كبوات متوالية للروبية الهندية تجعلها من أسوأ عملات آسيا

أنفق البنك المركزي الهندي ما بين 20 و25 مليار دولار للدفاع عن قيمة الروبية لكنها لا تزال تواصل الهبوط (رويترز)
أنفق البنك المركزي الهندي ما بين 20 و25 مليار دولار للدفاع عن قيمة الروبية لكنها لا تزال تواصل الهبوط (رويترز)
TT

كبوات متوالية للروبية الهندية تجعلها من أسوأ عملات آسيا

أنفق البنك المركزي الهندي ما بين 20 و25 مليار دولار للدفاع عن قيمة الروبية لكنها لا تزال تواصل الهبوط (رويترز)
أنفق البنك المركزي الهندي ما بين 20 و25 مليار دولار للدفاع عن قيمة الروبية لكنها لا تزال تواصل الهبوط (رويترز)

تمر العملة الهندية بأوقات عصيبة في الآونة الأخيرة إثر انخفاضها إلى مستوى قياسي جديد، حيث بلغت قيمتها مؤخراً 72.35 روبية لكل دولار أميركي. وقد أسفر هذا عن نزيف في أسواق الأسهم، وعدم الارتياح الاقتصادي، وأثار ردود فعل سياسية غاضبة.
وسجلت الروبية الهندية، خلال هذه السنة وحدها، خسائر سنوية تزيد على 13% مقابل الدولار الأميركي القوي، مما يجعلها من أسوأ العملات في آسيا من حيث الأداء. ولقد سجلت هبوطاً بما يقرب من 6 نقاط مئوية منذ أغسطس (آب) الماضي.

- أسباب هبوط الروبية
خلال الشهر الماضي، تسارع انخفاض قيمة الروبية بسبب العديد من العوامل العالمية. ويعد النفط من أكبر هذه العوامل، إذ تستورد الهند أكثر من 80% من احتياجاتها من النفط. وقد أدت هذه التبعية، مقترنةً بارتفاع أسعار النفط عالمياً، إلى ارتفاع فاتورة استيراد النفط في البلاد خلال العام الحالي. وبلغت فاتورة استيراد النفط في الهند خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة المالية الحالية نحو 28.9 مليار دولار، ارتفاعاً من مبلغ 18.8 مليار دولار في العام الماضي.
وتترجَم فاتورة استيراد النفط العالية إلى ارتفاع الطلب على الدولار من قِبل شركات تسويق النفط التي تجلب النفط إلى الهند.
ويعني ارتفاع أسعار النفط وضعف الروبية الهندية أن العجز في الحساب الجاري الهندي قد يتسع إلى 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية الحالية، مقارنة بـ1.9 نقطة مئوية في العام الماضي، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة «نومورا» البحثية. وخلال العام الجاري، قفز العجز الهندي بالفعل إلى أعلى مستوى له منذ ما يقرب من خمس سنوات. الأمر الذي يضيف المزيد من الضغوط على العملة المحلية الهندية.
كانت الولايات المتحدة والصين في خلاف مستمر، حيث يفرض كل طرف منهما الرسوم الجمركية على سلع وبضائع الطرف الآخر. وهناك تكهنات بأن الصين قد تخفض من قيمة اليوان كي تتفوق على الولايات المتحدة، ومن شأن هذه الخطوة أن يكون لها تأثير مضاعف على العملات الآسيوية الأخرى، بما في ذلك الروبية الهندية.
كذلك، هناك الحرب التجارية القائمة بين الولايات المتحدة وتركيا. فلقد فرضت واشنطن الرسوم الجمركية المرتفعة على الصلب والألمنيوم التركيين، وغيرهما من السلع الأخرى، مما أدى إلى توجيه ضربة كبيرة إلى الليرة التركية التي تراجعت إلى مستويات قياسية بما يزيد على 40% من قيمتها الأساسية خلال العام الحالي. وهذا أسفر أيضاً عن هبوط قيمة العملات الأخرى في الاقتصادات الناشئة، بما في ذلك الهند.
ومما يضاف إلى ذلك، جاء الطلب المرتفع على الدولار من المستثمرين الأجانب الذين بدأوا في الانسحاب من الهند.
وعلى مر الأعوام، ضخ المستثمرون الأجانب الكثير من الأموال في أسواق الأسهم والديون الهندية. وقد تأثر هذا إلى حد كبير بالأموال السهلة التي تدفقت من العالم الغربي في أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008.
واقترض المستثمرون الأجانب الأموال بأسعار فائدة منخفضة وتركوا هذه الأموال في الهند وغيرها من الأسواق الناشئة. والآن، ومع احتمالات ارتفاع أسعار الفائدة مجدداً في الولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم الغربي، كان هناك اندفاع محموم لسحب الأموال من الأسواق الهندية، ولا سيما سوق الديون. وخلال الأشهر الثلاثة السابقة على يونيو (حزيران) الماضي، سحب المستثمرون نحو 8.1 مليار دولار من الهند. وخلال نفس الفترة من العام الماضي، كانوا قد جلبوا 12.5 مليار دولار إلى داخل الأسواق الهندية. وعندما يبيع المستثمرون الأجانب ممتلكاتهم في الهند، فإنهم يحصلون على قيمتها بالروبية الهندية، ثم يبيعون الروبية لاستبدال العملة الأميركية بها، وبالتالي يرتفع الطلب على الدولار بسبب ذلك.

