أميركا الشمالية تودع «نافتا» وتتفق على «يوسمكا» في «الوقت القاتل»

إشادة بقدرة ترمب على عقد الصفقات... وانتقادات «متفهمة» لتنازلات ترودو «التكتيكية»

صورة أرشيفية تجمع وزير الاقتصاد المكسيكي ووزيرة خارجية كندا وممثل التجارة الأميركي  على هامش مؤتمر في المكسيك في مارس الماضي (رويترز)
صورة أرشيفية تجمع وزير الاقتصاد المكسيكي ووزيرة خارجية كندا وممثل التجارة الأميركي على هامش مؤتمر في المكسيك في مارس الماضي (رويترز)
TT

أميركا الشمالية تودع «نافتا» وتتفق على «يوسمكا» في «الوقت القاتل»

صورة أرشيفية تجمع وزير الاقتصاد المكسيكي ووزيرة خارجية كندا وممثل التجارة الأميركي  على هامش مؤتمر في المكسيك في مارس الماضي (رويترز)
صورة أرشيفية تجمع وزير الاقتصاد المكسيكي ووزيرة خارجية كندا وممثل التجارة الأميركي على هامش مؤتمر في المكسيك في مارس الماضي (رويترز)

في خطوة مثيرة، وقبل 90 دقيقة فقط من انتهاء مهلة التفاوض، ودَّع العالم، فجر أمس، اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية «نافتا» بصيغتها القديمة المنبثقة عن ميثاق عام 1994، التي نظمت ما يقرب من 1.2 تريليون دولار من التجارة بين الدول الثلاث خلال العقدين ونصف العقد الماضية. وبعد أكثر من عام من المفاوضات المكثفة، توصلت الولايات المتحدة وكندا والمكسيك «بشق الأنفس» إلى اتفاق لتحديث اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، اصطلح على تسميته «يوسمكا» (USMCA)، وهي الأحرف الرمزية الأولى للدول الثلاث.
ورحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس بالاتفاق، ووصفه بأنه «رائع للجميع»، وقال أمس إنه سيوقع الاتفاقية في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، مشددا على فكرة زيادة معدلات التشغيل للأميركيين... ولم يفُتْ ترمب الفرصة للحديث عن الصين، قائلا فيما يشبه التحذير إنه من المبكر الحديث الآن عن عقد مباحثات مع بكين لحل أزمة الخلافات التجارية.
وفي تغريدات له أمس، قال ترمب: «الاتفاق رائع للدول الثلاث يصحح عيوب وأخطاء (اتفاق نافتا)... ويفتح أسواقاً لمزارعينا ومصنِّعينا، وفي الوقت ذاته يقلل العوائق التجارية. وسيجمع الدول العظمية الثلاث في منافسة مع باقي العالم. الاتفاق هو تحول تاريخي». ولن يتم تنفيذ الاتفاقية الجديدة على الفور، فلن تبدأ معظم الأحكام الرئيسية حتى عام 2020 لأن زعماء الدول الثلاث يجب أن يوقعوا عليها، ومن ثم يتعين على الكونغرس والمجالس التشريعية في الدول الثلاث الموافقة عليها، وهي عملية في حد ذاتها تستغرق عدة شهور.
وخلال المفاوضات الشاقة مع كندا، بدت قدرات الرئيس الأميركي، كـ«رجل أعمال» ناجح، أثبت قدرته على التفاوض طويل الأجل، إلا أنه وصل لمبتغاه في النهاية... على العكس يرى المعلقون الكنديون أن رئيس وزرائهم جاستين ترودو كان يفتقر إلى أوراق التفاوض الكافية، وفي محاولة منه لتجنُّب حرب تجارية كارثية في أميركا الشمالية والخروج خالي الوفاض، فإنه قدم تنازلات خلال إبرام الاتفاق.
ورغم ذلك، فإن البعض يرى أن هذه التنازلات الكندية لن تؤثر بشكل جدي على الاقتصاد الكندي، وقال ديكنسون كلارك، وهو محامٍ تجاري في مكتب «رايت للقضايا التجارية الدولية» لـ«الشرق الأوسط»، إنه «تنازل سياسي».
أبرز الفروق بين الاتفاقيتين
وعن التغيرات في الاتفاقية الجديدة، أصابت التغيرات الخاصة بالسيارات الهدف من الصفقة الجديدة، وهو الحصول على المزيد من السيارات وقطع غيار الشاحنات المصنوعة في أميركا الشمالية، بدءاً من عام 2020 للتأهل للحصول على تعريفة صفرية، ويجب أن تحتوي السيارة أو الشاحنة على 75 في المائة من مكوناتها المصنعة في كندا أو المكسيك أو الولايات المتحدة، وهو ما يمثل رفعة كبيرة عن المتطلبات الحالية البالغة 62.5 في المائة، فضلاً عن رفع نسبة العمل على السيارة أو الشاحنة إلى 40 في المائة من فترة تصنيعها، من 30 في المائة سابقاً... إضافة إلى مساواة ساعات العمل، وهو مكسب للعاملين الأميركيين والكنديين على وجه الخصوص الذين يكسبون ما لا يقل عن 16 دولاراً للساعة، أو ثلاثة أضعاف ما يحققه العامل المعتاد في المكسيك، أي أنه عند مساواة العاملين في هذه البلدان لن يكون هناك أفضلية للتصنيع خارج الولايات المتحدة.
