موسكو تنشّط تحركات قواتها في سوريا بعد قرار تزويد دمشق «إس 300»

TT

موسكو تنشّط تحركات قواتها في سوريا بعد قرار تزويد دمشق «إس 300»

برزت مؤشرات إلى تنشيط التحركات العسكرية الروسية في سوريا، بعد قرار تعزيز القدرات الدفاعية للمنشآت وتزويد دمشق بأنظمة صواريخ «إس300». وسجلت تحركات مكثفة لطائرات ضخمة وسفن الشحن العسكري، وسط تأكيدات على نقل جزء كبير من التقنيات التي أعلنت موسكو إرسالها إلى سوريا.
والتزمت وزارة الدفاع الروسية، أمس، الصمت حيال أنباء تناقلتها وسائل إعلام غربية، تحدثت عن قيام طائرات نقل عملاقة من طراز «أنطونوف124» برحلات عدة إلى قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية. ولفتت مواقع إلكترونية متخصصة برصد الحركة الجوية، بأن نشاطاً زائداً لوحظ منذ الخميس الماضي، أي بعد إعلان وزارة الدفاع الروسية بدء تنفيذ القرارات التي اتخذتها موسكو بشأن نقل تقنيات عسكرية إلى سوريا، بينها منظومات «إس300» قالت موسكو، إنها ستزود بها الجيش السوري. وأفادت أمس بأنها «رصدت الليلة الماضية (قبل الماضية) سادس طائرة من هذا الطراز تهبط في القاعدة». مشيرة إلى أن الطائرات الروسية تتبع مساراً يشتمل التحليق فوق بحر قزوين وفوق أراضي إيران والعراق.
كما لفتت إلى أن سفينة الشحن العملاقة «سبارتا3» رست الأحد في القاعدة البحرية الروسية في طرطوس واقتربت من المنطقة كذلك، سفينة الإنزال الكبيرة «نيقولاي فيلتشنكوف» التابعة لأسطول البحر الأسود الروسي.
ولم يستبعد خبراء عسكريون روس، أن تكون موسكو استكملت إرسال التقنيات المكونة لمنصات صواريخ «إس300» وتقنيات أخرى متخصصة بعمليات التشويش الإلكتروني إلى الأراضي السورية، علماً بأن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان أعلن خلال كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام، أن بلاده بدأت تنفيذ وعودها بإرسال الصواريخ والتقنيات العسكرية إلى سوريا. وكانت موسكو أعلنت نيتها إرسال أجهزة تشويش كهرومغناطيسية قالت، إنها ستنشر على طول السواحل السورية، فضلاً عن رادارات متطورة وأنظمة تحكم ورصد تعهدت بتسليمها إلى الجيش السوري، بالإضافة إلى إعلانها قرار تزويد دمشق بأنظمة «إس300» المتطورة.
وجاء أمس، تأكيد مسؤول في شركة تقنيات عسكرية روسية عن قرب البدء بتجربة «أسلحة كهروطيسية» في الظروف الميدانية في سوريا، ليؤكد المعطيات عن إتمام عمليات الشحن واسعة النطاق. وقال فلاديمير ميخييف، المستشار في مجمع «راديو إلكترونيكس تكنولوجي» الصناعي العسكري الروسي، إن «أنظمة الأسلحة الكهرطيسية صارت حقيقة ماثلة في روسيا، وتخضع للتطوير المستمر».
وزا: «يجري اختبار هذا النوع من السلاح بشكل مستمر في المختبرات وفي ميادين التدريب، بالتزامن مع برامج لتطوير أنظمة الحماية من الأسلحة الكهرطيسية»، لافتاً إلى أن هذه ستكون المرة الأولى التي تجرب فيها هذه الطرازات المتطورة من الأسلحة في ظروف ميدانية حقيقية.
وأشار رئيس تحرير مجلة «ترسانة الوطن» الروسية فيكتور موراخوفسكي، إلى أن هذه الأسلحة ستدخل قريباً الخدمة العملية في روسيا؛ ما يعني أن تجربتها في سوريا تشكل الحلقة النهائية قبل تسليمها بداية العام المقبل إلى وحدات الجيش الروسي. موضحاً أن الأسلحة مضادة للدرونات وتعمل بالوميض الكهرطيسي، وقال إنها «سوف تستخدم في سوريا، للدفاع الجوي في قاعدة حميميم».
إلى ذلك، أعلن الأسطول الروسي أن سفينتي «غراد سفياجيسك»، و«فيليكي أوستيوغ» المزودتين بصواريخ «كاليبر» الدقيقة غادرتا البحر المتوسط، بعد مناورات لهما هناك استمرت منذ يونيو (حزيران) الماضي.
وذكر مصدر في الأسطول الروسي، أنهما أنجزتا مهامهما ضمن المجموعة البحرية الروسية في المتوسط، وغادرتا عبر مضيقي الدردنيل والبوسفور.
وأشار المصدر، إلى أنهما شاركتا في مناورات المتوسط إلى جانب سفن من مختلف الأساطيل الروسية. وذكر أن البحرية الروسية تمتلك 6 سفن صاروخية من هذا الطراز، وشارك بعضها في قصف مواقع في سوريا.
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن معبر القنيطرة جاهز للافتتاح من الطرف السوري بعد سنوات من إغلاقه بسبب ظروف الحرب. وقال نائب قائد مجموعة القوات الروسية، الفريق سيرغي كورالينكو في سوريا، إن «المعبر الحدودي جاهز، وعلى استعداد لبدء العمل، وهذا الأمر سبقه الكثير من العمل نفذته قوات الجيش بدعم من القوات الروسية، سبقه دحر الإرهابيين من المنطقة». وكان وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أعلن قبل أيام، أن تل أبيب مستعدة لفتح معبر القنيطرة. وزاد أن «الكرة موجودة الآن في الملعب السوري».
سياسياً، أفاد بيان أصدرته الخارجية الروسية بأن نائب وزير الخارجية والمبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، أجرى جولة محادثات مع رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة، نصر الحريري، تركزت على الوضع في إدلب.
وناقش الجانبان، وفقاً للبيان الروسي «الوضع في إدلب على خلفية التفاهمات الروسية - التركية، ومسائل تفعيل التسوية السياسية للأزمة السورية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.