- كيف تأثر الاقتصاد الهندي؟
من شأن انخفاض قيمة العملة الهندية أن يزيد من تكاليف الواردات الهندية بما في ذلك النفط ومنتجات الطاقة الأخرى. وقد يؤدي الأمر إلى زيادة في الأسعار. ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يسبب ذلك انكماشاً اقتصادياً في البلاد. فالهند تشهد حالياً معدلات منخفضة من التضخم مصحوبة بارتفاع في معدلات النمو. وحققت البلاد نمواً بوتيرة سريعة بلغت 8.2% خلال الربع الماضي على الرغم من الظروف الاقتصادية العالمية المعاكسة. وفي الوقت نفسه، ظل التضخم مستقراً عند مستوى 4.8 نقطة مئوية، وهو رقم ضعيف مقارنةً بالمعايير الاقتصادية التاريخية والاقتصاد الناشئ في البلاد.
وتقدر قيمة الاقتصاد الهندي حالياً عند مستوى 2.5 تريليون دولار، وهو في طريقه لأن يبلغ مستوى 5 تريليونات دولار مستقبلاً. وليست الروبية الهندية وحدها هي التي تتراجع في مقابل الدولار. فلقد انخفضت قيمة عملات كلٍّ من كوريا الجنوبية، وإندونيسيا، واليابان، والصين بشكل كبير مقابل الدولار.
ويشير البروفسور الهندي أنانث نارايان، أستاذ العلوم المالية المساعد لدى معهد «إس بي جاين للإدارة والأبحاث» والخبير المخضرم في شؤون الأسواق المالية الهندية، إلى نقطة جوهرية لتوضيح الهبوط الحالي في قيمة العملة الهندية: «هناك مجموعتان مختلفتان من التدفقات المالية: التدفقات المالية الجوهرية التي ترتفع حساسيتها للأساسيات مثل العجز الراهن في الحساب الجاري، ثم هناك التدفقات المالية المتعلقة بالمعنويات».
وحذر البروفسور نارايان قائلاً: «ومن خلال ترك الروبية تهبط بتلك الوتيرة الحادة فإننا نخاطر بمواجهة المشاعر السلبية التي تؤدي إلى التدفقات الخارجية للأموال المرتبطة بانهيار الثقة والمعنويات. ونحن لا نريد المجازفة بفتح أبواب الفيضان على أي حال».
وحسب ما ورد في التقارير، كان البنك المركزي الهندي يشتري الروبية، وانخفض الاحتياطي المحلي من العملات الأجنبية إلى أقل من 400 مليار دولار للمرة الأولى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) لعام 2017، كما رفع البنك المركزي أسعار الفائدة مرتين خلال هذا العام، ومن المحتمل أن يرفع أسعار الفائدة للمرة الثالثة إذا ما استمرت الروبية في الهبوط وارتفعت معدلات التضخم.
وتعكس البيانات أن البنك المركزي الهندي قد أنفق ما يتراوح بين 20 و25 مليار دولار للدفاع عن قيمة الروبية، ومع ذلك، لا تزال الروبية في طريقها نحو الهبوط.
يقول إيه. براسانا، كبير خبراء الاقتصاد لدى شركة «آي سي آي سي» للأوراق المالية والتداول في بورصة مومباي: «يحتاج البنك المركزي إلى المزيد من تكتيكات التدخل».
ولا تُلحق الروبية الضعيفة الضرر بالبلاد والمستوردين فقط بسبب ارتفاع فاتورة الواردات وعجز الحساب الجاري، وإنما تسهم في زيادة التضخم كذلك.
وقال جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك «جيه بي مورغان» في مقابلة شخصية حديثة: «إنْ سقطت الروبية الهندية فإنها تميل إلى إثارة المشكلات في الواردات النفطية للبلاد، ولكن يمكن أن يسير الاقتصاد الهندي على ما يرام إذا ارتفعت أسعار الفائدة الأميركية. وسوف يستفيد الاقتصاد الهندي من النمو الأميركي مقارنةً بالركود الأميركي، والذي سوف يضر بالاقتصاد الهندي أكثر من الولايات المتحدة الصاعدة».

