (فلاش باك).
يبدأ «الصوت الخفي» بحكاية فتاة (آمال عيوش) في الزمن الحاضر تترك البلدة إلى المدينة وتحل عند صديقة لها تعيش في مبنى مهجور (لا تبرير لذلك)، وفي أحد الأيام تتعرض لاعتداء، ويجري خلاله تحطيم الكمان الذي تعزف عليه وضربها، مما يترك آثارا واضحة على وجهها. تجلس إلى رجل مسن (أحمد بن عيسى) يعيش في مدخل المبنى وذات يوم تستمع إلى حكايته. ندلف من هنا إلى الماضي عندما يحاول موسى (الذي يسرد الحكاية) اختراق مجموعة من الناس (بعضهم من المناضلين الجزائريين ضد الاحتلال الفرنسي) للحدود، للتواصل مع مؤيدي الثورة في المغرب والحصول على السلاح منهم. المهمـة تعترضها مصاعب عدة، بما فيها وجود عدد من المعاقين الذين لا علاقة لهم بالغاية العسكرية المنشودة. هناك شاب يود إيصالهم إلى الجانب الآخر من الأسلاك الشائكة المنصوبة على الحدود بين المغرب والجزائر.
من المثري وجود شخصيات وحالات جديدة وغير مطروقة تخلق حكاية لم نر مثيلها على الشاشة، لكن قدرة المخرج البصرية تطغي على قدرته سرد روائي محكم.
يطرح الفيلم الكثير من الخطابات السياسية، لكنها مقطوعة دوما بسقوط أصحابها قتلى أو مصابين، مما ينقذ الفيلم الوضع غير المطروق (تصل المجموعة - بخلافاتها - إلى المنطقة المزروعة ألغاما، وهي ما زالت تتناحر)، ومكان وقوع الأحداث (غابة وثلج)، والعين المشتغلة على التفاصيل الشخصية مع أداء لا بأس به من الجميع.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».