ويرى خبراء أن هذه القواعد الجديدة ستساعد بعض العمال في أميركا الشمالية على كسب مزيد من المال مقابل مزيد من العمل، لكنهم يحذرون من تأثر حركة تصدير السيارات المصنعة في أميركا الشمالية، خصوصاً الصغيرة منها، لأنها ستكون باهظة الثمن في ظل المتطلبات الجديدة.
وفاز ترمب بعقد صفقة موفقة للولايات المتحدة مع فتح كندا سوق الألبان لمزارعي الولايات المتحدة، على الرغم من النظام الصارم والمعقد الذي تطبقه كندا لضمان عدم إفلاس مزارعيها أمام استيراد منتجات مشابهة. وعلَّل خبراء أن على الوجه الآخر انتصرت أوتاوا للنزاع في الفصل 19، رغم دفع الجانب الأميركي بقوة لإزالة هذا الفصل بالتحديد.
ويتيح الفصل 19 لكل من كندا والمكسيك والولايات المتحدة مكافحة الإغراق وفرض الرسوم التعويضية الأخرى في حال تم الاحتياج إليها أمام هيئة من الممثلين من كل بلد.
وظلت تعريفات الصلب التي فرضها ترمب دون تغير، بينما أرادت كندا أن توقف تعريفة الصلب الكندي بنحو 25 في المائة، ولا يزال البلدان يناقشان رفع هذه التعريفات، لكن أحد كبار المسؤولين في البيت الأبيض قال يوم الأحد إن هذه العملية تتم على «مسار منفصل تماماً»، فيما وصف ترودو تعريفات الصلب بأنها «مهينة وغير مقبولة» لأن الدولتين حليفتان وثيقتان.
وقدمت الاتفاقية الجديدة عدداً من التحسينات المهمة للوائح البيئية وأنظمة العمل، خصوصاً فيما يتعلق بالمكسيك، فضلاً عن حماية الملكية الفكرية بشكل أكبر صرامة لبراءات الاختراع والعلامات التجارية، بما في ذلك التكنولوجيا الحيوية والخدمات المالية.
ترحيب متبادل
وأعلنت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند والممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر في بيان مشترك أن «كندا والولايات المتحدة توصلتا إلى اتفاق مبدئي يتلاءم مع واقع القرن الحادي والعشرين». وقال البيان إن «الاتفاقية الاقتصادية الأميركية - المكسيكية - الكندية» البديلة لـ«نافتا»... «ستسمح بجعل الأسواق أكثر حرية والتجارة أكثر عدلاً وبنمو اقتصادي متين لمنطقتنا».
وصدر البيان المشترك قبل تسعين دقيقة فقط من انتهاء مهلة فرضتها الولايات المتحدة للتوصل إلى ضم كندا لاتفاق كانت واشنطن توصلت إليه مع مكسيكو. وأكد لايتهايزر وفريلاند أن الاتفاقية «ستعزز الطبقة الوسطى وستسمح بإحداث وظائف برواتب جيدة، وفرص جديدة لأكثر من 500 مليون شخص يعيشون في أميركا الشمالية».
وتم التوصل إلى الاتفاق بعد مفاوضات شاقة استمرت منذ مطلع سبتمبر (أيلول).
وتوصلت الولايات المتحدة والمكسيك بعد مفاوضات استغرقت أسابيع إلى اتفاق أعلن في نهاية أغسطس (آب).
وكان الرئيس الأميركي فرض إعادة التفاوض حول «اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية» (نافتا) التي طبقت بين الدول الثلاث على مدى 24 عاما. والمفاوضات التي تكثّفت نهاية الأسبوع جرت هذه المرة عن بعد. وقد شكرت وزيرة الخارجية الكندية والممثل التجاري الأميركي وزير الاقتصاد المكسيكي إيلديفونسو غواخاردو «لتعاونه الوثيق طوال الأشهر الـ13 الأخيرة».
وأعلنت الحكومتان الأميركية والكندية: «نحن نتوق لتعزيز الروابط الاقتصادية الوثيقة التي تجمعنا مع دخول الاتفاقية الجديدة حيّز التنفيذ».
ساعات حرجة
ويأتي الاتفاق قبل ساعات من توجه سكان مقاطعة كيبك البالغ عددهم نحو ثمانية ملايين لصناديق الاقتراع في انتخابات تشريعية محلية تشكل اختبارا لترودو. وقد يخسر الحزب الليبرالي الحاكم منذ 15 عاما هذه الانتخابات أمام «تحالف مستقبل كيبك».
وأرسل نص الاتفاق إلى الكونغرس الأميركي مساء الأحد فور التوصل إليه. وهذا يسمح باحترام مهلة الستين يوما التي يفرضها القانون قبل توقيع الوثيقة في نهاية نوفمبر من قبل ترمب وترودو والرئيس المكسيكي المنتهية ولايته إنريكي بينيا نييتو. ويتعين إقرار الاتفاقية التجارية الجديدة من قبل النواب الأميركيين والكنديين والمكسيكيين لتصبح نافذة.
ورحَّب خيسوس سيادي المستشار الاقتصادي للرئيس المنتخب أندريس مانويل لوبيز أوبرادور بالاتفاق، معتبراً أنه «يمنع التفتت التجاري للمنطقة». وقال إن «(نافتا - 2) سيقدم الأمن والاستقرار لتجارة المكسيك مع شريكتيها في أميركا الشمالية». كذلك رحّب وزير الخارجية المكسيكي لويس فيديغاراي بالاتفاق عبر «تويتر» حيث كتب: «إنها ليلة جيدة للمكسيك ولأميركا الشمالية».