- التدابير الحكومية لمواجهة الأزمة
بادئ ذي بدء، عمدت الهند إلى تخفيف الاقتراض التجاري الخارجي -وهي قروض بالعملات الأجنبية التي جُمعت من جهات الإقراض الخارجية لصالح شركات التصنيع المحلية. وتهدف الحكومة من وراء ذلك إلى تحسين تدفق الدولار إلى الاقتصاد المحلي. كما تنظر الحكومة الهندية في الحد من واردات السلع غير الأساسية وتعزيز الصادرات.
وتشير تصريحات وزير المالية والبنك الاحتياطي الهندي إلى أنه لا حاجة إلى الذعر بشأن انخفاض الروبية، وأن الهند على استعداد جيد لتحقيق معدلات نمو أعلى من المتوقع، وأن الحكومة لن توقف أي نفقات رأسمالية لتقليص العجز في الحساب الجاري لتهدئة الأعصاب وإشاعة حالة من الارتياح في الأسواق.
وقال وزير المالية الهندي آرون جيتلي مؤخرا، وهو يحاول بعث إشارات مطمئنة بشأن التراجع الأخير في العملة المحلية، مشيراً إلى أن الاقتصاد الهندي على مساره الصحيح في ظل معدل نمو قوي للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8.2 نقطة مئوية: «إن الأسباب عالمية، ويجب أن نأخذ في الحسبان أنه خلال الشهور القليلة الماضية ازداد الدولار قوة في مقابل كل العملات الأخرى تقريباً».



رئيس غانا: لا انسحاب من اتفاق صندوق النقد الدولي... بل تعديلات

الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)
الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)
TT

رئيس غانا: لا انسحاب من اتفاق صندوق النقد الدولي... بل تعديلات

الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)
الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)

قال الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما، إنه لن يتخلى عن حزمة الإنقاذ البالغة 3 مليارات دولار والتي حصلت عليها البلاد من صندوق النقد الدولي، لكنه يريد مراجعة الاتفاق لمعالجة الإنفاق الحكومي المسرف وتطوير قطاع الطاقة.

وأضاف ماهاما، الرئيس السابق الذي فاز في انتخابات 7 ديسمبر (كانون الأول) بفارق كبير، لـ«رويترز» في وقت متأخر من يوم الجمعة، أنه سيسعى أيضاً إلى معالجة التضخم وانخفاض قيمة العملة للتخفيف من أزمة تكاليف المعيشة في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وكان ماهاما قال في وقت سابق، إنه سيعيد التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي الذي حصلت عليه حكومة الرئيس المنتهية ولايته نانا أكوفو في عام 2023.

وقال ماهاما: «عندما أتحدث عن إعادة التفاوض، لا أعني أننا نتخلى عن البرنامج. نحن ملزمون به؛ ولكن ما نقوله هو أنه ضمن البرنامج، يجب أن يكون من الممكن إجراء بعض التعديلات لتناسب الواقع». وأعلنت اللجنة الانتخابية في غانا فوز ماهاما، الذي تولى منصبه من 2012 إلى 2016، بالانتخابات الرئاسية بحصوله على 56.55 في المائة من الأصوات.

وقد ورث الرئيس المنتخب لثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم، دولة خرجت من أسوأ أزمة اقتصادية منذ جيل، مع اضطرابات في صناعتي الكاكاو والذهب الحيويتين.

التركيز على الإنفاق والطاقة ساعد اتفاق صندوق النقد الدولي في خفض التضخم إلى النصف وإعادة الاقتصاد إلى النمو، لكن ماهاما قال إن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لتخفيف الصعوبات الاقتصادية.

وقال ماهاما، الذي فاز حزبه المؤتمر الوطني الديمقراطي بسهولة في تصويت برلماني عقد في 7 ديسمبر: «الوضع الاقتصادي مأساوي... وسأبذل قصارى جهدي وأبذل قصارى جهدي وأركز على تحسين حياة الغانيين».

وأوضح أن «تعدد الضرائب» المتفق عليها بوصفها جزءاً من برنامج صندوق النقد الدولي، جعل غانا «غير جاذبة للأعمال». وقال: «نعتقد أيضاً أن (صندوق النقد الدولي) لم يفرض ضغوطاً كافية على الحكومة لخفض الإنفاق المسرف»، مضيفاً أن المراجعة ستهدف إلى خفض الإنفاق، بما في ذلك من جانب مكتب الرئيس.

ولفت إلى أن صندوق النقد الدولي وافق على إرسال بعثة مبكرة لإجراء مراجعة منتظمة، مضيفاً أن المناقشات ستركز على «كيفية تسهيل إعادة هيكلة الديون» التي وصلت الآن إلى مرحلتها الأخيرة. وقال إن الاتفاق المنقح مع صندوق النقد الدولي سيسعى أيضاً إلى إيجاد حلول مستدامة لمشاكل الطاقة، لتجنب انقطاع التيار الكهربائي المستمر.

وقال ماهاما: «سنواجه موقفاً حرجاً للغاية بقطاع الطاقة. شركة الكهرباء في غانا هي الرجل المريض لسلسلة القيمة بأكملها ونحن بحاجة إلى إصلاحها بسرعة».