توقيف المستشار السياسي لحزب «نداء تونس»

TT

توقيف المستشار السياسي لحزب «نداء تونس»

أوقف القضاء التونسي، مساء أول من أمس، مسؤولا سياسيا في حزب «نداء تونس» الحاكم، على خلفية قضية وظيفة وهمية في شركة حكومية، تعود إلى ما قبل سنة 2011. وأكد سفيان الزعق، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، لوكالة الصحافة الفرنسية توقيف المستشار السياسي في حزب «نداء تونس» برهان بسيس داخل العاصمة، بينما كان يتنقل بسيارته «لصدور ثلاث مذكرات تفتيش في حقه».
وأصدرت محكمة الاستئناف في تونس أول من أمس قرارا بسجن بسيس لسنتين مع النفاذ العاجل بتهمة أنه شغل منصبا وهميا بشركة «صوتيتال» الحكومية المتخصصة في الاتصالات خلال نظام زين العابدين بن علي.
ويعد بسيس من الوجوه السياسية البارزة زمن حكم الرئيس الأسبق بن علي، والمدافعة عن نظامه. وقد عمل محللا ومقدما لبرامج تلفزيونية قبل أن ينضم إلى حزب «نداء تونس» في مارس (آذار) 2017 مستشارا سياسيا. كما يعد بسيس مقربا من نجل الرئيس التونسي حافظ قائد السبسي، المدير التنفيذي للحزب الذي يعارض استمرار يوسف الشاهد في ترؤس الحكومة الحالية، ويعتبر من أشد منتقديه.
من جانبه، عبر المنجي الحرباوي، القيادي في حزب نداء تونس، عن استغرابه لعملية التوقيف وقال أمس: «لسنا ضد المسار القضائي، ولكن سياسيا فإن السرعة القصوى التي تم توقيفه فيها تقلق. برهان بسيس ليس مجرما خطيرا، والاستعجال في تنفيذ الحكم أمر مُستغرب».
ويواجه الشاهد الذي أطلق حملة لمكافحة الفساد وتوقيف الضالعين فيه منذ 2017، انتقادات ودعوات للتخلي عن رئاسة الحكومة من نقابات عمالية وقيادات في حزبه، الذي انقسم بين مؤيد له ومعارض، ما أثر على نفوذ الحزب في البرلمان.
من جهته، قال سفيان الزعق، المتحدث باسم وزارة الداخلية، إن عملية إيقاف بسيس تمّت من قبل دورية قارة للأمن العمومي، تعمل في جهة تونس البحرية (قرب وسط العاصمة التونسية)، مبرزا أن وحدات الأمن قامت بالتأكد من هوية بسيس بواسطة الناظم الآلي، فتبين لها أنه مبحوث عنه، وتم تسليمه إلى إدارة التفتيش بالحرس الوطني التي أصدرت أمرا بالتفتيش.
وكانت محكمة الاستئناف قد أيدت الحكم الابتدائي الصادر ضد بسيس، والقاضي بسجنه مدة عامين، وتغريمه مبلغا ماليا قدر في نحو 198 ألف دينار تونسي (نحو 70 ألف دولار)، وهي تمثل مجموع الأجور التي حصل عليها من إحدى شركات الاتصالات دون وجه حق.
واشتهر برهان بسيس بكونه من الوجوه الإعلامية المعروفة، التي دافعت بشراسة عن نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، واتهمته عدة أطراف سياسية باستغلال قربه من السلطة للحصول على منافع مالية متنوعة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».