رئيس الإمارات يوافق على تشكيل مجلس إدارة ذراع الاستثمار العالمية لـ«أدنوك»

منظر عام لمقر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في أبوظبي (رويترز)
منظر عام لمقر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في أبوظبي (رويترز)
TT

رئيس الإمارات يوافق على تشكيل مجلس إدارة ذراع الاستثمار العالمية لـ«أدنوك»

منظر عام لمقر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في أبوظبي (رويترز)
منظر عام لمقر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في أبوظبي (رويترز)

وافق رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تشكيل مجلس إدارة شركة «إكس آر جي (XRG)»، الذراع الاستثمارية الدولية الجديدة لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) العملاقة للنفط، منهم جون غراي من «بلاكستون» وبرنارد لوني الرئيس السابق لشركة «بريتيش بتروليوم (BP)»، حسبما أعلنت «أدنوك»، يوم الخميس.

وكانت شركة بترول أبوظبي الوطنية قد أعلنت، الشهر الماضي، عن تأسيس شركة «إكس آر جي»، وقالت إن قيمتها تزيد على 80 مليار دولار وستركز على الطاقة منخفضة الكربون، بما في ذلك الغاز والكيماويات.

وقد تم تعيين سلطان الجابر، الرئيس التنفيذي لشركة «أدنوك»، رئيساً تنفيذياً لشركة «إكس آر جي».

وبالإضافة إلى غراي ولوني، ضم مجلس الإدارة أيضاً الملياردير المصري ناصف ساويرس، ووزير الاستثمار الإماراتي والرئيس التنفيذي لصندوق الثروة السيادي في أبوظبي محمد حسن السويدي، ورئيس مكتب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة للشؤون الاستراتيجية أحمد مبارك المزروعي، وجاسم الزعابي، رئيس دائرة المالية في أبوظبي وشركة الاتصالات «إي آند».

وقد أبرمت «أدنوك» سلسلة من الصفقات في مجال الغاز والغاز الطبيعي المسال والكيميائيات، التي تعتبرها ركائز لنموها المستقبلي إلى جانب مصادر الطاقة المتجددة. كما قامت شركة «مصدر» الإماراتية المملوكة للدولة في مجال الطاقة المتجددة، التي تمتلك «أدنوك» 24 في المائة من أسهمها، بالعديد من عمليات الاستحواذ.

فقد أبرمت «أدنوك» صفقة في أكتوبر (تشرين الأول) لشراء شركة «كوفيسترو» الألمانية لصناعة الكيميائيات مقابل 16.3 مليار دولار، بما في ذلك الديون. وقالت «كوفيسترو»، الشهر الماضي، إن مجلس إدارتها ومجالسها الإشرافية أيّدت عرض الاستحواذ، الذي سيكون إحدى كبرى عمليات الاستحواذ الأجنبية من قبل دولة خليجية وأكبر استحواذ لـ«أدنوك».

ويشير تعيين أسماء مشهورة من عالم المال والطاقة في مجلس إدارة مجموعة «إكس آر جي» إلى طموحاتها الكبيرة، في الوقت الذي تسعى فيه «أدنوك» إلى تنفيذ استراتيجيتها القوية للنمو.