«الناتو» يرد على موسكو وبكين بأكبر مناورات منذ الحرب الباردة

ماتيس يؤكد أن التزام واشنطن إزاء الحلف «ثابت لا يتزعزع»

وزير الدفاع الأميركي مع نظيرته الفرنسية في باريس (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مع نظيرته الفرنسية في باريس (رويترز)
TT

«الناتو» يرد على موسكو وبكين بأكبر مناورات منذ الحرب الباردة

وزير الدفاع الأميركي مع نظيرته الفرنسية في باريس (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مع نظيرته الفرنسية في باريس (رويترز)

يستعد حلف شمال الأطلسي (الناتو) لإجراء «أكبر مناورات» له منذ الحرب الباردة، حيث يشارك 45 ألف جندي في مناورات «ترايدنت جنكتشر 18» في وقت لاحق من هذا الشهر في النرويج؛ بهدف التدريب على نقل قوات أكبر بشكل أسرع في حال أي تدخل خارجي ضد أي دولة عضو في حلف شمال الأطلسي، كما أعلن أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ الثلاثاء. وجاءت تصريحاته للتزامن مع تصريحات وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، التي بدّدت أي مخاوف أثيرت سابقاً من قِبل الدول الأعضاء بمدى التزامات واشنطن الدفاعية اتجاه الحلف.
وأضاف ستولتنبرغ، أن التدريبات الدفاعية تستند إلى سيناريو «خيالي، لكن واقعي» وتحاكي دفاع عدد من الدول الأعضاء عن نفسها في مواجهة عدو «افتراضي»، لكن الجنود والدبابات والسفن والطائرات في طريقها إلى النرويج وشمال الأطلسي ومنطقة البلطيق قبالة روسيا. وستكون هذه أكبر عملية نقل من نوعها لعسكريين ومركبات الحلف منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في 1991 على الأقل، إلا أنها أصغر من مناورات «فوستوك18» التي أجرتها روسيا والصين الشهر الماضي. وقال ستولتنبرغ للصحافيين في أول يوم من اجتماع وزراء دفاع الحلف الذي يضم 29 عضواً ويستمر يومين في مقر الحلف الجديد في بروكسل «التدريبات دفاعية وشفافة». وقال، في تصريحات نقلتها الصحافة الفرنسية، إن «جميع الدول الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بمن فيها روسيا تلقت دعوة لإرسال مراقبين». وسيشارك في المناورات عناصر قوات مجهزين بـ150 طائرة و70 سفينة ونحو 10 آلاف مركبة برية من بريطانيا وأميركا الشمالية وأوروبا القارية التي تشمل شمال أوروبا واسكندنافيا على الخاصرة الشمالية الشرقية لحلف شمال الأطلسي في نهاية الشهر.
وكثف الحلفاء الغربيون تواجدهم العسكري بوضع حاميات في أوروبا الشرقية ودول البلطيق خلال السنوات الأربع الأخيرة منذ ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
كما دعا ستولتنبرغ روسيا إلى الرد بموضوعية على المخاوف المثارة من وقت طويل بشأن نظام جديد للصواريخ يبدو أنه ينتهك التزاماتها إزاء المعاهدات الدولية. وكانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي قد وقعا عام 1987، اتفاقية تتعهد بإزالة جميع الصواريخ التقليدية والنووية قصيرة ومتوسطة المدى إلى جانب منصات إطلاقها. وقال ستولتنبرغ «أصبحت هذه المعاهدة الآن في خطر بسبب تصرفات روسيا». واتهمت الولايات المتحدة في مارس (آذار) الماضي روسيا بانتهاك معاهدة «القوات النووية متوسطة المدى»، بعد أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التوصل إلى صاروخ عابر للقارات وطوربيد «لا يقهران»، وتنفي موسكو أن هذا السلاح يخرق المعاهدة. وأوضح ستولتنبرغ قائلاً، إن «روسيا لم تقدم أي إجابات موثوق فيها حول هذا الصاروخ الجديد، ويجمع كل الحلفاء على أن التقييم الأكثر مصداقية هو أن روسيا تنتهك المعاهدة». وأضاف، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية «بالتالي يصبح من العاجل أن تعالج روسيا هذه المخاوف بطريقة تتسم بالوجاهة والمعقولية والشفافية». ومن المتوقع أن تدرج هذه القضية في جدول أعمال اجتماع وزراء دفاع الناتو اليوم (الأربعاء) وغداً (الخميس). وحذرت سفيرة الولايات المتحدة لدى الناتو كاي هاتشيسون بأن الولايات المتحدة قد تضطر في النهاية إلى اتخاذ إجراء لإزالة التهديد الذي يشكله النظام الصاروخي الروسي الجديد. وقالت السفيرة «إن دفعهم إلى الانسحاب من المعاهدة قد يكون أحد خياراتنا». وأضافت هاتشيسون، أنه إذا وصلت روسيا لنقطة تصبح فيها قادرة على شن هجوم، «فإننا حينئذ قد نبحث عن القدرة لإسقاط أي صاروخ يمكنه ضرب أي من الدول الأعضاء في الحلف بأوروبا وأيضاً ضرب أميركا».
في سياق متصل، أكد وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة ستبرهن على «تصميم ثابت لا يتزعزع» إزاء التزامها بحلف شمال الأطلسي، خلال مؤتمر صحافي مع نظيرته الفرنسية فلورانس بارلي في باريس. قال ماتيس في ختام لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، إن «الولايات المتحدة برهنت أنها تواصل التعبير عن تصميم ثابت لا يتزعزع إزاء التزامها داخل الحلف الأطلسي. الأفعال أقوى من الأقوال». وتأتي تصريحاته قبل انعقاد اجتماع لوزراء دول الحلف في بروكسل، وبعد أن انتقد الرئيس دونالد ترمب الدول الحليفة التي اتهمها بأنها لا تنفق ما يكفي على الدفاع. وكانت الدول الـ29 الأعضاء في الحلف تعهدت في 2014 تخصيص 2 في المائة من إجمالي ناتجها الداخلي لنفقات الدفاع بحلول 2024، لكن نحو 15 دولة بينها ألمانيا، وكندا، وإيطاليا، وإسبانيا، وبلجيكا لا تزال بعيدة جداً عن الهدف مع المساهمة بأقل من 1.4 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي للدفاع عام 2018. ويقول بعضها، إنه غير قادر على احترام تعهداته في 2024 بسبب ضوابط في الموازنة. من جهتها، أكدت بارلي أن «حلف الأطلسي يشكل أساس دفاعنا الجماعي. إن الولايات المتحدة تجعل من تقاسم العبء أولوية، وهي أيضاً أولوية فرنسية»، معتبرة أن «أوروبا ليست جزءاً من المشكلة وإنما جزء من الحل». وبعد باريس يشارك ماتيس الأربعاء والخميس في بروكسل في اجتماع الحلف في بروكسل.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».